مختصون يطالبون بأنظمة واضحـــة تكافح التنمر في المدارس
تكاتفت جهات أمنية وتربوية في اتخاذ إجراءات قانونية مباشرة، والتحقيق في حادثة فيديو تنمر تعرض له طالب من قبل مجموعة من الطلبة في حافلة مدرسية كانت تنقلهم من مدرسة حكومية في مدينة كلباء في إمارة الشارقة إلى منازلهم، وتم تناقل الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما أثار غضب عدد كبير من أولياء الأمور.
وأكدت قريبة الطفل أنه يعاني إعاقة بصرية، وهو يتم الأم، حيث خصصت وزارة التربية والتعليم كتباً خاصة به لتسهيل دراسته، فيما طالب مختصون بضرورة وضع أنظمة واضحة وصريحة تمنع ممارسة التنمر من قبل طلبة في الحافلات المدرسية أو في الصفوف، من خلال وضع كاميرات في جميع الحافلات، ووضع مشرفين يتابعون الطلبة ويضبطون سلوكهم، ما سيمنع تكرار مثل هذه الحادثة مستقبلاً.
من جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم أن التنمر ظاهرة دخيلة على المجتمع المدرسي، وأنها تتصدى لها بمختلف الوسائل التربوية، للقضاء عليها وعلى تأثيراتها السلبية.
وتواصلت «الإمارات اليوم» مع قريبة الطفل الذي تعرض للتنمر في الحافلة، أول من أمس، والتي كشفت أن الطفل المعتدى عليه (12 عاماً) من الطلبة ذوي الهمم، وتم دمجه في المدارس النظامية ليتلقى التعليم فيها، مشيرةً إلى أنه يعاني إعاقة بصرية، وضعفاً شديداً في النظر، بسبب خلل في الشبكية لديه، ولا يستطلع النظر إلا من خلال نظارات خاصة، لافتة إلى أنه كان خارج الدولة للعلاج قبل شهر، حيث أجرى عمليتين جراحيتين في عينيه، ولايزال يتماثل للشفاء.
وقالت إن «الطلبة أثناء تنمرهم قاموا بنزع نظاراته عنه، ونظراً لإعاقته، فإنه لم يتمكن من رؤية أي شيء أمامه، بمن فيهم المتنمرون، فبأي قلب استطاعوا أن يقوموا بمثل هذه الفعلة!».
وأكدت أن وزارة التربية والتعليم خصصت له مناهج تعليمية مكبرة، ساعدته على متابعة الدراسة، دون مساعدة مشرف أو معلم، منوهة بأنه طالب هادئ ومميز، وجميع طلبة فصله متعاونون معه، ولم يشكُ سابقاً أي تنمر أو حادثة من قبل طلبة فصله.
وقالت والحزن يغلبها: «توفيت والدته وهو لايزال رضيعاً في عمر السنتين، وليس لديه أشقاء، إنما لديه أخوان من والده، إلا أنه لايزال متعلقاً بها وبذكراها، ولا يرضى أبداً أن يقوم أحد بالتعرض لها، ما جعله ينهار أمام تنمر هؤلاء الطلبة، لذكرهم والدته، برده عليهم، رغم ضعفه أمام كثرتهم: لا تسب أمي»، مشيرةً إلى أنها حاولت التحدث معه لمواساته وتقوية عزيمته، إلا أنه منهار بشكل كلي، ورافض الذهاب إلى المدرسة من أجل تأدية ما تبقى له من امتحانات نهاية الفصل، ما يؤثر في معدله النهائي في الشهادة.
وأكدت أن والد الطفل قام بتقديم شكوى في مركز الشرطة بمدينة كلباء، من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الطلبة المتنمرين، كما قامت وزارة التربية والتعليم بتشكيل لجنة لمتابعة الموضوع.
واستنكر عضو المجلس الوطني الاتحادي، جاسم النقبي، نشر الفيديو الذي يتضمن حادثة التنمر، مشيراً إلى أن «الحادثة قد تنتهي بمعاقبة من قاموا بالتنمر على الطالب وردعهم، إلا أن تصوير الواقعة أثناء التنمر جريمة أكبر وأشنع، لما سيترتب عليه من تأثيرات على المجني عليه مستقبلاً، بسبب التشهير وانتشار حادثته على مدى جغرافي واسع، كما قد يقوم أهل المجني عليه بالانتقام لابنهم عبر جريمة أخرى».
وأشار النقبي إلى أن المادة (21) من القانون رقم (5) لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات نصّت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، بطرق منها التقاط صور الغير أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها، ونشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات، ولو كانت صحيحة وحقيقية.
ووفق النقبي، فإنه يعاقب أيضاً بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة، والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكه، مؤكداً أن الحدث قد يتم الحكم عليه بأدنى العقوبات أو بالإيداع.
وشدد على أنه يجب على إدارات المدارس أن تكون حريصة على منع إحضار الهواتف الذكية خلال اليوم الدراسي، حتى في أوقات الامتحانات النهائية، لما لها من أضرار على الطلبة من خلال استغلالها في الأمور السلبية من خلال تصوير وقائع تنمر وتداول مقاطع إباحية وغيرها.
