«مشاهير التواصل» يقودون متابعيهم إلى المخاطر والمساءلة القانونية
طالبت فعاليات مجتمعية وقانونية وإعلامية بضوابط مشددة بحق مشاهير التواصل الاجتماعي، الذين يعرضون متابعيهم لمخاطر تقليد سلوكياتهم، في أعقاب انتشار مقاطع فيديو تظهر قيامهم بأداء رقصة «تحدي كيكي»، التي حذّرت الأجهزة الأمنية بالدولة من أنها تشكل تهديداً على حياة الأفراد.
وأكدوا أهمية زيادة الوعي، والقيام بحملات إعلامية، تحث على الالتزام الإيجابي للمشهور أو المؤثر في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما أن لهم آلافاً من المتابعين الذين يقلدونهم في سلوكياتهم، بما يتوافق مع تقاليد وعادات المجتمع.
وقال قانونيان إن ارتكاب مشاهير التواصل الاجتماعي مخالفات قانونية واجتماعية قد يؤثر في أفراد المجتمع سلباً، ويدفع متابعيهم، الذين يعدون بالآلاف على الـ«سوشيال ميديا»، إلى تقليدهم بارتكاب المخالفات القانونية نفسها، مطالبين باتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين من مشاهير التواصل الاجتماعي، تصل إلى حد إغلاق حساباتهم، وتطبيق أقصى العقوبات القانونية بحقهم، كونهم قدوة للمجتمع، ويتحملون مسؤولية كبيرة نتيجة الأفعال التي يرتكبونها.
وقال الإعلامي مسعد الحارثي، إن مشاهير التواصل الاجتماعي يمثلون قدوة لآلاف المتابعين، خصوصاً صغار السن، إذ باتوا يلعبون دوراً مؤثراً في تشكيل عقولهم ووجدانهم، لكن للأسف الشديد فإن كثيراً من هؤلاء المشاهير يشكلون قدوة سلبية، من خلال ما يظهرون به بصورة غير لائقة، أو من خلال ما ينشرونه من مقاطع فيديو تنافي الذوق العام، وسلوكيات وتصرفات غريبة على مجتمع الإمارات، ومخالفة لتقاليده وأعرافه، وما شهدناه أخيراً من قيام بعضهم بنشر مقاطع فيديو لرقصة «كيكي» هو دعوة صريحة للمتابعين لتقليد هذا التصرف الذي يهدد حياتهم، فضلاً عن مخالفته لتقاليد مجتمعنا.
واعتبر الحارثي أن «قلة من مشاهير التواصل الاجتماعي مفيدون لمجتمعهم، ويحافظون على العادات والتقاليد المجتمعية، سواء عندنا في الدولة أو خارجها، في حين أن كثيراً منهم ينشرون التفاهات والسلوكيات والتصرفات اللاأخلاقية، لزيادة عدد متابعيهم عبر حساباتهم»، مطالباً بوضع ضوابط مشددة وقوانين تردع من يخالف الأخلاقيات والعادات والتقاليد عبر مواقع التواصل.
من جانبها، أكدت الناشطة المجتمعية مريم الأحمدي، أن لمجتمع الإمارات خصوصيته التي يتميز بها عن بقية المجتمعات الأخرى، وبالتالي ما يصلح لمجتمع ويتوافق مع تقاليده ومبادئه الإنسانية قد لا يتوافق بالضرورة مع أي مجتمع آخر، ولهذا كان من الضروري على مشاهير التواصل الاجتماعي أن يكون لديهم بعض من التفرقة بين ما يلائم مجتمع الإمارات وما يتنافى مع قيمه وتقاليده الراسخة.
ونبهت إلى أن على مشاهير التواصل الاجتماعي مسؤولية أن يكونوا أكثر إدراكاً لحقوق وواجبات المجتمع، خصوصاً أنهم قدوة للمراهقين والشباب، الذين من السهل أن يقوم أي منهم بتقليدهم، ما يعرضهم للخطر، والتسبب في إلحاق الأذى بالآخرين، وهو ما يعني أنهم لا يدركون طبيعة دورهم المجتمعي.
وأكدت أن هناك حاجة ماسة لضرورة تنمية الوعي لدى مشاهير المجتمع في كل المجالات، بأن يكونوا مدركين لمسؤولياتهم، ويعوا جيداً أن لهم تأثيراً في أفعال الآخرين، وبالتالي يكونوا مؤثرين إيجابيين بالحفاظ على أمن وسلامة الآخرين، التي هي أحد الحقوق الإنسانية.
