بعد مكالمة قصيرة.. جامعية تحوِّل 50 ألف درهم إلى حساب مجهول
«شرطي وهمي» يصطاد أرصدة الضحايا بـ «كذبة الجوائز»
«الطمع» كلمة السر في معظم جرائم الاحتيال. وبحسب قضايا عدة مسجلة في المحاكم وأجهزة الشرطة، يتسم المحتالون بقدرة كبيرة على قراءة نفسيات ضحاياهم، ما يمكنهم من إغرائهم، وتحين الفرص للاستيلاء على أموالهم.
مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، أكد لـ«الإمارات اليوم»، أن «أجهزة الشرطة في الدولة لا تقصر في توعية المجتمع بأساليب المحتالين، إلا أن البعض لايزال يقع ضحايا لجرائم احتيال ساذجة، ومتكررة، نتيجة الطمع»، مشيراً إلى الاحتيال الهاتفي، الذي تستخدمه عصابات للإيقاع بأشخاص بعد إيهامهم بالفوز بجوائز كبرى، على الرغم من عدم اشتراكهم في مسابقات، أو ممارستهم أنشطة من النوع الذي يتضمن إعلاناً عن وجود جائزة أو مكافأة.
وأضاف: «أحدث أساليب هذا النوع من الاحتيال، ادعاء المحتالين أنهم تابعون للشرطة، أو دوائر حكومية وشبه حكومية، ومطالبتهم الضحية بالإدلاء ببيانات بطاقاتهم البنكية السرية، أو بتحويل أموال».
ويتابع المنصوري: «هناك ضحايا على قدر كبير من التعليم، مثل زوجة متعلمة حولت، دون علم زوجها، مبلغ 50 ألف درهم إلى رقم حساب مجهول، بعد دقائق قصيرة تمكن المتصل عبر الهاتف خلالها من إقناعها بالفوز بجائزة كبرى، وادعائه أنه تابع للشرطة. وأخرى، وهي امرأة متعلمة أيضاً، كشفت لمتصل مجهول أرقام بطاقتها الائتمانية، بعدما أوهمها بأنه شرطي، لتكتشف أنه سحب رصيدها».
وقال إن «المكالمة في الحالين السابقتين غير منطقية، فلماذا يتصل شرطي من هاتف متحرك، ومتى كانت الشرطة تعلن عن جوائز أو مكافآت بهذه الطريقة، وهل كانت الضحية ذاتها مشتركة في مسابقة ما، أو برنامج مكافآت، أو خدمة، تبرر فوزها بجائزة كبرى؟».
ويشير المنصوري إلى أن «المحتالين عن طريق الهاتف يحاولون تطوير أساليبهم، بالتصرف بطريقة تبدو مؤسسية، مثل تحويل الضحية من شخص إلى آخر، لترسيخ كذبتهم في نفسه، لكن العملية برمتها تظل ساذجة وغير منطقية، وتحاول الشرطة من جانبها ضبط هؤلاء المحتالين، لكن لا ضمانة لرد النقود، لذا يجب أن يتحلى أفراد المجتمع بالوعي واليقظة، ويفكروا جيداً قبل التجاوب مع المتصلين».
وتابع المنصوري: «النقود لا تأتي من الهواء، ومن يفكر بهذه الطريقة فعليه أن يتحمل مسؤولية قراره، فليس منطقاً أن يحول شخص أموالاً أو يكشف البيانات السرية لبطاقته الائتمانية لمتصل أوهمه بأنه تابع لمستشفى حكومي، وأنه فاز بجائزة كبرى في سحب أجراه المستشفى، على الرغم من أن الشخص ذاته لم يزر هذا المستشفى من قبل».
وطالب كل من يتلقى اتصالات مماثلة من مجهولين بأن يتصل فوراً بشرطة دبي عبر قنواتها المتنوعة، أو يتجاهل المتصل كأضعف الإيمان، لأن التجاوب معه يعني نزفاً للأموال.
ويؤكد المنصوري أن المحتالين يتلاعبون بالضحايا نفسياً، من خلال إثارة غريزة الطمع بداخلهم، فيتجاوبون معهم، ومن هؤلاء امرأة حولت 3000 درهم لعصابة أقنعتها بالفوز بـ500 ألف درهم.
