الإمارات تواجه «الاتجار فــي البشر» بدول المنبع
أفاد وزير الدولة للشؤون الخارجية، وزير شؤون المجلس الوطني الاتحادي، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر، الدكتور أنور قرقاش، بأن الحكومة لديها العزم والإصرار على محاربة جريمة الاتجار في البشر، ومواجهتها بحزم عبر سد جميع المنافذ، وتحسين أدوات الكشف والملاحقة القضائية لتلك الجرائم في المستقبل، مؤكداً أن اللجنة اتخذت إجراءات مهمة من شأنها التصدي لهذه الظاهرة، من خلال تعزيز التعاون للتعامل مع هذه الجريمة في بلدان المصدر والمنشأ، بدلاً من التعامل معها فقط على حدود الدولة، كما أطلقت هذا العام حملة توعية عامة لأبعاد ومخاطر وعقوبات جريمة الاتجار في البشر، ونشر برامج توعية معتمدة، في مطارات أبوظبي والعين ودبي، لتشمل بقية مطارات الدولة.
3 رسائل شكر للإمارات ذكر تقرير اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر أن شرطة دبي تلقت، العام الماضي، رسالة امتنان من السلطات الأميركية والأسترالية، لتمكنها من كشف هوية رجل من أميركا اللاتينية مطلوب للاشتباه في ضلوعه في جرائم اتجار في البشر وغسل أموال، موضحاً أن المتهم كان قد أقام في دولة الإمارات ستة أشهر، بعد تمكنه من تغيير بياناته الشخصية، ودخل الدولة بجواز سفر آخر، لكن شرطة دبي تمكنت من كشف هويته، ما قاد إلى اعتقاله في أميركا، رغم أن المتهم لم يرتكب أي جريمة في الدولة. وقال التقرير: إن «شرطة دبي أسهمت في مساعدة جميع الضحايا النساء والأطفال من نزلاء مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، على العودة إلى أوطانهم، عبر إرسالهم إلى منازل ذويهم، بعد إعطائهم قائمة بأسماء وعناوين أشخاص ومؤسسات مفيدة في بلدانهم». وأضاف: «كما تلقت دولة الإمارات رسالة شكر من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون، على إسهاماتها في الدراسة الدولية بشأن استغلال البشر التي أجريت عام 2014»، لافتاً إلى أنه على صعيد التواصل الدولي لمواجهة هذه الجريمة، تلقى ما لا يقل عن سبعة ضباط من وزارة الداخلية التدريب لدى مسؤولي «الإنتربول» حول الأبعاد الدولية لجرائم الاتجار في البشر، كما أسهمت الدولة في طرح الأفكار المعمقة في الدراسة البحثية حول دور وكالات التوظيف بالاتجار في البشر، التي أجراها مكتب الأمم المتحدة. |
فيما ذكرت وزارة العمل أنها وقعت اتفاقات مع عدد من البلدان، خصوصاً الآسيوية، لتنظيم تدفق العمالة، ومنع وكالات التوظيف الخاصة عديمة الأخلاق من الاحتيال على العمال والاتجار فيهم.
وأكدت عضو المجلس الوطني الاتحادي، رئيس مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، عفراء البسطي، اتخاذ المؤسسة خطوة استباقية، لإيقاف أعمال الاتجار في البشر في مصدرها، من خلال تدشين حملة توعية بمساعدة مسؤولي السفارة الإماراتية في سورية والأردن، تستهدف توعية اللاجئين هناك المعرضين لخطر الاستغلال والاتجار فيهم، وضمان عدم تدفقهم إلى الدولة، لافتة إلى أن اللجنة الوطنية تعمل حالياً على وضع استراتيجية وصياغة تفاهمات من شأنها تحديد مصادر الاتجار في البشر داخل الدول المصدرة لهذه التجارة.
وتفصيلاً، قال الدكتور أنور قرقاش: «تدخل الحملة الرسمية لمكافحة الاتجار في البشر بالدولة هذه السنة عامها التاسع، وتشير النتائج المتحققة حتى الآن إلى أن الحكومة قطعت أشواطاً كبيرة ومتسارعة في هذا المضمار»، لافتاً إلى أن نجاح الدولة في تقليص معدلات هذه الجريمة بمختلف عناصرها من أعداد قضايا وصلت العام الماضي إلى 15 قضية، و20 ضحية، و46 من المتاجرين، لا يعني القضاء على هذه الظاهرة تماماً، لاسيما أنها شديدة التطور.
