«الداخلية» تعتبره ظاهرة عامة.. وتؤكد عدم التساهل مع المخالفين
الجهل بالقوانين يورّط أشـخاصاً في قضايا ومخالفات جســيمة
رصدت وزارة الداخلية تورط العديد من الأفراد في قضايا ومخالفات متنوعة بسبب عدم درايتهم بالقانون، أو العقوبة المترتبة على أفعالهم التي كانوا يعتقدون أنها لا تشكل جريمة أساساً لأنهم اعتادوا ممارستها في حياتهم اليومية.
الجهل بالقانون أكدت المحكمة الاتحادية العليا في حيثيات بعض القضايا السابقة، التي دافع فيها المتهمون عن أنفسهم على سند جهلهم بالقانون، أن "العلم بالقانون وفهم وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة، وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في بعض الأحيان، بيد أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة الجموع". وأكدت على قاعدة قانونية مفادها أن "المقرر فقها وقضاء أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا يعدم القصد الجنائي". تبسيط القوانين أصدر مكتب ثقافة احترام القانون عددا من الكتب ضمن مبادراته النوعية في تبسيط مواد القانون بلغات مختلفة بهدف رفع مستوى الوعي القانوني لأفراد المجتمع ومنها كتيب قانوني بعنوان «محاكمة سيجارة»، استعرض فيها الحقائق القانونية التي تضمنتها التشريعات المعمول بها في الإمارات، والتي تسعى إلى مكافحة هذه الآفة التي تضعف المجتمعات وتستهلك خيراتها. وبين المكتب أن كثيراً من الأشخاص في الدولة ليس لديهم أدنى فكرة عن تفاصيل هذا القانون وجسامة العقوبات التي تضمنها لبعض المخالفات، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الحبس والغرامة التي تصل إلى مليون درهم في بعض الأحيان. كما أصدر كتيب قانوني، بجميع اللغات بمناسبة استضافة العاصمة لبطولة كأس العالم السابعة للأندية أخيراً، يتناول فيها أهم الأحكام القانونية التي تنظم سلوك الجماهير داخل الملاعب، مع التركيز على الجانب الأخلاقي للممارسات الرياضية، بغية رفع الوعي المجتمعي بالقوانين التي تهدف إلى حفظ أمن الملاعب، وتأمين سلامة الجمهور. وأصدر أيضا، أول كتاب جيب للعامل، بست لغات بغية التعريف بمفهوم حقوق وواجبات العامل، وكتيب قانوني بعدة لغات بعنوان "القانون في مواجهة المخدرات" بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، تناول فيه كافة الأشكال المجرّمة للتعامل مع المواد المخدرة. |
وأكدت أن الجهل بالقانون يمثل ظاهرة عامة بين أفراد المجتمع، لا سيما أن الدولة حاضنة لأكثر من 200 جنسية تحمل في أذهانها مرجعيات ثقافية وقانونية مختلفة، مشددة على أنه لا عذر للجهل بالقانون ولا تساهل مع أي مخالف لحظة توافر شروط محاسبته.
وأكدت حرصها على تثقيف وتوعية شرائح المجتمع المختلفة بالقانون بأنواعه كافة لحمايتهم من الوقوع في العقبات الناجمة عن الجهل بالقانون، ما يتناغم مع السياسة الجنائية الوقائية التي تنتهجها الوزارة في مكافحة الجريمة.
وتفصيلاً، قال مدير مكتب ثقافة احترام القانون في الأمانة العامة لمكتب سمو نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، المقدم الدكتور صلاح الغول، لـ"الإمارات اليوم" أن الجهل بالقانون أحد أسباب تورط عديد من الأفراد في مخالفات قانونية، عازياً السبب إلى ضعف الثقافة القانونية لدى معظم الأفراد، الذين يرون أن معرفة القانون من اختصاص رجال القانون وخبرائه العاملين في هذا المجال، مع أن القانون هو الأداة التي تنظم حياة الفرد منذ ولادته حتى مماته، فالقانون لا يشمل الجانب الجزائي الذي يمثل موقف المجتمع من كل من يرتكب سلوكاً ينتهك فيه الحقوق والمصالح المحمية لكل أفراد المجتمع، بل يشمل جانباً مدنياً يتناول الحقوق والالتزامات المحددة للأفراد في معاملاتهم المدنية والتجارية.
