«الأمين»: إهمال الآباء يعرِّض الأبناء للتجنيد من متطرفين والابتزاز الإلكتروني
حذرت خدمة الأمين من مخاطر عدة، تهدد الأطفال والمراهقين عبر الألعاب الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، في غياب تام عن الأهل أو المدرسة، تشمل عمليات استقطاب من قبل تنظيمات متطرفة أو شاذين أخلاقياً، فضلاً عن إدمان كثير من الأطفال تلك الألعاب.
وكشفت عن حالة مراهق أبلغ عن شقيقه الأصغر ست سنوات، بسبب إدمان الأخير إحدى الألعاب، حتى صارت تمثل خطورة على صحته وسط إهمال من الأبوين، مؤكدة ضرورة وضع قيود أسرية على استخدام اللعبة الشهيرة «بابجي»، لضمان عدم تسلل غرباء خطرين إلى مستخدميها عبر التراسل «الشات».
وأشارت، خلال جلسة حوارية مع مديري مدارس تحت عنوان: «الثقافة الأمنية وتأثيرها على المجتمع»، إلى أن بعض المدارس تتحفظ في التواصل مع الخدمة، عند وقوع تصرفات أو مظاهر مقلقة أو مرفوضة من قبل الطلبة ما ينعكس سلباً على جميع الأطراف، لافتة إلى أن الخدمة تلقت بلاغاً من أحد الآباء حول اعتزام مجموعة من الطلبة، يتزعمهم طالب مفصول، حرق إحدى المدارس، وأنشؤوا مجموعة (جروب) على «واتس آب» لترتيب ذلك، فأبلغ طالب والده وبدوره أبلغ الخدمة، فيما لم تتخذ المدرسة أي مبادرة رغم علمها.
وتفصيلاً، قال الاختصاصي في خدمة الأمين، أحمد الحارثي، إن الخدمة رصدت مخاطر متنوعة تستهدف الدولة بجميع مستوياتها وفئاتها، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ما يستلزم قدراً كبيراً من الانتباه والمشاركة المجتمعية من قبل الأسرة.
وأضاف أن من أبرز المخاطر التي رصدتها الخدمة، غياب الوعي لدى المراهقين والشباب، الذين تراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً، بأساليب التنظيمات المتطرفة التي تتسلل بطريقة ملتوية، وتستدرجهم من خلال الألعاب الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، ويفتحون معهم نقاشات عامة، ويشاركونهم اهتماماتهم حتى يجروهم إلى اعتناق أفكارهم المتطرفة.
وكشف أن هناك ألعاباً إلكترونية حظرتها الدولة، لكن يقوم الأطفال والمراهقون بتحميلها عبر الإنترنت، في غياب كامل للرقابة الأسرية، وتبين أن تنظيم «داعش» الإرهابي طور إحدى تلك الألعاب، وطرح نموذجاً مشابهاً تماماً، وأدرج فيه أفكاره وأغانيه وأساليبه، لافتاً إلى أن الأجهزة المعنية في الدولة تبذل ما بوسعها في ما يتعلق بالرقابة والحظر والتوعية، لكن لا يمكن أن توجد داخل المنزل أو المدرسة، لذا فإن هناك مسؤولية مشتركة من قبل جميع الأطراف.
وأكد أن فكرة حرمان الطفل من اللعب لم تعد مجدية أو مناسبة، في ظل توافر الهواتف والألعاب الإلكترونية مع الجميع، لكن من الضروري في المقابل نزول الآباء إلى مستوى أبنائهم ومشاركتهم اهتماماتهم، بل واللعب معهم إذا أمكن ذلك من باب الاطلاع على ما يجري معهم، ولضمان وجود تقارب بين الطرفين، لافتاً إلى أهمية توفير أنشطة بديلة كذلك مثل الألعاب الجماعية أو التجمعات الأسرية والصيد، وغيرها من الأنشطة التي يمكن أن يحبها الأبناء وتبعدهم ولو قليلاً عن الأجهزة الإلكترونية.
من جانبها، قالت الاختصاصية في خدمة الأمين، عائشة المنصوري، إن التجنيد من قبل التنظيمات المتطرفة تغير مع تطور وسائل الاتصال، فانطلق من الإطار التقليدي عبر أشخاص، إلى التواصل عبر المواقع والمنتديات الإلكترونية، وصولاً إلى شبكات التواصل الاجتماعي.