وأضاف قرقاش، رداً على سؤال لـ«الإمارات اليوم»، على هامش مؤتمر الإعلان عن التقرير السنوي لمكافحة الاتجار في البشر، الذي عقد في أبوظبي الأسبوع الماضي: «لدينا وعي تام بأن جريمة الاتجار في البشر لا تختفي، لأنها مثل جبل الجليد ما تراه منه أقل مما لا تراه، ومن ثم فإن تصدينا لهذه الجريمة قائم على قدم وساق، عبر المتابعة والمواجهة المستمرتين لأحدث الأساليب التي يستعين بها مدبرو هذه الجرائم في الخارج والداخل، لكن لا يجب إغفال أن تقلص عدد الحالات يشير من جهة إلى تنامي الوعي بين الجمهور بقضايا الاتجار في البشر، وبتكثيف التدابير الحكومية لمحاربتها من جهة أخرى، والأهم من ذلك أن الهيئات الحكومية تزداد نجاحاً وكفاءة يوماً بعد يوم في إحباط أنشطة العديد من المجرمين والجماعات الضالعة في عمليات الاتجار في البشر».
وأوضح الوزير أنه بالتزامن مع تطبيق اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر استراتيجية الركائز الخمس لمحاربة الاتجار بالبشر، فإن الدولة اتخذت خطوات عدة مهمة، خلال السنة الماضية، منها اعتماد تعديلات على القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، تتضمن حماية أفضل للضحايا، وإبرام اتفاقات شراكة دولية، إضافة إلى تعزيز التعاون للتعامل مع هذه الجريمة في بلدان المصدر والمنشأ، بدلاً من التعامل معها فقط على حدود دولة الإمارات.
وقال: «شاركت الدولة في العديد من المساعي الإقليمية والدولية لمواجهة هذه الجريمة، ونظمت ورش عمل ودورات تدريبية، في إطار جهودها للارتقاء المتواصل بمهارات مسؤولي تطبيق القانون المتعاملين مع قضايا الاتجار في البشر بشكل مباشر».
وذكر تقرير اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار في البشر، الصادر منذ أيام، أنه تبين للحكومة واللجنة أن المتاجرين غالباً ينتمون إلى دولة الضحايا نفسها، ما يصعب مهمة السلطات في الكشف عن هذه الجريمة، وهو تحدٍ يتم التغلب عليه عن طريق المزيد من التعاون الثنائي الدولي المشترك، موضحاً أن الدولة وقّعت، خلال السنوات القليلة الماضية، اتفاقات عمل مع عدد من البلدان، خصوصاً الآسيوية، لتنظيم تدفق العمالة، ومنع وكالات التوظيف الخاصة عديمة الأخلاق من الاحتيال على العمال والاتجار فيهم.
وأضاف: «في إطار السعي لدعم وتشجيع التعاون الدولي في مكافحة الاتجار في البشر، ودعم قضايا حقوق الإنسان، تفيد البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية العام الماضي، بأن الدولة وقّعت 33 اتفاقاً بهذا الشأن، منها المصادقة على اتفاقات ثنائية مع 16 دولة عربية وآسيوية وأوروبية، فيما ينتظر توقيع اتفاقات أخرى مع خمس دول، كما أبرمت الدولة مذكرات تفاهم سارية المفعول مع 12 دولة عربية وآسيوية وأوروبية وإفريقية، كما تم إعداد مسودات اتفاقات مع 20 دولة أخرى».
من جهتها، أشارت وزارة العمل إلى أنها ترتبط باتفاقات في مجال مكافحة الاتجار في البشر، مع 18 دولة على الأقل، كما وقعت بروتوكولات مع ثلاث دول، بينها اثنان يرتبطان بالعمل والشؤون الاجتماعية، مع اليمن والمغرب، أما البروتوكول الثالث فيتعلق بتطبيق نظام اعتماد وتسجيل عقود العمال ومراجعتها إلكترونياً، في إطار مذكرة تفاهم موقعة مع وزارة الشؤون الهندية الخارجية في مجال العمالة.
