«الاتحادية العليا»: وجوب إبعاد المدان بسبّ عبر «واتس أب»
أكدت المحكمة الاتحادية العليا وجوب إبعاد الأجنبي المدان في جرائم تقنية المعلومات، ومن بينها السب عبر برنامج التواصل الاجتماعي «واتس أب»، مؤيدة طعن النيابة العامة ضد حكم لم يقضِ على امرأتين بالإبعاد، بعد إدانتهما في واقعة سبّ امرأة أخرى عبر رسائل «واتس أب».
وتفصيلاً، اتهمت النيابة العامة امرأتين بأنهما استخدمتا وسيلة من وسائل تقنية المعلومات، (واتس أب)، بسبّ امرأة بألفاظ تخدش شرفها واعتبارها، مطالبة بمعاقبتهما طبقاً لمواد المرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2012، في شأن جرائم تقنية المعلومات.
وذكرت المجني عليها في التحقيقات وأمام محكمة أول درجة، أن «المتهمتين قامتا بسبها عبر برنامج التواصل الاجتماعي (واتس أب) ورسائل نصية»، وتأيدت هذه الأقوال بما جاء في تقرير المختبر الجنائي، الذي أثبت قيام المتهمتين بسبّ وقذف المجني عليها.
فيما أنكرت المتهمتان التهمة الموجهة إليهما، مدعيتين أن الشكوى كيدية بسبب خلافات سابقة.
وقضت محكمة أول درجة بتغريم كل من المتهمتين مبلغ 5000 درهم، عما هو منسوب إليهما من تهمة، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، واستأنف هذا الحكم كل من النيابة العامة والمحكوم عليهما، فقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم الأول، ولم يلقَ هذا الحكم قبولاً لدى النيابة العامة والمتهمتين فطعنّ فيه.
وقالت النيابة العامة في طعنها إن «حكم الاستئناف خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه دان المتهمتين عن جريمة السب المنصوص عليها بالمادة 20/1 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، من دون القضاء بإبعادهما عن البلاد، عملاً بنص المادة 42 من القانون ذاته، ما يعيبه ويستوجب نقضه».
وأيدت المحكمة طعن النيابة العامة، موضحة أن «المقرر عملاً بنص المادة (42) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (5) لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات على أنه (تقضي المحكمة بإبعاد الأجنبي الذي يُحكم عليه بالإدانة، لارتكاب أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون، وذلك بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها)، بما مفاده أن المشرّع لم يدع سلطة تقديرية لقضاء الموضوع في الحكم بإبعاد الأجنبي، الذي تثبت إدانته في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون، بما مؤداه وجوب الحكم بهذا التدبير في جميع الأحوال التي يدان فيها الأجنبي بجريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون، ومن بينها جريمة السب المنصوص عليها بالمادة 20/1 من المرسوم بقانون، وإذ خالف حكم الاستئناف هذا النظر ولم يقضِ بإبعاد المتهمتين رغم أنهما أجنبيتان، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص مع التصدي».
وذكر دفاع المتهمتين في طعنهما أن «حكم الاستئناف دانهما رغم إنكارهما، وانتفاء أركان جريمة السب في حقهما لعدم تحديد وبيان الشخص المقصود، وأن الشكوى كيدية لوجود خلافات بينهن، فضلاً عن أن هذه الشكوى تم تقديمها بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليها بالجريمة، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه».
ورفضت المحكمة الاتحادية العليا هذا الطعن، موضحة أن الثابت من أوراق الدعوى أن المجني عليها علمت بسبها وقذفها من المتهمتين في سبتمبر 2016، وتقدمت بشكواها في الموضوع في أكتوبر 2016، أي أن شكايتها كانت داخل أجل الأشهر الثلاثة، المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 10 من قانون الإجراءات الجزائية، ومن ثم فإن النعي يكون وارداً على غير محل، وبالتالي فهو غير مقبول.
وأكدت أن القاضي في المواد الجزائية يملك سلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الاتهام، والوقوف على علاقة المتهم ومدى صلته بالجريمة، وله مطلق الحرية لتكوين عقيدته عن الصورة من الأدلة، قولية أو فنية أو قرائن، بل له أن يركن في تكوين عقيدته إلى الصورة المحيطة لواقعة الدعوى، واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها من جماع العناصر المطروحة بطريق الاستنتاج والاستقراء، وكل الممكنات العقلية، مادام استخلاصه سليماً لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.