وقال الغول إن الجهل بالقانون ظاهرة عامة على جميع المستويات الحقوقية والجزائية، وهو أمر يعدّ في غاية الخطورة لأنه يشكل عبئاً على الفرد يكمن في إمكانية تعرضه للمساءلة القانونية في أية لحظة يرتكب فيها أمراً مخالفا للقانون عن عدم دراية، كما يشكل عبئاً على القائمين بتطبيق القانون وتنفيذه على الجميع، وبالتالي معاقبة المخالفين حسب ما تم تحديده من قبل المشرّع.
ونوه الغول، بأن الدولة أخذت الريادة والأسبقية في تبنيها، قاعدة قانونية تقضي بأن "لا عذر للجهل بالقانون"، أي أنها تصدر التشريعات عبر القنوات القانونية المحددة فيها ثم تنتقل بشكل تلقائي إلى مرحلة تنفيذ هذه القوانين بمجرد صدورها والإعلان عنها، ومن ثم يتوجب على كل شخص أن يكون على دراية بالقوانين والأنظمة السارية، ولذلك تم إنشاء مكتب ثقافة احترام القانون، حيث تجلت الرؤية الثاقبة للقيادة الشرطية التي رأت ضرورة عدم الاكتفاء بهذه القاعدة خاصة إذا تعلق الأمر بالذين لم ينالوا قسطاً وافياً من التعليم والمعرفة، لا سيما أن الدولة حاضنة لما يزيد على 200 جنسية تحمل في أذهانها مرجعيات ثقافية وقانونية مختلفة، ما استوجب اتخاذ خطوة إضافية للوصول إلى الجمهور في الدولة أينما كانوا لتثقيفهم وتوعيتهم بالقانون بأنواعه كافة لحمايتهم من الوقوع في العقبات الناجمة عن الجهل بالقانون، ما يتناغم مع السياسة الجنائية الوقائية التي تنتهجها الوزارة في مكافحة الجريمة.
وأشار إلى أنه من واقع التجربة في برامج التوعية التي ينفذها مكتب ثقافة احترام القانون، للعديد من الفئات المستهدفة كمنتسبي وزارة الداخلية أو الأفراد العاديين، من طلاب وموظفين ومربين، أو مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، نلاحظ أن معظم المخاطبين يتفاجأ بالموقف التشريعي من بعض السلوكيات العادية في نظرهم، بحيث لا يعتقدون أن هذا الفعل يشكّل جريمة أساساً لأنهم اعتادوا ممارسته في حياتهم اليومية أو أنهم يعرفون بتجريمه ولكنهم لا يعتقدون أن العقوبة المقررة في القانون قد تصل إلى هذه الجسامة الرادعة.
ولفت على سبيل المثال إلى أن البعض لا يعتقد أن مجرد حيازة مادة مخدرة مثل الحشيش دون قصد تعاطيها قد تكلفه من 10 إلى 15 سنة من حياته وراء القضبان، كما لا يدرك معظمهم أن نشر صور الآخرين دون رضاهم يعدّ انتهاكاً لخصوصيتهم التي حماها القانون، وفرض على من ينتهكها غرامة تتراوح بين 150 ألف درهم ونصف مليون درهم.
ونصح المقدم الدكتور صلاح الغول، الأفراد كافة بأن لا يتعاملوا مع القانون بتساهل أو استخفاف حيث إن اعتياد مخالفة القوانين لا يعني أبداً أن هذه المخالفة أصبحت مباحة، وأن مخالفة القانون لا تصبح قط عرفاً مستقراً يبيح للأفراد استنباط الحجة على سلوكهم المخالف للقانون، فكون أصدقاء الشخص ومعارفه اعتادوا المخالفة لا يعني أنه من مستبعد من دائرة المساءلة القانونية ليصبح بين ليلة وضحاها وراء القضبان بعد اعتياد طويل من مخالفة القانون، فلا يمكن للدولة ان تضع رقيباً على كل فرد لكنها لا تتساهل مع أي مخالف لحظة توافر شروط محاسبته.
وأعرب عن تطلع مكتب ثقافة القانون إلى أن يصبح احترام القانون جزءاً من ثقافة الأفراد يتبنونه كمبدأ ويمارسونه كفعل يومي، لافتا إلى أن هذا الأمر لا يتم إلا بتعزيز مستوى المعرفة القانونية ثم تبني مبادئها، فالفرد هو المستفيد الأول والأخير من هذه الثقافة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news