مستشارون قانونيون: جحود وإنكار لجهودنا.. والزبائن: تقصيرهم السبب

«أتعاب القضايا» تحوّل محـامــين وموكليهم إلى خصوم أمام المحاكم

«ما سويتلي شي» و«أنت ما ترد على الجوال»، عبارتان يرددهما موكلون للتهرب من دفع أتعاب محاميهم المالية، إما لشعورهم بالرضا عن الحكم بعد انتهاء القضية أو بالسخط عليهم من إدانتهم، الأمر الذي يحول المحامي من مدافع عن موكله إلى خصم أمام الهيئات القضائية للمطالبة بأتعابه.

موكِّلون يمتنعون عن

دفع أتعاب المحامين

بعد خسارتهم أو حتى

كسبهم القضية.


خلع

قالت شيخة عبدالله إنها وكّلت أحد المحامين في قضية خلع، وقدمت جميع الأدلة والحجج اللازمة التي تؤكد سلامة موقفها، وأكد لها المحامي أن القضية ستكون في مصلحتها، وطلب 10 آلاف درهم أتعاباً، ومع بداية الجلسة الأولى لم يقدم المرافعة المطلوبة منه أمام المحكمة، الأمر الذي جعلها تخسر القضية، مشيرة إلى أنها دفعت للمحامي 3000 درهم، ورفضت دفع البقية لتقصيره في عمله وعدم تقديم الأوراق اللازمة لكسب القضية.


المحاماة مصدر الرزق الوحيد للمحامي وممنوع عليه امتهان وظيفة أخرى.

محامون أكدوا لـ«الإمارات اليوم» أن أكثر ما يخشاه المحامي تهرب موكله من دفع قيمة أتعاب القضية بعد انتهائها، على الرغم من وجود عقد يلزم المحامي بالعناية بالقضية، ومنها تسجيل الدعوى والترافع فيها، وتقديم مذكرة ونسخ أوراق القضية ومتابعها إلى نهايتها، كما يلزم الطرف الموكل بدفع كامل أتعاب المحامي المقدرة في العقد.

وعن التفاصيل، تحدث رئيس جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، زايد الشامسي، قائلاً إن مهنة المحاماة تعتبر مصدر الرزق الوحيد للمحامي، وإنه ممنوع من امتهان مهنة أخرى حتى لا تتعارض المصالح بينه وبين موكليه، ويعتبر تهرب الموكلين من دفع أتعاب محاميهم نوعاً من الجحود، وإنكاراً لأتعاب وحقوق المحامي، التي بذلها في القضية منذ بداية تداولها في أروقة المحاكم إلى نهايتها.

وتبدأ جهود المحامي بتسجيل الدعوى والترافع أمام المحكمة، وتقديم مذكرة الدفاع، ونسخ أوراق القضية، وتكفيل موكله، مروراً برفع الحجز عن جواز سفره، وصولاً بالقضية إلى نهايتها، وهو غير مسؤول عن النتيجة أو الحكم الذي سيصدر من المحكمة.

«الأتعاب التي يحصل عليها المحامي من الموكلين تذهب لمصروفات المكتب، ورواتب الاستشاريين والمندوبين الذين شاركوا في دراسة أوراق القضية، وفي حال تهرب الموكل من دفع الأتعاب يكون قد سلب جهد الفريق الاستشاري والإداري والفني في مكتب المحاماة»، حسب تعبير الشامسي الذي أشار إلى أن بعض الموكلين بعد أن يصلوا إلى مرحلة الارتياح بعد إصدار الحكم لمصلحتهم، يقلل من الجهود التي بذلها المحامي، ما يدفعه لنكران أتعابه والتهرب من دفعها، وفي هذه الحالة لا يجد المحامي سوى اتخاذ الإجراءات القانونية للحصول على حقوقه المالية، ولا ضير أن يطالب المحامي بحقه، أو أن يصبح من دافع عنه بالأمس خصمه اليوم أمام المحكمة، لأن الملام هو الموكل الذي كان على الاستعداد لدفع كل ممتلكاته للمحامي مقابل عدم إدانته أو تعرضه للحبس.

أما المحامي والمستشار القانوني، عيسى بن حيدر، فأشار إلى أن ما يلزم الموكل بدفع أتعاب محاميه هو توقيعه على عقد الخدمات القانونية بينه وبين مكتب المحاماة، إذ يُلزم العقد الطرف الأول (المحامي) بالعناية، وبذل كل جهده في القضية من حضور تحقيقات النيابة العامة، والترافع أمام المحاكم بمختلف درجاتها حتى وصول القضية إلى مرحلتها الأخيرة، كما يلزم الطرف الثاني (الموكل) بدفع جزء من الأتعاب المتفق عليها أو كامل المبلغ قبل الانتهاء القضية أو بعده.