شرطة أبوظبي، بدورها، رصدت تحديثاً لهذه الأساليب الاحتيالية عبر الهاتف، مشيرة إلى أنها صارت تطال أسماء مؤسسات وفعاليات محلية وعالمية.
وحذر مدير مديرية التحريات والتحقيقات الجنائية، العميد عمران أحمد المزروعي، من التجاوب مع الاتصالات التي تستهدف الناس عشوائياً، لافتاً إلى أن بعض الرسائل الخادعة تحتوي مضامين، مثل تحديث أو حظر البطاقات البنكية، بهدف استدراج الضحايا.
مدير مكافحة الاحتيال - التحقيقات في بنك الإمارات دبي الوطني، هاني مقبل، حذر بدوره من الأساليب الاحتيالية. وقال، لـ«الإمارات اليوم» على هامش ملتقى نظمته شرطة دبي، أخيراً، للتوعية بمخاطر الاحتيال الإلكتروني، إن أحدث أساليب ما يعرف بـ«الاحتيال الهاتفي»، هو ادعاء المتصل أنه من الشرطة بهدف إخضاع الضحية، وإقناعه بكشف بيانات بطاقته الائتمانية، أو البنكية عموماً، ومنها الرقم السري أو الكود الأمني الثلاثي الموجود في ظهر البطاقة، الذي يستخدم عادة في عمليات الشراء، لافتاً إلى أن «البعض يقع بسذاجة في الفخ».
وأضاف: «هناك مظاهر معينة يجب أن ينتبه إليه أفراد المجتمع، أهمها أن الجهات الرسمية لا تتواصل مع شخص بواسطة هاتف محمول، لتبلغه بفوزه بجائزة كبرى، ومنها أن المحتال يصرّ دائماً على إبقاء الخط مفتوحاً مع الشخص المستهدف، فيلح عليه ويحاول إقناعه، لأنه لا يعيد الاتصال به إذا أغلق الخط، لخوفه من أن يكشف أمره، ويتصل الطرف الآخر بالشرطة».
وذكر أن الأسلوب التقليدي الذي كان يتبع في البداية هو الاتصال بالشخص وإقناعه بالفوز بجائزة كبرى، ثم مطالبته بتحويل رصيد هاتفي يعيد المحتالون بيعه لاحقاً، لكن بعد حملات التوعية المكثفة انتبه أفراد المجتمع إلى هذه الطريقة، فطور المجرمون أساليبهم.
وأوضح أن أحدث الأساليب ادعاء المحتال أنه تابع لمؤسسة عامة، مثل الشرطة تحديداً، حتى يلقي بعض الرهبة والاحترام في نفس المتلقي، ثم استنزافه مالياً إذا تجاوب معهم.
خدعة أرقام الشريحة
أكد اللواء خليل إبراهيم المنصوري أن المحتالين كانوا يكتفون في البداية بإغراء الضحايا بجوائز كبرى، ثم يطلبون منهم تحويل رصيد هاتفي يبيعونه لاحقاً، لكنهم صاروا يطلبون بيانات البطاقات البنكية لضحاياهم، ويخترقون حساباتهم، ويستخدمونها في شراء منتجات عبر الإنترنت.
وأوضح أن المحتالين يحبكون خدعهم بطرق عدة، فيقنعون الضحية بأنه فائز حقيقي، من خلال إخباره بأرقام موجودة على شريحة الهاتف الذي يستخدمه.
وحينما يفحص الضحية الشريحة، يكتشف أن الأرقام التي ذكرت له موجودة فعلاً، فيطير فرحاً بالجائزة، ويكون مستعداً لفعل أي شيء، غير مدرك أن الأرقام ثابتة في جميع الشرائح.
وتابع المنصوري أن المرحلة الثانية من الخدعة، تتم عبر تحويل الضحية إلى نظام صوتي يشبه النظام المتعارف عليه لدى البنوك، فيحوله شخص إلى آخر، ويطلبون منه بيانات سرية، مثل رقم البطاقة الائتمانية والكود الثلاثي الأمني في ظهر البطاقة، وربما يذهب بعض الضحايا إلى إخبار المحتالين بالرقم السري للبطاقة، لافتاً إلى أن شخصاً عربياً سُحب من بطاقته أكثر من 10 آلاف درهم بالطريقة ذاتها، نتيجة منح بياناته السرية للمحتالين.
المحتالون يتلاعبون بالضحايا نفسياً، من خلال إثارة غريزة الطمع بداخلهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news