وأشار المحامي القانوني، الدكتور رائد العولقي، إلى أن القانون لا يميز بين شخص مشهور وآخر غير مشهور، وأن القانون يعاقب كل شخص على جريمته، وفقاً للحد الأدنى والحد الأعلى للعقوبة.
وأوضح أنه إذا ارتكب أي شخص مشهور، لديه متابعون بالآلاف، فعلاً غير أخلاقي أو غير قانوني، فإنه سيعرّض متابعيه الذين سيقلدون أفعاله غير القانونية، وغير الأخلاقية، للمساءلة، لأن من المفترض أن يكون قدوة لهم، ولا يرتكب أي سلوكيات تتعارض مع القانون وعادات المجتمع.
وأضاف أنه يجب تشديد العقوبة على المخالفين من مشاهير التواصل الاجتماعي، لأن ظروف تشديد العقوبة متوافرة في حقهم، ولأنهم لو ارتكبوا مخالفات دون إرادة منهم فإن ذلك يساعد على تخفيف العقوبة، ولكن إذا تعمدوا ارتكاب المخالفات القانونية، ونشرها، فإن ذلك يعتبر تشجيعاً للمعجبين المتابعين على ارتكاب السلوك المخالف، ما يجعلهم محلاً لتوقيع أقصى العقوبة.
ورأى المحامي القانوني، الدكتور حمد الدباني، ضرورة إغلاق حسابات المشاهير المخالفين للقانون على مواقع التواصل الاجتماعي، وعدم السماح لهم باستخدامها فترة محددة، تأديباً لهم على ارتكابهم المخالفات وتشجيع متابعيهم على ارتكابها.
وأوضح أن أي تصرف مسيء من قبل مشاهير التواصل الاجتماعي سيؤدي إلى انتشاره من قبل متابعيهم، باعتبارهم قدوة لمعجبيهم، لأن سلوكيات مشاهير التواصل الاجتماعي أصبحت مؤثرة في المجتمع، وقد تؤدي إلى وقوع مخالفات قانونية بين متابعيهم ومعجبيهم، خصوصاً إذا كان المخالف من المشاهير المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن التصرفات غير المسؤولة لبعض مشاهير التواصل الاجتماعي تسيء إلى متابعيهم، إذ سيفقد أحدهم عدداً كبيراً من متابعيه، نتيجة لارتكابه المخالفات القانونية، وإحالته إلى الجهات القضائية، مشيراً إلى وجوب اتخاذ إجراءات صارمة بحقهم، حتى لا يُسمح لهم بالتمادي في الإساءة إلى العادات والقيم المجتمعية.
عقوبة الخدمة المجتمعية
طالب المحامي القانوني، الدكتور حمد الدباني، بدراسة تطبيق عقوبة الخدمة المجتمعية على المخالفين من مشاهير التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر أنها من الخطوات التي يمكن أن تحد من ارتكابهم لأي مخالفات قانونية، ليكونوا عبرة لغيرهم ولمتابعيهم ومعجبيهم، معتبراً أن بعض مشاهير التواصل الاجتماعي يعانون نقصاً اجتماعياً ووظيفياً ونفسياً، ويقومون بإنشاء حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتعويض النقص الحاصل لديهم، ولنشر ثقافتهم، والإساءة إلى المجتمع، ومحاولة التأثير في متابعيهم بسلوكيات مخالفة للقانون.
«تحدي كيكي»
انتشر خلال اليومين الماضيين مقاطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأداء رقصة على أنغام أغنية مشهورة، في ظاهرة جديدة حملت اسم «تحدي كيكي» (Kikichallenge)، يقوم مقلدوها بالنزول من المركبة أثناء سيرها، والقيام بالرقص، ما عرض بعضهم لحوادث خطرة، نتيجة عدم الانتباه، والمخاطرة بحياتهم في سبيل تصوير أنفسهم وهم يرقصون على أنغام الأغنية.
وتقوم الفكرة على ترك السيارة سائرة بإيقاع بطيء، وفتح بابها، والتصوير من داخلها للرقص بجوار السيارة، وقد أدت محاولات «كيكي» إلى حوادث وإصابات ومواقف كوميدية لبعض الأشخاص المشتركين في «التحدي».