«الإمارات اليوم» تنشر تفاصيل «20 عاماً مناصحة»

مخططات «الإخوان» من «الاستقطاب» إلى «بيعة المرشد بالوكالة»

صورة

«وطن» أو «لا وطن»، كان دائماً عنوان الصراع بين الجماعات المتطرفة التكفيرية، والساسة من أصحاب الفكر الوسطي المعتدل، وإذ ظل هذا الصراع خلف الكواليس السياسية، ما بين شدّ وجذب، بعيداً عن عوام الناس ــ إلا ما ندر ــ إلا أنه سرعان ما انتقل إلى السطح، وبلغ ذروته مع وصول الجماعات الإسلامية إلى سُدة الحكم في بلدان عربية، في أعقاب ما سمي بـ«الربيع العربي».

هذا التصاعد في الأحداث، دفع منتمين إلى جماعة الإخوان في الدولة، العام الماضي، إلى محاولة قلب نظام الحكم، حسب ما عرف بقضية «التنظيم السري»، ومع تطور الأوضاع في المنطقة والسقوط المدوي للجماعة في مصر، وما تلاه من صدامات مسلحة مع تنظيمات وخلايا «خرجت من عباءتها بمسميات مختلفة»، أبرزها «تنظيم داعش» ــ حسب محللين ــ أصدرت الدولة قانوناً اتحادياً لمكافحة الإرهاب، وأعلنت قائمة بالمنظمات الإرهابية ضمت جماعة الإخوان، و82 منظمة أخرى، ودخلت في التحالف الدولي لمحاربة «داعش».

لكن قبل الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الدولة، ما الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة الجماعات المتطرفة التي زحفت إلى الأوساط الشبابية، لتعبث بأفكارهم، وتهدم فكرة الانتماء إلى الأرض والهوية الوطنية، ليصبح ولاؤهم الوحيد لـ«مرشد الإخوان»؟ وماذا عن تحولها من مواجهة «العقل» إلى «القضاء» داخلياً، و«السلاح» خارجياً؟ وما الإجراءات التي اتخذتها دفاعاً عن قيم الاعتدال والوسطية ومبادئ الحداثة والتنمية؟

«الإمارات اليوم»، تفتح هذا الملف، وتنشر في ثلاث حلقات، تفاصيل 20 عاماً من المناصحة غير المعلنة، يرويها مسؤولون في مناصب وزارية مختلفة، وأساتذة في العلوم السياسية، وفقهاء وأكاديميون وقادة عسكريون، في محاولة لتوثيق «نهج الإمارات الوسطي» في مواجهة التطرف الفكري، ودعم مبادئ الاعتدال والتسامح، وصولاً إلى خطط الحكومة لتحصين الأجيال الجديدة من الوقوع مرة أخرى في براثن قوى الهمجية والتطرف والعنف.


إذ تتسم الجماعات الإرهابية بالسرية التامة في تحركاتها، كان علينا تتبع الخيط من بدايته، عن طريق أشخاص انضموا إليها، وظلوا سنوات أعضاء فاعلين، حتى آتت المناصحة ثمارها بالتوبة.

نايف الشحي، انضم عندما كان في الرابعة عشر من عمره إلى جمعية «الإصلاح والتوجيه الاجتماعي» في العام 2007، بحثاً عن روحانية دينية تتجسد في أعمال إنسانية وخيرية، لكن مع مرور بضع سنوات، اكتشف أنها تبطن أهدافاً غير التي تظهرها، وأنها ليست إلا ذراعاً لجماعة «الإخوان»، يهدف إلى زعزعة استقرار البلاد، وقلب نظام الحكم بطرق غير سلمية.

تم ذلك في الوقت الذي كانت فيه قيادات الدولة تجري حلقات مناصحة لحماية الشباب من الفكر المتطرف، مغبة الانخراط في تنظيمات تعمل ضد مصلحة البلاد.

