«الوطني للتأهيل» استقبل حالات إدمان.. و«الداخلية» تحذّر من تعاطيه
مراهقون يدمنون «غاز الولاعات».. ورقابــــة الأسر غائبة
يلجأ شباب مراهقون إلى استنشاق غاز الولاعات، كنوع من الإدمان سريع المفعول رخيص الثمن موجود في البقالات. وحذّر مسؤول أمني من خطورة استنشاق غاز الولاعات «البوتان»، فله تأثيرات صحية خطرة على أجهزة الجسم ويؤدي إلى الإدمان، ويعد أحد المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً.
وفيما أكد المركز الوطني للتأهيل أنه استقبل خلال السنوات الماضية حالات إدمان على غاز الولاعات، راوحت أعمارهم بين 16 و24 سنة، وتم علاجهم، أكدت وزارة الداخلية أن تعاطي غاز البوتان لا يعد ظاهرة في الدولة، وأنه تم ضبط عدد قليل من متعاطي هذا الغاز المستخدم في الولاعات.
وكشفت تحقيقات حوادث انفجار مركبات خلال الفترة الماضية، أن السبب وراءها كان استنشاق غاز «البوتان» بين فئة المراهقين، إذ أصيب خمسة شباب في حادثين منفصلين أثناء استنشاق هذا الغاز داخل مركباتهم، وتبين أن مراهقين يفرغون محتوى عبوة الغاز داخل صالون المركبة، ويغلقون النوافذ بإحكام لاستنشاق غاز «البوتان» بشكل جماعي.
ويستخدم غاز البوتان في تعبئة الولاعات، ويباع في أسطوانات كمصدر للوقود لاستخدامه في الطبخ، والتخييم، ويباع غاز الولاعات في السوبرماركت ومحال التجزئة من دون رقابة، ويُقبل مراهقون على استنشاق «البوتان» من منطلق الفضول، وتشجيع رفقاء السوء، خصوصاً أن سعر العبوة الكاملة لا يزيد على أربعة دراهم في الأسواق.
قال نائب مدير عام مكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية، العقيد عبدالرحمن محمد العويس، لـ«الإمارات اليوم»، إن تعاطي غاز «البوتان» لا يعد ظاهرة في دولة الإمارات، لافتاً إلى أنه تم ضبط عدد قليل من متعاطي هذا الغاز المستخدم في الولاعات، والوزارة تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية على تحديث قانون مكافحة المخدرات وفق المتغيرات ووفق أسس ومعايير عالمية، وتحديث المواد المخدرة التي ينطبق عليها القانون للحد من استعمالها غير القانوني، والذي يعرض حياة الناس لخطر محدق.
جهود وقائية للقضاء على الإدمان تلعب وزارة الداخلية دوراً أساسياً في محاربة ومكافحة الظواهر السلبية والسلوكيات التي يجرمها القانون، والتي تؤدي إلى الإضرار بالنفس والآخرين، وتعريض حياتهم للخطر، وتمارس الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية أدواراً تنفيذية ووقائية في سبيل القضاء على كل ما من شأنه تعريض الأشخاص والمجتمعات للخطر، انطلاقاً من استراتيجيتها ودورها الرئيس في حفظ الأمن والأمان. وأكد نائب مدير عام مكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية، العقيد عبدالرحمن محمد العويس، أن الوزارة تهدف إلى عملية الإصلاح وإعادة التأهيل ووقاية أفراد المجتمع من الإدمان، حيث أطلقت الإدارة مبادرات عدة تحث المجتمع على التعاون مع وزارة الداخلية لمساعدة الأشخاص المتعاطين بهدف معالجتهم، من ضمنها خدمة «مكافح» على الهاتف المجاني رقم 80044. رفع مستوى الوعي أكد أخصائي الطب النفسي في المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، الدكتور محمد الجينبي، أهمية دراسة أبعاد مشكلة استنشاق مراهقين لغاز الولاعات، من خلال تحديد حجمها وأماكن انتشارها، ونشر الوعي المجتمعي بين الأفراد بخطورة استنشاق غاز الولاعات، وزيادة الرقابة الأسرية على الأبناء، ورفع مستوى الوعي بعلامات الإدمان المبكرة من خلال مراقبة تغير سلوكيات الأبناء، مثل تغير نمط النوم بالسهر طوال الليل والنوم نهاراً، وسرعة الانفعال والعزلة وقلة الكلام والتركيز، وتدني مستوى التحصيل الدراسي، وهي مؤشرات مبدئية تمكن الأسر من اكتشاف حالات الإدمان في وقت مبكر للعمل على معالجتها، واحتواء أبنائهم حتى لا يقعوا فريسة لإدمان المخدرات. |
وأشار العويس إلى أن «المادة (41) في قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية نصت على الحبس مدة لا تزيد على سنة لكل من تعاطى أو حاز بقصد التعاطي أو استعمل شخصياً أية مادة أو نبات من غير المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية المنصوص عليها في الجداول المرفقة بهذا القانون، يكون من شأنها إحداث التخدير أو الإضرار بالعقل متى كان التعاطي بقصد إحداث التخدير أو الإضرار بالعقل».