وأشارت إلى أن ما يحدث حالياً يعرف باسم حروب الجيل الرابع، التي تستهدف زعزعة الدول من الداخل، من خلال نشر أفكار مسمومة بين أبنائها والسيطرة عليهم، وهذا ما رصدته خدمة الأمين.
وأوضحت أن نمط التربية ودور الآباء يمثلان عاملاً كبيراً في حماية الأبناء من مخاطر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أن هناك إشكالية في عدم توحيد معاملة الأبوين للأبناء، في ما يتعلق بهذا الجانب.
وأضافت أن من الحالات التي تبين هذا الخلل، فتاة كان والدها يقنن مسألة استخدامها للإنترنت، فيما أمها تفسح لها المجال لفعل ما يحلو لها، حتى ترتاح من طلباتها، فتعرفت تلك الفتاة إلى شاب استدرجها إلى علاقة غرامية، ثم حصل على صور شخصية لها، وبدأ في ابتزازها، لكنها تصرفت بطريقة جيدة رغم خوفها من أبيها، إذ تواصلت بنفسها مع خدمة الأمين، فتم التعامل مع الحالة بكل سرية وحل المشكلة.
من جانبها، قالت الاختصاصية في خدمة الأمين، عائشة الورى، إن خدمة الأمين تتولى احتواء المشكلات والبلاغات بسرية تامة، لذا من الضروري أن يكون هناك تواصل مستمر مع إدارات المدارس، لافتة إلى أن بعض الإدارات تتجنب الاتصال، رغم وجود ما يفرض ذلك من باب الخوف على سمعة المدرسة، أو أسباب أخرى. وأضافت أنها زارت، مع وفد من «الأمين»، إحدى المدارس الثانوية بنين، وأكدت المديرة أن كل شيء على ما يرام ولا توجد مشكلات، وأثناء خروجها علمت بالصدفة أن الطلبة أنشؤوا «جروب» على إحدى شبكات التواصل، وكانوا على وشك القيام بتصرف خطير يعد جريمة، وهو إحراق مدرستهم.
فيما ذكرت الاختصاصية أسماء عبدالحميد أن هناك خطة عمل، تتولى «الأمين» تنفيذها مع المدارس، تعتمد على برنامج توعية مدروس، حول أبرز المخاطر التي تستهدف الأبناء، وكيفية التعامل معها، ودور الأسرة والمدرسة.
استقطاب مراهق في ظل غياب الرقابة الأسرية
قال الاختصاصي في خدمة الأمين، أحمد الحارثي، إن هناك حالات سجلتها الخدمة، تعكس إهمالاً كبيراً من قبل الأهل، كاد أن يدمر مستقبل أبنائهم، مثل حالة مراهق يبلغ من العمر 16 عاماً، تغيب أربعة أيام كاملة عن المنزل، وحينما استفسرنا منه عن سبب تأخره في الإبلاغ، رد الأب بأنه تخيل أن ابنه عند عمه أو أحد أقاربه، ما يعكس عدم متابعة تحركات الشاب إطلاقاً من قبل ذويه واعتيادهم غيابه. وأضاف أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة والتوصل إلى مكان الابن، وبسؤال أبيه عن سلوكياته، أفاد بأنه منعزل ومنطوٍ على نفسه، إذ يعتاد المكوث بمفرده في الغرفة طول الوقت، ويجلس على جهاز الكمبيوتر الخاص به.
وأشار إلى أن هذا المؤشر كان كافياً للقلق حول ما يقوم به هذا الشاب، فتم فحص نشاطه الإلكتروني، فاكتشفنا أنه يتواصل مع منتديات إلكترونية مشبوهة، وكان على وشك استقطابه من قبل مجموعة متطرفة، لكن تم عقد جلسات معه، وإرشاده إلى الطريق الصحيح، حتى ابتعد كلياً عن هذه المجموعات والأفكار، وصار مجتهداً في دراسته.
مراهق يبلغ «الأمين» عن شقيقه لإدمانه الألعاب الإلكترونية.
التجنيد من قبل التنظيمات المتطرفة تغيَّر مع تطور وسائل الاتصال.
حرمان الطفل من اللعب لم يعد مجدياً لتوافر الهواتف والألعاب الإلكترونية.
يجب وضع قيود أسرية على استخدام لعبة «بابجي» لعدم تسلل غرباء.
غياب وعي المراهقين بأساليب تنظيمات متطرفة أبرز مخاطر استخدام الإنترنت.