دراسة: محاربة التطرف الديني أبرز تحديات العالم الإسلامي

كشفت دراسة ميدانية أشرف عليها مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الدكتور جمال سند السويدي، حول توجهات الرأي العام في الدولة، ومواقفه من الجماعات الدينية السياسية، أن محاربة التطرف الديني من أبرز التحديات التي تواجه العالمين العربي والإسلامي. وقال السويدي لـ«الإمارات اليوم»، إن معظم أفراد عينة الدراسة (شملت مواطنين وعرباً مقيمين في الدولة)، يعتبرون أنفسهم متدينين، ويرون وجوب ألا يكون لرجال الدين نفوذ على قرارات الحكومات، كما يؤيدون فصل الدين عن الحياة السياسية، كما رأوا أن تجربة الجماعات الدينية السياسية في بعض البلدان العربية والإسلامية في الحكم كانت فاشلة، ولم تستوعب أولويات مجتمعاتها، كما لم تفطن إلى مغزى التدين الفطري في تلك المجتمعات.


قرقاش: فكر «الإخوان» أفرز «داعش»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2413565.jpeg

قال وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور محمد قرقاش، إن «الوعاء الفكري للتطرف والإرهاب واحد ومشترك، والأسس الفكرية التي قامت عليها جماعة الإخوان، هي نفسها التي قامت عليها مختلف الجماعات التكفيرية المتطرفة، ومن هذا المنطلق، فإن الفكر الإخواني ودعوات تكفير المجتمعات المسلمة أفرز تنظيم (داعش) الإرهابي.

وأضاف قرقاش، لـ«الإمارات اليوم»، أن «(داعش) انطلق من رموز إخوانية، ونرى من خلال الممارسة أن المساحة الرمادية تتقلص حين تأتي المواجهات وتتكشف الأقنعة»، مشيراً إلى أن «(الإخوان) لعبوا دوراً رئيساً وانتهازياً في الفوضى المصاحبة للربيع العربي، واعتقدوا أن هذه هي لحظتهم التاريخية، وكابروا تحت غطاء ديني لتحقيق أهداف سياسية، ومكاسب شخصية في الجاه والنفوذ والسلطة».

وتابع: «اعتمدوا في لحظتهم الانتهازية، وفي قفزهم إلى الكرسي، على قراءات غربية أن هذه هي لحظة (الإخوان)، ويرجع صعودهم وسقوطهم بهذه السرعة إلى انتهازيتهم».

وواصل: «بمجرد ما تمكنوا من الحكم، اكتشفنا أن رموزاً كثيرة تدعو إلى التطرف من خلال خطاب غوغائي وبرنامج حكم نخبوي وإقصائي، لا يتضمن محتوى اقتصادياً»، مضيفاً: «سعيهم نحو السلطة هو تحرك دون هدف محدد أو فهم أو إدراك لطبيعة المجتمعات، والحاجة الى إدارتها بأدوات وآليات حديثة».

وقال: «عند توليهم مقاليد المسؤولية، وجدنا أن التطرف في تلك المجتمعات استند إلى منصتهم، ورأينا كيف غابت ملفات مهمة، مثل (تمكين المرأة)، كما شاهدنا انتهاكهم السيادة الوطنية، وكل هذا أسهم في سقوط أقنعتهم ووضوح دورهم في تأجيج الفوضى المصاحبة للربيع العربي».


الخرباوي: بيعة «الإخوان» «خيانة عظمى»

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2413565.jpg

أكد القيادي المنشق عن جماعة الإخوان في مصر، مؤلف كتاب «أئمة الشر»، الدكتور ثروت الخرباوي، لـ«الإمارات اليوم»، أن «المناصحة التي تبنتها قيادات في الإمارات لم تلقَ قبولاً أو تأثيراً لدى عدد من منتسبي (الإخوان)، ما اضطر الدولة إلى اللجوء إلى الحل القضائي»، مشيراً إلى أن «الدولة انتبهت مبكراً لخطورة هذه الجماعة وعناصرها على الهوية الوطنية، وكانت أكبر المشكلات تتمثل في (البيعة) التي كانت تفرض على عناصر الجماعة السمع والطاعة للمرشد في مصر، في حين تعتبر مثل هذه البيعة بمثابة (خيانة عظمى)، على اعتبار أنها ينبغي أن تكون حصراً لولي الأمر، وهو رئيس الدولة، وليس شخصاً خارج الحدود لا يحمل أي صفة رسمية حتى في بلده».

وتابع: «أرغمت المناصحات المتكررة والمراجعات مع قيادات في الدولة، أعضاء جماعة الإخوان على إجراء تغيير تكتيكي في بيعتهم، إذ أجرت الجماعة في مصر بحوثاً فقهية توصلت من خلالها إلى إنابة أشخاص من الإمارات لتلقي البيعة، ومن ثم نقلها إلى المرشد في القاهرة، وهو ما عرف بـ(البيعة بالوكالة)».