وأكد أن «قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية شامل وعصري ومرن، ويعمل على إعطاء قوى إنفاذ القانون والأجهزة الصحية والفنية والتنفيذية الصلاحيات والقدرات الكاملة التي تشل عمل عصابات جلب وتهريب وترويج المخدرات والمواد المؤثرة في العقل، وإنقاذ الشباب من براثن وويلات الإدمان بغض النظر عن المادة المستخدمة، والتي هي بطبيعة الحال ذات تأثيرات سلبية في صحة المتعاطي».
وناشد العويس وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التعاون بهذا الخصوص ونشر المعلومات الخاصة بمثل هذه القضايا من المصادر الرئيسة وتتبع الحقائق، وعدم نشر الصور التي قد تدفع الأطفال إلى معرفة هذا الغاز والقيام بتجربته أو تشجع بصور أو أخرى على تعاطيه.
ونصح الأسر والآباء «بمراقبة تصرفات الأبناء ومعرفة من يرافقون بطرق حضارية وتربوية ونفسية وعبر حوار هادئ، وفق منظومة التربية الأسرية الصحيحة، وشغل أوقات الأبناء بوسائل ترفيه وتثقيف صحية، وتوفر للأسرة بيئة صحية وتعليمية قادرة على مساعدة النشء على تعزيز القيم الإيجابية والحد من السلوكيات والممارسات السلبية الخاطئة».
وأكد أن «الأسر بشكل عام مطالبة بملاحظة أي تغييرات جذرية تظهر على سلوك وممارسات أبنائها، مع ضرورة التثقيف الصحي والأمني للجميع عبر الاستزادة من المحاضرات والنشرات الوقائية والتوعوية التي تقدمها الأجهزة المعنية»، مؤكداً «قدرة الأسر على معرفة أعراض تعاطي الأبناء لأي مؤثرات أو مواد مخدرة ومنها الغاز، فقد يتعرضون لتشنجات عضلية أو عصبية بين الحين والآخر، وأعراض سيكولوجية تشمل التغيّر المفاجئ في السلوك، والمزاج المُتقلّب، والابتعاد عن الهوايات المفيدة مثل الرياضة، أو أعراض مرضية منها الغثيان والقيء المستمران، واحمرار حول العين والهزال، وشحوب الوجه وأوجاع الرأس والصداع، وفقدان الشهية، وغيرها، كما أن غاز البوتان قد يتسبب في حوادث انفجار واشتعال للحرائق، ويؤدي لإصابات شديدة وتشويه شديد لوجه المتعاطي وجسده، وقد يسبب الموت».
من جانبه، حذر أخصائي الطب النفسي في المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، الدكتور محمد الجينبي، من خطر استنشاق غاز الولاعات بين فئة المراهقين، إذ يتسبب في تأثيرات صحية خطرة على أجهزة الجسم، ويؤدي إلى الإدمان، مثل المخدرات والمؤثرات العقلية.
