أحواض السباحة المنزلية خطــر جاذب للأطفال في غياب الرقــابة
تعدّدت حوادث غرق أطفال في مسابح منزلية خلال الأشهر الأخيرة، وتعرض آخرون لحوادث مشابهة وهم في رفقة ذويهم أثناء قضائهم عطلات في منتجعات سياحية، أو على شواطئ، فيما أكد مسؤولون حكوميون، وبرلمانيون، وخبراء تدريب على السباحة، ضرورة اتخاذ إجراءات تضمن الحيلولة دون تكرار هذه الحوادث، واصفين هذه الأحواض بأنها «خطر جاذب» للأطفال، خصوصاً الذين لا يجيدون السباحة في ظل غياب الرقابة عليهم من ذويهم.
ولا تتوافر بيانات اتحادية حول عدد حوادث غرق أطفال في أحواض السباحة المنزلية، أو الموجودة في الفنادق والمتنزهات، لكن وسائل الإعلام المحلية نشرت أخباراً عن عدد من الحوادث المشابهة في الأشهر الماضية تؤكد تكرارها.
قال عضو لجنة الشؤون الصحية والبيئية في المجلس الوطني الاتحادي، خالد علي بن زايد الفلاسي، إن هناك ثلاث خطوات أساسية لتلافي وقوع حوادث مأساوية للأطفال في المسابح، الأولى زيادة وعي الأسر بالاحتياطات التي يتعين عليها اتخاذها لحماية أطفالها من الغرق، مثل وضع سياج حول المسبح. وتدريبهم على السباحة تحت إشراف مدرب محترف. والثالثة تزويد المسابح بسترات نجاة وأغطية تحول دون سقوط الأطفال فيها.
وأكد ضرورة تحذير الأطفال من خطورة اصطحاب رفاق لهم إلى المسبح في ظل عدم وجود رقيب أو منقذ، داعياً الى تبني حملات توعية للأسر على مستوى الدولة، تحذر من ترك الأطفال برفقة عاملات المنازل، اللاتي لا يجدن السباحة في الأغلب.
قانون حماية الطفل
ودعت رئيس لجنة التعليم والثقافة والشباب في المجلس الوطني الاتحادي، ناعمة عبدالله الشرهان، إلى وضع اشتراطات في أحواض السباحة المنزلية لضمان عدم المخاطرة بأرواح الأطفال، كأن تعزل بجدران حماية، على أن يكون هناك باب للدخول إليها والخروج منها، لا يستطيع الطفل استخدامه.
توعية الأسر
أما عضو المجلس الوطني الاتحادي، عضو لجنة حقوق الإنسان، عفراء راشد البسطي، فشددت على ضرورة بذل مزيد من الجهود لتوعية الأسر بمخاطر سقوط الأطفال في أحواض السباحة، واصفة الاهتمام بالشكل الجمالي لحوض السباحة على حساب اشتراطات الأمن والسلامة بأنه إهمال.
وأشارت إلى أن «الأطفال الذين يفقدون حياتهم بسبب الإهمال الأسري، يضعون ذويهم تحت طائلة القانون، حسب قانون حماية الطفل الذي صدر أخيراً».
وقالت إن «على الأسرة أن تبذل كل ما في وسعها لرعاية أطفالها، وتوعية أفرادها بخطورة النزول إلى حوض سباحة دون تدابير السلامة اللازمة»، لافتة إلى أن «قانون حماية الطفل يعرض الأهل لعقوبات، عند تعرض أحد أطفالهم للغرق في أحواض السباحة داخل المنزل».
حمامات سباحة للصغار
وحدد خبير التدريب في مجال السباحة، أحمد عجمي، الفترة الزمنية الكفيلة ببقاء الطفل على قيد الحياة عند سقوطه في الحوض، بأنها لا تتجاوز ثواني قليلة، بسبب دخول المياه إلى الجهاز التنفسي، لافتاً إلى «ضرورة تخصيص منطقة ضحلة في حمامات السباحة للصغار لا يتجاوز عمقها 50 سنتيمتراً، أو حتى منتصف جسم الطفل».
وأضاف أن «معظم مسابح البنايات تخصص أعماقاً متدرجة تبدأ من 30 سنتيمتراً وتزيد حتى تبلغ 180 سنتيمتراً، لكن هناك بنايات تنشئ مسابح ذات عمق واحد (160 سنتيمتراً في الأغلب)، وهو أمر بالغ الخطورة على الأطفال، وفي هذه الحال ينبغي تخصيص منقذ للمسبح».
ويؤكد مقاول تركيب أحواض السباحة في دبي، المهندس وليد رمضان، أن المسؤولية عن هذا الجانب ملقاة على عاتق البلديات، من حيث شكل المسبح، وعمقه، وعناصر الأمن والسلامة فيه. ولكنه لا يعفي أصحاب الفلل من المسؤولية عن وقوع هذا النوع من الحوادث.
وشرح أن «بعض الناس يستهينون بمتطلبات السلامة والأمان، خصوصاً إذا لم يكن لديهم أطفال صغار، بينما ألاحظ الاهتمام الكبير ممن لديهم صغار في المنزل. لكنهم ينسون أن أطفال الجيران من الممكن أن يكونوا عرضة للغرق في هذا المسبح».