وقال الخرباوي: «(إخوان الإمارات) اختلفوا عن نظرائهم من بعض الدول المجاورة، فكانوا يبايعون بيعتين وليس بيعة واحدة، كانت الأولى لقيادي في الكويت، إذ لم يكن التنظيم الأم في القاهرة يعتبر (إخوان الإمارات) بمثابة قُطر قائم بذاته لقلة عدد أعضائه، وبعد أن تتم ترقية العضو الجديد، يذهب إلى القاهرة ليبايع بيعة أخرى كانت تسمى (بيعة الترقي)».

وفي العام 2011، ترك الشحي «جمعية الإصلاح» من تلقاء نفسه، قبل أشهر من محاكمة أعضاء ما عرف إعلامياً بـ«التنظيم السري»، وذلك على خلفية إجرائه مراجعات فكرية ودينية مع أحد الفقهاء الإسلاميين من رأس الخيمة التي ينتمي إليها، وعدد من المقربين إليه ضمن دائرته الاجتماعية الضيقة.

 

«المناصحة»

حسب رئيس مركز المزماة للدراسات والبحوث، الدكتور سالم حميد، بدأت المناصحات في العام 1994، وتواصلت على مدار 20 عاماً، وكانت أجهزة الدولة تنظمها عبر مرجعيات سياسية ودينية إسلامية ومسؤولين، وقد بلغت ذروتها في الفترة بين العامين 2003 و2010، عندما طلبت الدولة من قيادات هذا التنظيم التبرؤ من (البيعة) لقيادته، وإعلان الولاء إلى القيادة والبنية السياسية الشرعية لدولة الإمارات.

وقال حميد إن «توجه الاستنصاح استند إلى إيمان القيادة بأن هؤلاء هم أبناء الوطن مهما حدث، ومن ثم ينبغي بذل مزيد من الجهود لإثنائهم عن تلك الأفكار الهدّامة، التي لا تنتمي إلى الأرض والهوية الوطنية، كما أن الفكر المتطرف ليس من سمات أبناء الإمارات، أو نهج الدولة المعروف عنه الاعتدال والوسطية».

وأضاف أن «العقد الأخير شهد إشارات تحذيرية مباشرة ومكثفة تم توجيهها إلى المنتمين إلى التنظيم السري، وطلبت منهم القيادة خلال أكثر من لقاء، التوقف عن التحريض ضد الدولة ورموزها، والعودة مرة أخرى إلى منظومة الوطن، لكن الطلب قوبل بالرفض، وأصروا على تبعيتهم لجماعة الإخوان».

وتابع أن «القيادة صبرت على معتنقي الفكر المتطرف سنوات عدة، حتى بدأت تتخذ على الأرض وضعاً مريباً، من خلال محاولة تأسيس ذراع عسكرية داخل الدولة، بالتوازي مع توجيههم انتقادات لاذعة إلى نظام الحكم بصورة علنية، ليس هذا فحسب، إنما أعلنوا ما سمّوها (وثيقة الإصلاح السياسي)، وتبع ذلك حالة عامة من التطاول على مؤسسات الدولة كافة، من أمن وقضاء وتعليم وسواها، بهدف تأليب الرأي العام وزعزعة الاستقرار».

وقال: «الدولة لا تحتاج إلى تغيير سياسي، لأن النظام الذي يوفر لشعبه بيئة عادلة، تضمن حقوقه كافة، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أوالإنسانية، ويوفر تعليماً جيداً، ومظلة طبية وعلاجية متقدمة، وخدمات حكومية رائدة ووظائف ودعماً للشباب في المشروعات الاقتصادية، لا يحتاج إلى تغيير، فضلاً عن أن المواطن الإماراتي يعيش حالة رفاهية لا نظير لها».

 

انقياد أعمى

جامعة الإمارات، التي تعد الأقدم في الدولة، كانت لها مواجهة مع الجماعات المتطرفة، التي حاولت بث الأفكار الهدامة بين الطلبة الأكاديميين، لاستقطابهم إلى تنظيمات سرية، ولعبت إدارة الجامعة دوراً فاعلاً في التصدي لتلك المحاولات.