وقال الجينبي لـ«الإمارات اليوم» إن «المركز الوطني للتأهيل استقبل خلال السنوات الماضية حالات إدمان على غاز الولاعات، الذين راوحت أعمارهم بين 16 و24 سنة»، مشيراً إلى أن «المركز تعامل مع هذه الحالات من خلال برامج علاجية وتأهيلية متخصصة، لإخراج السموم من أجسادهم، وتزويدهم بمهارات التعافي، وتوعيتهم بالمخاطر الصحية المترتبة على استنشاق هذا الغاز، وتعتمد الخطة العلاجية على حدة الأعراض المصاحبة التي تختلف من شخص لآخر». ونبه إلى أن «غالبية مستنشقي غاز الولاعات هم من فئة المراهقين، الذين يندفعون من دون وعي إلى تجربة هذا الغاز من منطلق الفضول، وتشجيع رفقاء السوء، وسهولة الحصول عليه، خصوصاً أن سعر العبوة الكاملة لا يزيد على أربعة دراهم في الأسواق».
وشرح أن «غاز الولاعات يعد من المواد المتطايرة التي يدخل في تركيبها الكيميائي مركّب البنزين، وهو من المواد المخدرة والمؤثرة عقلياً، ويؤدي التعود على استنشاقه إلى الإدمان، إضافة إلى تسببه في تأثيرات صحية خطرة عدة، منها أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض الجهاز الدوري (القلب والشرايين)، واضطرابات الجهاز العصبي، وتأثر مراكز الإدراك والتركيز والذاكرة في الدماغ، والخلايا العصبية».
وأشار الجينبي إلى أن «غاز الولاعات يعد من المؤثرات العقلية التي جرم القانون استنشاقها، وأدرجها ضمن قانون المخدرات، لذا من الأهمية تشديد الرقابة من الجهات المعنية على عمليات بيع وشراء هذا الغاز، خصوصاً من فئة المراهقين، وذلك للحد من خطورته على صحة الأبناء».
وأكد المستشار الأسري عيسى المسكري، أهمية زيادة الوعي الأسري بمخاطر الإدمان، وأهمية الرقابة والمتابعة الأسرية للأبناء، لوقايتهم من الوقوع في براثن المخدرات، موضحاً أن مرحلة المراهقة تعد من أصعب المراحل في الإدراك والاحتواء، نظراً لتدفقها وعنفوانها واستقلالها، وما تطرأ فيها من تغيرات فسيولوجية جسدية وتطورات نفسية عاطفية، ولها خصائصها ومشكلاتها، لذلك لابد من التعامل مع هذه المرحلة الحرجة على أسس علمية تربوية بعيداً عن التهجم والتخبط، فالهرمونات في جسم المراهق تتدفق وتتهيج، ما يؤثر في الحالة المزاجية والعصبية والصحية والجمالية، كما أن الحالة النفسية تتعرض لغليان المشاعر المتهيجة والأحاسيس المستعرة، كالخجل والعناد والعزلة والتمرد والغيرة وسرعة البكاء، وأكثر هذه الحالات ينشأ بسبب بعض الأخطاء التربوية كالدلال الزائد أو القسوة المفرطة.
وطالب الآباء باحتواء الأبناء والتقرب إليهم، والنزول على مستوى همومهم، وملأ فراغهم، وشملهم بالحب والاهتمام، وأن يكونوا قدوة حسنة في حياتهم، ومنحهم الثقة والذاتية، وترك مساحة حرية لهم للرأي والتعبير، بعيداً عن قسوة القول، وغلظة المعاملة، وجفوة المشاعر، وتحجر الرأي، وعدوانية الحس، وعسكرية الأوامر والتنفيذ، فالأسرة لها دورها في نشر المحبة بين أفرادها، بالتوجيه والإقناع والتثقيف، وقبل ذلك نقدم لهم التقدير والاحترام، فنلبي احتياجاتهم النفسية والعقلية والعاطفية والاجتماعية قبل إقناعهم بالماديات الصامتة والكماليات المحسوسة، ناصحاً الأسر بتثقيف الأبناء بالوقاية من جميع أشكال الانحرافات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news