وقال إن «البعض يطلبون تجهيز سترات نجاة، أو وضع المسبح في غرفة زجاجية مغلقة، وهناك نوع من الزبائن يفضل تطويق المسبح بسور من الألمنيوم، يكون أطول من الطفل، وآخرون يفضلون تغطية حوض السباحة بمادة بلاستيكية تشبه غطاء السيارة».
وعلى الرغم من اشتراطات الأمان التي ذكرها رمضان، إلا أن ثمة تدقيقاً فنياً يجرى على أحواض السباحة قبل تسليمها إلى ملاك البنايات والفلل، تنفذه البلديات، كما يقول.
ويشرح رمضان، أن «البلدية تطلب أنظمة أمن وسلامة من المطور العقاري، الذي يطلبها بدوره من مقاول التنفيذ، وإذا التزم الراغبون في إنشاء مسبح بها، فإن ذلك سيقلل من احتمالات وقوع حالات غرق».
4 وسائل حماية
الأكثر استخداماً تتباين مساحات المسابح وأعماقها في الفلل والبنايات، بينما تظل المساحات بين 8 و10 أمتار طولاً مقابل أربعة أو خمسة أمتار عرضاً للمسبح، الأكثر استخداماً. وتراوح الأعماق بين متر واحد، و120 و140 و160 سنتيمتراً، كأعماق مستخدمة على نطاق واسع محلياً. |
وحدد خبير الأمن والسلامة في شركة لتركيب أحواض السباحة، خالد سليمان، أربع وسائل حماية وأمان يمكن اتباعها للحيلولة دون غرق أطفال في مسابح، قائلاً إن هناك ساعة يرتديها الطفل تعطي إنذاراً صوتياً بمجرد نزوله إلى الحوض. كما أن هناك حساسات ألمنيوم توضع حول حوض السباحة للاستشعار عن بعد والإنذار بوجود خطر، وهناك شبك بلاستيكي يغطي المسبح (رخيص الكلفة نسبياً). وأخيراً يمكن الاستعانة بعمال منازل مؤهلين للتعامل مع المسابح.
وقال إن «هناك ثلاثة أسئلة رئيسة يسألها الفني عند معاينته مكان تنفيذ المسبح، أولها هل لدى الأسرة أطفال صغار؟ وما المقاس والعمق المطلوبان، وما الطريقة التي يريدها صاحب المنزل في (تشطيب) المسبح؟ وهل سيكون حوض سباحة مغلقاً أم مفتوحاً؟»، معتبراً أن «الإجابة عن تلك التساؤلات تحسم مسألة الأمان بالنسبة للصغار».
لوتاه: ضوابط صارمة لتراخيص المسابح
أفاد مدير عام بلدية دبي، المهندس حسين ناصر لوتاه، بأن «التراخيص الإنشائية لأحواض السباحة تختلف من مكان إلى آخر، بناية أو فيلا أو متنزه أو مبنى فندقي». وأضاف: «نضع ضوابط صارمة لتراخيص المسابح الأكثر جماهيرية، أبرزها وجود منقذين دائمين». وأكد أن «البلدية تراقب أحواض السباحة من حيث الاشتراطات الصحية، ودواعي الأمن والسلامة، فيما تخضع أحواض السباحة في المنازل لإشراف الأسر مباشرة، وهم المسؤولون عن مراقبتها»، لافتاً الى أن «الأمر مرتبط بالوعي الاجتماعي أكثر من ارتباطه بالتراخيص».
وتابع أن: «الوضع لا يشكل ظاهرة تستدعي تغيير الأنظمة المطبقة حالياً، ما يحتاجه الأمر هو مزيد من توعية الجمهور بمخاطر ترك الأطفال بجوار حمامات السباحة».
أحواض السباحة تخضع للبلديات
قال مدير عام هيئة الإمارات للمواصفات والمقاييس (مواصفات)، المهندس عبدالله المعيني، إن «أحواض السباحة المنزلية تخضع، من حيث أشكالها وأعماقها وديكوراتها، إلى إدارات المباني في البلديات، التي يتعين عليها أن تتأكد من توافر اشتراطات السلامة فيها، فيما تراقب الهيئة التجهيزات والمواد المستخدمة، مثل مواد التعقيم، ومصابيح الإنارة وغيرها».
وتابع أن «ما يهم الهيئة ألا تتسبب مصابيح الإنارة في حدوث تماس كهربائي مع المياه، لأن ذلك كفيل بصعق الموجودين داخل المسبح»، لافتاً إلى «تطوير مواصفة اتحادية لمصابيح ضد الماء، ومواصفة عوازل المواد المستخدمة في بناء وتشغيل الحوض».
وأكد المعيني عدم تسجيل أي حالة وفاة بتماس كهربائي في حوض للسباحة، منذ إقرار المواصفتين، ملقياً باللوم على الأسر التي يتسبب إهمالها في وقوع حوادث غرق لأحد أطفالها، لافتاً الى أن «سبب أغلب حوادث الغرق التي طالعناها لم يكن خللاً فنياً في تركيب الحوض، بل كان خللاً في وعي الأسرة نفسها».
وأكد أن «الهيئة ستدرس إضافة أي مواصفة أخرى تعزز متطلبات السلامة، كما أنها ستبحث بالتعاون مع البلديات في الدولة، ما إذا كان هناك أي تدابير إضافية يمكن تطبيقها وتعميمها لحماية أرواح الأطفال، من خلال مراجعة (كود البناء الموحد) المطبق حالياً».