وعن ذلك يقول مدير الجامعة، الدكتور علي راشد النعيمي، إن «الوقوف في وجه محاولات تفريخ جيل يحمل أفكاراً متطرفة، كان ضرورة ملحّة، لاسيما أعضاء التنظيم السري وأعوانهم وصولاً إلى مرحلة من الانقياد الأعمى وراء أفكار جماعة الإخوان، وكان ولاؤهم لمرشدهم خارج حدود الدولة، ما يوضح تراجع انتمائهم لوطنهم، ولذا اضطلعت أجهزة الدولة بدور توجيهي لمعتنقي هذه الأفكار ومروجيها من خلال رموز إسلامية، لكنهم أصرّوا على الاستمرار في طريقهم، وبدأوا مرحلة من الطعن في مسيرة الدولة ومنجزاتها الحضارية، بالتزامن مع ما سمي بـ(الربيع العربي)».

وكشف النعيمي، أن «مراحل الاستنصاح التي أجرتها القيادة، استمرت حتى اللحظات الأخيرة، أثناء المحاكمات القضائية، بأن دعتهم ولمرة أخيرة إلى التبرؤ من (البيعة الإخوانية)، والعودة إلى حضن الوطن، وأن الدولة على استعداد لطيّ صفحة الماضي معهم، لكنهم عاشوا حالة مكابرة وعناد، ما اقتضى التسليم بميزان العدالة».

وقال مدير عام مؤسسة القرآن الكريم في رأس الخيمة، أحمد الشحي، الذي أصدر كتاباً تحت عنوان «حوار هادئ مع إخواني»: «المشكلة حينما تتصادم أي مناصحة مع عدم وجود رغبة صادقة في التراجع والتصحيح من قبل المنصوح، والأسوأ أن تتم مقابلة النصح بالمراوغة والحيل والتلاعب بالكلمات والشعارات، وهذا ما فعله عناصر التنظيم، الذين دفعهم التعصب للتنظيم إلى التمادي في الخطأ، والاستمرار في استقطاب مزيد من الشباب، وانتهاج أساليب ملتوية لا تمت إلى الدين الحنيف بصلة، ولا تنفع المجتمع والوطن بشيء، بل تضرُّ وتؤذي».

وأضاف لـ«الإمارات اليوم»: «فسر الأعضاء تلك المناصحات بأنها ضعف من الدولة، ما دفعهم إلى التمادي والاستمرار في استقطاب مزيد من الشباب».

وأضاف: «كان أمراً طبيعياً أن ينكر بعض الأعضاء خلال التحقيقات انتماءهم للتنظيم، لأنه من الممكن أن يكون الشخص لا يعلم انتماءه الفعلي إلى التنظيم، لأن وضوح الانتماء يتطلب الترقي إلى درجة تنظيمية معينة يسبقها مرحلتي تهيئة وإعداد، وتعرف المرحلة الأولى بـ(الحاضنة العامة)، التي يتم فيها استقطاب الشباب بصورة مكثفة عبر الجمعية والأنشطة المختلفة، وقد تستمر لسنوات، إلى أن يترقى العضو إلى المرحلة الثانية وتعرف بـ(التمهيدية)، وخلال هاتين المرحلتين لا يُبلغ الشخص بأنه عنصر من جماعة الإخوان».

وتابع الشحي، أن «المرحلة الثالثة هي أخطر المراحل، ويتم فيها تصعيد الشخص إلى مستوى أعلى، بعد متابعة دقيقة لسلوكياته وتصرفاته، وخضوعه لاختبارات (ولاء)، أبرزها اختبار المعلومة المغلوطة التي تقال له، ويتم تتبعها في ما بعد، وإذا نجح في اختبار الكتمان والسرية، يتم تصعيده إلى مرحلة الترتيب في الخلايا، التي ينبغي على الشخص أن يعطي قبل الانضمام إليها (البيعة الإخوانية)، ويقرّ بمبدأ السمع والطاعة إلى مرشد الجماعة».

 

خطأ تكتيكي

تراجعت شعبية جماعة الإخوان في 11 دولة عربية، من 80% إلى 20% خلال الأعوام الثلاثة الماضية، بمقياس ما يعرف بـ«الباروميتر العربي»، حسب مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الدكتور جمال سند السويدي، الذي عزا ذلك إلى «ارتكاب الجماعة أكبر خطأ تكتيكي في مسيرتها، نسف نحو 85 عاماً من العمل السري، عندما ظنت أنها أكبر من إرادة الشعوب».