وقالت أخصائية تربية خاصة، وفاء حمدان، إن «التنمر المدرسي يعتبر شكالاً من أشكال العنف الموجه من طالب أو مجموعة من الطالب إلى زميل آخر»، مشيرةً إلى أن التنمر يحصل عن طريق الاعتداء البدني أو اللفظي أو التحرش، وغيرها من الأساليب العنيفة، وهذه الظاهرة تنتج عن التخويف والترويع للطالب الذي مُورس عليه التنمر بأشكاله المتعددة.
وأكدت أن التربويين والأخصائيين الاجتماعيين يتفقون على أن الطلبة الذين تعرضوا للتخويف هم أكثر عرضة للإصابة بالقلق والاكتئاب، مشيرة إلى أن التنمر عبارة عن سلوك عدواني متكرر، ومضايقات يرتكبها المسيء الذي يمتلك قوة بدنية أو اجتماعية وهيمنة أكثر من الضحية، فيقوم باستغلاله في إشباع ميوله وهدفه.
ولفتت إلى أن التنمر المدرسي يظهر في ثلاثة أنواع، هي: لغوي، وجسدي، وعاطفي، وينقسم التنمر إلى فئتين، هما التنمر المباشر والتنمر غير المباشر، ويتمثل في الابتزاز والتلاعب بالآخر من خلال التهديد والسخرية، مشيرةً إلى أنه يجب عدم الاستهانة أو الاستخفاف بالتنمر غير المباشر، لأنه يسبب الانعزال الاجتماعي للضحية، وقد يسبب له مستقبلاً أمراضاً نفسية متمثلة في الاكتئاب، وهذه الظاهرة تستهدف أهم فئات المجتمع، وهم الأطفال وذوو الهمم.
وتحقق شرطة الشارقة في الواقعة، كما قامت باستدعاء أولياء أمور الطلبة الذين تنمروا على زميلهم، لمعرفة الدوافع المؤدية إلى ذلك، بالتعاون مع إدارة المدرسة والجهات التعليمية والتربوية، كما ستتخذ الإجراءات القانونية حيال الحادثة، حرصاً من القيادة العامة لشرطة الشارقة على مكافحة الظواهر السلبية، ودرء مخاطرها، ومنها التنمر.
وشددت شرطة الشارقة على أهمية الدور الذي تلعبه العائلة وأولياء الأمور والمعلمون وأفراد المجتمع في مقاومة التنمر، حيث يتحمّل كل فرد مسؤولية اجتماعية في التصدي لأية حالة تنمر يشهدها، والتدخل لإيقافها، والوقوف مع الضحية، أو حتى إبلاغ الجهات المختصة، إذا لزم الأمر.
كما دعت شرائح المجتمع إلى الاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي، وكل التقنيات الحديثة، وذلك من خلال عدم تبادل المعلومات، أو تصوير الأشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعية إلى ضرورة التنبه لخطورة المشكلة، والعمل على مكافحتها من خلال تعزيز الجانب التكاملي بين أفراد المجتمع.
وأكدت وزارة التربية والتعليم أن التنمر ظاهرة دخيلة على المجتمع المدرسي، ولذلك فإنها تحاربها وتتصدى لها بمختلف الوسائل التربوية، بمساندة المؤسسات المعنية، للقضاء عليها وعلى تأثيراتها السلبية في العملية التعليمية برمتها.
وشددت الوزارة على أهمية دور أولياء اﻷمور الفاعل كذلك في التعاون والعمل معاً لمجابهة أية سلوكيات غريبة تصدر من بعض الأبناء في مجتمعنا المدرسي، حرصاً على تحقيق بيئة تعليمية إبداعية ومحفزة وملهمة وآمنة.
«التربية»: تم فتح تحقيق في الحادثة واستدعاء المتنمرين
أكدت وزارة التربية والتعليم أن فريق عمل من قبلها يحقق في حادثة التنمر، بعد أن انتشر مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر مجموعة من الطلبة يتنمرون على زميلهم داخل الحافلة المدرسية، وذلك رداً على سؤال طرح حول الواقعة.
وأفادت الوزارة في تصريحات صحافية، أمس، بأن فريق عملها يتابع هذه الحادثة بالتنسيق مع «مواصلات اﻹمارات»، حيث تم فتح تحقيق واستدعاء الأشخاص المعنيين للوقوف على حيثيات القضية، ومعالجتها من جذورها.
وطالبت الوزارة بضرورة عدم تداول هذا المقطع، حفاظاً على الخصوصية، وتفادياً ﻷية توابع وعواقب قانونية وإجراءات تصدر بحق من يعمل على نشره، كون الجهات المختصة تحظر تداوله، ويكون الفاعل تحت طائلة المسؤولية والمحاسبة. أمين الجمال - دبي
- «التربية»: تداول الفيديو له توابع وعواقب قانونية بحق من يعمل على نشره.
- الطفل رفض الذهاب إلى المدرسة لاستكمال امتحانات نهاية العام الدراسي.
- والد الطفل قدم شكوى لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الطلبة المتنمرين.
- أخصائية: الطلبة الذين
يتعرضون للتخويف
أكثر عرضة للإصابة
بالقلق والاكتئاب.
- شرطة الشارقة
استدعت أولياء أمور
الطلبة لمعرفة
دوافع تنمرهم
على زميلهم.