وفي حال ألغى الطرف الثاني العقد بعد تقديم المحامي أوراق القضية للمحكمة والمباشرة في اتخاذ الإجراءات القانونية، فإنه يحق لمكتب المحاماة الحصول على كامل الأتعاب المالية المتفق عليها بالعقد، بينما لو ألغاه بعد مناقشة ودراسة القضية في مكتب المحاماة، وقبل مباشرة المحامي الإجراءات أمام المحكمة، فإنه يستحق نسبة 25% من قيمة العقد.

وحسب بن حيدر، فإنه في حال رفض الموكل دفع الأتعاب بعد انتهاء القضية فيحق للمحامي اللجوء للقضاء ورفع دعوى للمطالبة بمستحقاته المالية، مضيفاً «الموكلون يقدمون مبررات عدة للتهرب من الدفع بعد إصدار الحكم لمصلحتهم، إذ إن بعضهم ينكر جهد المحامي بالكامل ويقول (أنت ما عملت شيء) أو (ما رديت على مكالماتي)».

أما المحامي يوسف النعيمي، فذكر أن هناك موكلين يمتنعون عن دفع أتعاب محاميهم بعد خسارتهم أوحتى كسبهم للقضية، لذا فمن حق المحامي طلب الأتعاب كاملة قبل الجلسة الأولى من القضية حتى لا يضيع حقه بعد إصدار الحكم فيها.

فيما استشهدت المحامية، حنان سالم الشميلي، بمثال للخلافات التي تنشب بعد تهرب بعض الموكلين من دفع الأتعاب، وهو رفع موكل دعوى أمام المحكمة ضد محاميه يتهمه فيها بتهديده، وذلك للتهرب من دفع بقية الأتعاب المالية المستحقة عليه، كنوع من الضغط على المحامي للتنازل عن أتعابه في القضية التي ترافع فيها عن موكله.

واعتبرت أن هروب الموكلين من دفع أتعاب محاميهم أصبح ظاهرة، وأن المحامين يواجهون ذلك برفع دعوى ضد موكليهم للحصول على أتعابهم، ويُترك للقاضي تقدير الجهد المبذول وتحديد قيمة أتعاب المحامي. في المقابل، ألقى إبراهيم الشيخ، وهو موكل رفض دفع أتعاب لمحاميه، اللوم على المحامين، موضحاً أنه وكّل محامياً للترافع عنه في قضية احتيال، وتم الاتفاق معه على رفع دعوى والترافع أمام المحكمة وتقديم كل الأوراق المطلوبة، لكنه فوجئ بالمحامي يعتذر عن حضور الجلسة لأولى كونه خارج الدولة لظروف أسرية، وطلب التأجيل لأكثر من أسبوعين، وبعد عودته من السفر طلب من زميل آخر حضور الجلسة بدلاً منه لانشغاله بقضية أخرى.

«تقصير المحامي في حضور الجلسات والترافع أمام المحكمة، يعد إخلالاً بالعقد الموقّع بيننا، لذا رفضت أن أدفع له بقية أتعابه»، وفق الشيخ. فيما عزا الموكل، أحمد صلاح، تراجعه عن دفع كامل أتعاب محاميه، الذي وكّله في قضية مرورية، لعدم حصوله على البراءة، إذ إن المحامي أكد له أن القضية بسيطة وأن الاتهامات الموجهة إليه لا أساس لها، وأن أوراق القضية خلت من أي دليل ضده، وتوقّع منه أن يبلي بلاء حسناً في القضية، لكنه فوجئ بالمحامي يطلب تأجيل الجلسة الأولى للنظر في أوراق القضية، رغم أنه درس الملف قبل أسبوعين من انعقاد الجلسة، وأثناء الجلسة الثانية لم يطلب من المحكمة الاستماع لشهود الإثبات في القضية، الأمر الذي تسبب في إدانته، مضيفاً «إخلال المحامي وتقصيره في عمله جعلاني أتراجع عن دفع كامل أتعابه المالية، لعدم التزامه بالعقد الموقّع بيننا، وقد طالب المحامي في البداية بمستحقاته المالية كاملة ومع مرور الوقت تنازل عنها».

تويتر