"نقض أبوظبي" تؤيد القصاص على شاب قتل خمسينياً بسبب خلاف مروري
أيدت محكمة نقض أبوظبي الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف والقاضي بإدانة شاب في الخامسة والعشرين من عمره بتهمة قتل رجل خمسيني رفض إفساح المجال له في الطريق، وحكمت عليه بالإعدام قصاصاً بعد إصرار أولياء الدم على القصاص، كما أيدت محكمة النقض الحكم ببراءة شقيق المتهم المدان.
وتعود تفاصيل القضية إلى مشاجرة بين الطرفين بسبب امتناع المجني عليه إفساح الطريق بسيارته لمرور السيارة التي يستقلها القاتل برفقة شقيقه، ثم قيامه بالإشارة لهما بطريقة غير لائقة، فقاما باعتراض طريقة لإجباره على التوقف والاتصال بالشرطة، مما أدى إلى صدم سيارته من الأمام.
وبعد التوقف توجه المجني عليه إلى حديقة مجاورة ليقضي حاجته فلحق به المتهم المدان وطلب منه مرتين عدم المغادرة إلى حين وصول الشرطة، فلم يستجب، فسحب "العقال" منه وجذبه من ملابسه حتى سقط على الأرض، ثم جثم فوق صدره، فأمسكه المجني عليه بطريقة مؤلمة ليتمكن من التخلص منه، فضربه القاتل على رأسه، ثم تدخل أخوه الذي كان برفقته مع بعض المارة لفض العراك.
وعند وصول رجال الشرطة كان القاتل يتألم بشدة، بينما المجني عليه يسير على قدميه وعليه آثار دماء في وجهه، وعند نقل القاتل والمجني عليه إلى المستشفى، تم إسعاف الأول مباشرة لأنه كان يتألم وقد اتضح إصابته بالشلل بالجهة اليمنى من جسده، بينما بقي المجني عليه 90 دقيقة في غرفة الطوارئ إلى أن سقط ميتاً.
وأفاد تقرير الطب الشرعي، بأن المجني عليه كان يعاني من إصابات غير ظاهرة بالمخ والكبد والأضلاع وهي التي أدت إلى وفاته.
وكانت النيابة العامة قد أحالت القاتل وشقيقه إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد، حيث قضت المحكمة بإعدام أحد المتهمين بعد أن رفض أولياء دم المجني عليه العفو وطلبوا القصاص، كما قضت المحكمة الابتدائية ببراءة شقيقه، وهو الحكم الذي طعنت فيه النيابة بحكم القانون الذي يوجب طعن النيابة على أحكام الإعدام، كما طعن عليه المتهم، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل التهمة إلى الضرب الذي أفضى إلى الموت، والحكم بالسجن خمس سنوات على القاتل وإلزامه بتأدية الدية الشرعية لورثة المجني عليه، مع تأييد الحكم ببراءة شقيقه.
لم يلاقي حكم الاستئناف قبول النيابة فطعنت فيه أمام محكمة النقض التي قضت بدورها بنقض الحكم وإحالة القضية مرة ثانية إلى محكمة الاستئناف لتنظر من قبل هيئة مغايرة.
وفي محكمة الإحالة صدر الحكم مجدداً بإعدام المتهم الأول مع براءة شقيقه. وطعنت النيابة العامة في الحكم بحكم القانون، كما طعن فيه المتهم على أساس انتفاء ركن العمد المشترط في جريمة القتل، وأنه لم يكن ينوي قتل المجني عليه، ولكن ألم الضربة التي وجهها له الضحية جعلته يرد عليه بضربه بالعصا، مشيراً إلى أن الضربة التي تلقاه من المجني عليه أصابت جزء حساس من جسده وأدت إلى إصابته بالشلل النصفي، وأن سيارة الإسعاف استدعيت من أجله وليس من أجل المجني عليه، لأن حالته كانت الأسوأ، إلا أن محكمة النقض لم تأخذ بهذا الدفع اعتماداً على المذهب المالكي الذي لايشترط في القتل العمد أن يقصد الجاني قتل المجني عليه، إنما يشترط أن يرتكب الفعل المحدث للوفاة بقصد العدوان لا بقصد اللعب أو التأديب.
كما رفضت محكمة النقض في أبوظبي دفع المتهم بانعدام علاقة السببية بين الفعل، أي ضرب الجاني للمجني عليه، والنتيجة المتمثلة بالوفاة، التي قال أنها كانت بسبب إهمال المستشفى في إسعاف المجني عليه، مشيراً إلى شهادة ابنة المجني بأن الممرضة ذكرت لها أن حالة أبيها ليست خطيرة ولا تستدعي سرعة إدخاله للفحص.
وأوضحت محكمة النقض أن تقرير الطب الشرعي الذي أكد أن سبب الوفاة هو هبوط حاد بالمخ نتيجة نزيف داخل الجمجمة فوق وتحت الأم الجافية نتيجة إصابات بالرأس، كما أن اعترافات المتهم وأوراق القضية تؤكد أنه قام بضربه على رأسه ضربات متتالية، وأن المجني توفي بعد ذلك بوقت قصير، متمثلة في فترة انتظاره بالمستشفى.
وأوضحت المحكمة أن وجود فترة زمنية بين الضربة والوفاة لا يبطل القصاص، حيث أن المقرر في الفقه المالكي أن من جرح رجلاً عمداً فلم يزل صاحب الجرح ملازماً الفراش حتى مات متأثراً بالجرح، فإن الفاعل يجب عليه القصاص في حال عدم وجود مايمنعه من عفو أو شبهة تدرؤه، وبالتالي فإن علاقة السببية بين الاعتداء ووفاة المجني عليه ثابتة وله أصل في الأوراق.