هل تريد مضاعفة أموالك؟
لوهلة، يبدو عنواناً مغرياً، لكل فئات المجتمع، بمن فيهم الأغنياء، الذين يريدون مضاعفة ثرواتهم مرات عدة، وإذا كان هذا حال الغني، فما بالكم بمتوسط أو محدود الدخل.لكن تظل النقطة الفاصلة في هذا الموضوع هي: كيف؟وما الطريقة التي يفترض اتباعها لتحقيق ذلك؟ أتذكر أنني في إحدى الرحلات السياحية لدولة آسيوية كنت أمشي في السوق، فأوقفني شخص من بين مئات المتسوقين، ودون سابق إنذار سألني:
كم في جيبك؟
فسألته: لماذا تريد أن تعرف؟
فأجاب: أريد مساعدتك على مضاعفة أموالك.
قلت له طيب! وثمة مشاعر مختلفة ومتناقضة سيطرت عليّ، عبّرت عنها بنوع من التهكم والاستغراب والجدية، وتحولت إلى مجموعة إنسان، كما يشدو الفنان محمد عبده.
قال لي: صدقني سأساعدك على مضاعفة أموالك.
سألته كيف؟ فأجابني بصوت خافت، وبغمزة عين خاطفة: المكان هنا مزدحم بالناس، تعال معي إلى جانب الطريق في مكان أكثر هدوءاً، وسأخبرك بالطريقة تفصيلياً.
المحادثة كلها استغرقت أقل من دقيقتين، وبالتأكيد لم استجب لطلبه، وقلت له باختصار شديد: نحن في عام 2018، ثم ابتسمت وأكملت طريقي، تاركاً المحتال مكانه يفسر ما أعنيه من تلك جملة.
نعم.. نحن في عام 2018، ورغم كل هذه الثورة المعلوماتية والتطور التكنولوجي، ورغم عصر التواصل الاجتماعي، ونشر كل تفاصيل الحياة وأساليب الاحتيال، إلا أن البعض لايزال يقع في فخ مضاعفة الأموال، ويصدق محتالاً لا حول له ولا قوة، يتسكع في الطرقات.
في عام 2017، كان هناك شاب تايلاندي، يبلغ من العمر 34 عاماً، يُدعى بوديت ديلوك، هذا التايلاندي أطلق عليه لقب أكبر محتال، حيث أغرى مستثمرين بأرباح سريعة، فضخوا أموالاً في شركتين يملكهما من خلال ما يسمى «الطريقة الهرمية»، التي تعتمد على توزيع الأرباح على المستثمرين القدامى، بشرط جلب مستثمرين آخرين حتى يكسبوا أرباحاً، وهكذا استطاع المحتال التايلاندي الاستيلاء على نحو 162 مليون دولار كاملة من نحو 40 ألف شخص نجحت معهم الحيلة. بينما تلقى المستثمرون وعوداً بأن تذهب أموالهم إلى أصول عقارية، ومنتجات أخرى، علاوة على شركات سيارات، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث، ليصل عدد ضحايا هذا الشاب التايلاندي إلى نحو 2653 ضحية معروفة، فقررت المحكمة الحكم على ديلوك بخمس سنوات سجناً لكل حالة، أي ما مجموعه 13 ألفاً و265 سنة، لكنها خفضت الحكم إلى النصف، بعد أن أقر بـ«ذنبه».
وهناك أساليب صارت بدائية لمضاعفة الأموال، مثل الدولارات السوداء، الحيلة التي ظهرت للمرة الأولى تقريباً منذ أواخر تسعينات القرن الماضي، وحذرت منها الشرطة مراراً، لكن للأسف لايزال البعض يقع فيها.. وعلى أي حالة محصلة كل جرائم الاحتيال هي أن المحتال لا يوقع إلا بالطماع فقط!