وقال السويدي إن «الجماعة اختطفت الدين الإسلامي، وعرفنا أعضاءها منذ زمن بعيد بأنهم (دراويش) ليس أكثر، بينما اتضحت نياتهم السيئة يوماً بعد يوم، وعندما امتدت أيديهم إلى العبث بعقول أبناء الدولة، حاولت القيادة إثناءهم عن ذلك، لكنهم ظنوا الحوار ضعفاً، وهنا ارتكبت جماعة الخطأ التكتيكي الذي أسفر عن هزيمتهم شعبياً وقضائياً في الدولة».

وأكد أن «الدولة استوعبت الصدام مع تنظيم الإخوان، كون مجتمعنا متديناً ومحافظاً، ويحب قيادته، كما أن انتباه الدولة بدأ مبكراً منذ تسعينات القرن الماضي، وكان على ثلاثة مستويات، دور العبادة، والمؤسسات التعليمية، والموقف السياسي الواضح، واليوم بات يقيناً أن على الإمارات وغيرها من البلدان العربية الانتباه إلى خطر التعليم والإعلام إذا ما تم استغلالهما بصورة سيئة لصالح مثل هذه التنظيمات».

وأشارإلى أن «عدد الذين خرجوا عن وحدة الأمة في الإمارات لم يتجاوز 2% من إجمالي تعداد الشعب، في دولة أنفقت خلال الأعوام الماضية ما يعادل 20% من ميزانيتها الاتحادية على دعم بلدان فقيرة، وإغاثة منكوبين ولاجئين ومحتاجين حول العالم، وهي قيمة تزيد أضعافاً على الزكاة المقررة شرعاً بـ2.5%، وتالياً لا يليق أن نجد ممارسات متطرفة على أرض دولة اتسع فضاؤها لاحتواء الجميع».

مرجعيات سياسية

 واعتبر مدير مركز جامعة الإمارات للسياسة العامة والقيادة، الدكتور عتيق جكة المنصوري، أن «الإمارات وأجهزتها الأمنية تنبأت مبكراً بخطورة هذه التنظيمات، إذ تحركت أعلى المرجعيات السياسية في الدولة في اتجاه المناصحة والاحتواء، ومنح (الإخوان) في الإمارات أكثر من فرصة للتراجع عن منهجهم وتنظيمهم، لكن دون جدوى، خصوصاً ممن كانوا مهووسين بما سمي بـ(الربيع العربي) آنذاك».

دولة قانون

وقال المحامي جاسم النقبي، الذي ترافع عن مواطنين متهمين في قضية «التنظيم السري»: «الإمارات دولة قانون، وتحترم حقوق المتهمين أمام منصات القضاء، ولم ألحظ شخصياً ضغوطاً مورست على الهيئة القضائية، والدليل على ذلك أنه على مدار سنوات ترافعتُ فيها في قضايا مماثلة، حصلت على عدد من أحكام البراءة لمتهمين في مثل هذا النوع من القضايا».

مناصحة بالقانون

ولم تتوقف جهود الدولة في المناصحة عند مبادرات القيادة أو رجال الدين والعلم، بل أنتج المجلس الوطني الاتحادي ــ ضمن تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب ــ في شهر أغسطس الماضي، نصاً يسمح للدولة بإنشاء «مراكز مناصحة» سيتم فيها التحفظ على الأشخاص الذين تم التغرير بهم، من خلال جماعات متطرفة ومنظمات إرهابية، إذ سيتم إخضاع الشخص لتدابير احترازية تستند إلى أحكام قضائية نهائية.

وحسب مقرر اللجنة التشريعية والقانونية في المجلس الوطني الاتحادي، سلطان جمعة الشامسي، فإن المواطنين والمقيمين، ينبغي عليهم كذلك الحذر من حيازة أشرطة ووسائل سمعية وبصرية تروّج للعنف، إذ يعاقب القانون بصورة رادعة كل من يحوزها أو يطلع الغير عليها».

وقال الشامسي، إن «مراكز المناصحة سيتم إنشاؤها بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وستضم أطباء نفسيين وأخصائيين اجتماعيين ووعاظاً وقاعات للتدريس، لإعادة تأهيل الأشخاص الذين كانوا سيقعون فرائس لمنظمات وجماعات إرهابية دولية».

تويتر