إعادة محاكمة عامل تسبب في موت آخر بسبب خلاف على «سكراب»
قضت محكمة النقض أبوظبي بإلغاء حكم بحبس عامل سكراب أدين بالقتل الخطأ، ومحكوم عليه بالسجن خمس سنوات وإبعاده عن الدولة، لاعتراف الجاني بارتكابه «الفعل الذي تسبب في الوفاة».
وتعود تفاصيل القضية إلى قيام المتهم بمزاولة نشاط غير مرخص به، وهو البحث عن سكراب وبيعه، حيث كان يقود مركبة من نوع «بيك أب»، في يوم الواقعة برفقة صديق له، وشاهد سكراباً مملوكاً للمجني عليه، فحمله على السيارة، وقد شاهده المجني عليه، فاتصل بشقيقه للاستعانة به لمنعه من الهرب، فحدثت مشاجرة بينهما، وأثناء ذلك تحرك المتهم بالمركبة على الرغم من تمسك المجني عليه بمقودها، وانعطف بها إلى اليسار حتى يتمكن من مغادرة المنطقة، لكنه اصطدم بسيارة كانت متوقفة، ونتج عن ذلك سقوط المجني عليه على الأرض ووفاته.
وكانت النيابة العامة وجهت للمتهم تهم الاعتداء على سلامة المجني عليه إثر مشاجرة نشبت بينهما، بأن «قاد المركبة حال اعتراض المجني عليه طريقه من خلال الإمساك بباب المركبة لمنعه من الهرب، إلا أنه لم يتوقف، وانحرف بالمركبة يميناً ويساراً، محاولاً التخلص من المجني عليه، الأمر الذي أدى إلى اصطدامه بمركبة متوقفة بجانب الطريق، وحدوث إصابات فيه - مضمنة في تقرير الطب الشرعي - أودت بحياته، ولم يكن يقصد قتله».
وتابعت النيابة أن «المتهم ارتكب عمداً فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس للخطر، بأن قاد المركبة بتهور، بصورة تشكل خطراً على الجمهور، وتسبب في إتلاف المركبتين نتيجة استعماله مركبته على وجه يخالف أحكام السير والمرور، إضافة إلى تهمة مزاولة نشاط تجاري من دون ترخيص بأن جمع قطع الخردة -سكراب- لإعادة بيعها».
وكانت محكمة أبوظبي الابتدائية عاقبت المتهم بغرامة 40 ألف درهم عن جريمة مزاولة النشاط من دون رخصة، وبالسجن 10 سنوات عن بقية التهم للارتباط، وإبعاده عن الدولة، وإلزامه بأن يؤدي الدية الشرعية (200 ألف درهم) لورثة المجني عليه، فطعن المتهم على الحكم بطريق الاستئناف. وقضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم والاكتفاء بسجن المتهم خمس سنوات وتأييد الحكم في ما عدا ذلك. ولم يلقَ هذا القضاء قبولاً لدى المستأنف فطعن عليه بطريق النقض بالطعن، وأودع محاميه صحيفة الطعن، فيما قدمت النيابة العامة مذكرة ارتأت في نهايتها رفض الطعن.
ونعى الطاعن على الحكم المطعون فيه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يندب محامياً للمتهم يدافع عنه أثناء نظر الجلسات، ولم يحط بواقعة الدعوى، وجاءت أسبابه قاصرة، واكتفى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه على الرغم من قصوره، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وأشار حكم المحكمة إلى أن الحكم المستأنف أدان الطاعن وعاقبه تعزيراً على سند أنه أنكر نية قتل المجني عليه، وخلو الأوراق من إقرار قضائي أو بينة شرعية أو يمين قسامة، وهو ما يسقط عليه القصاص، والثابت أن مشاجرة حدثت فجأة بين المتهم وصديقه ضد المجني عليه وشقيقه بسبب السكراب، أسفرت عن اعتداء المتهم على سلامة جسم المجني عليه، بأن تحرك بالسيارة مع علمه بتمسك المجني عليه بمقودها. وانطلق بها ولم يتوقف، بقصد سقوط المجني عليه. وأثناء سيره بالسيارة صادف وجود سيارات واقفة على اليسار، وارتطم بسيارة متوقفة، وأفضى ذلك إلى موت المجني عليه، دون أن يقصد قتله، وأيده الحكم المطعون فيه في ذلك.
ولفتت المحكمة في حكمها إلى أن الجاني بتحركه بالمجني عليه، على الرغم من تمسكه بمقود السيارة، فانه يكون قد اعترف بالفعل الذي تسبب في الوفاة، وأن نفيه نية القتل لا يمكن وصفه بأنه شبه عمد، وفقاً للمذهب المالكي، مما يكون معه الحكم المطعون فيه ومن قبله الحكم المستأنف قد صدرا باطلين، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه، وإلغاء الحكم المستأنف، وتحديد جلسة لنظر الموضوع دون حاجة لبحث أوجه الطعن.
وحكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وإلغاء الحكم المستأنف، لبطلانه، وتحديد جلسة لنظر الموضوع يُستدعى إليها أولياء الدم.
محكمة أبوظبي الابتدائية عاقبت المتهم بغرامة 40 ألف درهم عن جريمة مزاولة نشاط من دون رخصة، وبالسجن 10 سنوات عن بقية التهم.