وقالت الوزارة، لـ«الإمارات اليوم»: «يهدف هذا النظام المعتمد على الإنترنت إلى تيسير المصادقة على الوثائق والمستندات المتعلقة بعقود عمل العمال الهنود، وقد تم إطلاقه في أغسطس 2011، ويتيح هذا النظام إمكانية تقديم خدمات التصديق التي يحتاجها أصحاب العمل المحتملون والعمال بصورة مركزية، عبر ربط البعثات الهندية مع وزارة العمل الإماراتية والراعي العام للمهاجرين في الهند، ويتيح هذا النظام لسلطات العمل والعمال في الإمارات والهند الولوج إليه، والتحقق من أي اختلافات في عقود العمل، وتقديم سجل مفيد لا يتضمن عمليات التوظيف فقط بل يشمل أيضاً أي حالات مخالفة قد يرتكبها أصحاب العمل».
بدورها، قالت مدير عام مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، عفراء البسطي، إن «المؤسسة اتخذت خطوة استباقية لإيقاف أعمال الاتجار في البشر في مصدرها، حيث أعدت حملة توعوية بمساعدة مسؤولي السفارة الإماراتية في سورية والأردن، تستهدف اللاجئين المعرضين لخطر الاستغلال والاتجار فيهم، وتتضمن زيارات ميدانية كل شهرين، تهدف لتثقيف النساء حول طرق الاحتياط من مجرمي الاتجار في البشر»، مؤكدة أنه نتيجة لهذه الخطوة لم تشهد دولة الإمارات ضحايا اتجار في البشر من سورية بالقدر نفسه الذي شهدته من العراق قبل بضع سنوات.
وأضافت البسطي، لـ«الإمارات اليوم»، أن «تجفيف منابع الاتجار في البشر مهمة ليست سهلة على الإطلاق، وتحتاج إلى ثلاث مراحل شديدة الأهمية، أولاها تكاتف وتعاون كامل وشفاف بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، والشراكة مع المؤسسات والمجتمع الدولية، والثانية المتابعة والرقابة والتنسيق بشأن تشديد منافذ تصدير هذه التجارة غير الإنسانية من دول منبعها»، مؤكدة أن من أفضل إنجازات الدولة ممثلة في اللجنة الوطنية للاتجار بالبشر، في هذا الشأن، توقيع اتفاقات شراكة مع الدول التي تعاني مشكلات تصدير هذا النوع من الجرائم، وكذلك إضافة ملاحق أو بنود تحارب هذه الجريمة، في اتفاقات دولية كانت وقعتها الدولة مع دول أخرى في السابق.
وأشارت إلى أن المرحلة الثالثة تتعلق بتحديد مصادر قدوم ضحايا الاتجار في البشر، بمعنى تحديد أكثر المدن المصدرة لهذه التجارة داخل بعض الدول، من خلال رصد ودراسة الحالات التي يتم ضبطها، ثم يتم العمل والتعاون مع الدولة المصدرة لمواجهة الجريمة من داخلها.
ولفتت إلى وجود انخفاض ملحوظ في معدلات هذه الجريمة بالدولة، حيث باتت مؤسسة دبي تستضيف خمس حالات هذا العام، بعد أن كانت تستضيف أكثر من 50 حالة، مؤكدة أن هذا الانخفاض يعود إلى تراجع أعداد حالات الاتجار في البشر، بفضل التطبيق الصارم للقوانين، وزيادة التكاتف بين مؤسسات الدولة الحكومية وغير الحكومية، والوعي التام بالأساليب المتبعة في هذه الجرائم.
وقالت البسطي إن «المؤسسة تبقى على اتصال مباشر مع المنظمات الوطنية والدولية، لمتابعة وضع الضحايا بعد عودتهم لبلادهم، وضمان عدم التعرض للاتجار فيهم مرة أخرى»، مشيرة إلى أنه تتم متابعة حالة الضحية بعد 30 يوماً و90 يوماً و180 يوماً من مغادرتها لمركز الإيواء التابع للمؤسسة.