موظف يدفع حياته ثمناً لمرافقته صديقة مديره
قضت محكمة النقض أبوظبي بمعاقبة مدير (آسيوي)، متهم بقتل موظف لديه بالحبس 10 سنوات، وإلزامه بأدائه الدية الشرعية المقدرة بـ200 ألف درهم لأولياء الدم، وذلك لقيامه بتدبير جريمة القتل وإغراق المجني عليه، أثناء قيامهما برحلة صيد، لعلمه المسبق بأن المجني عليه لا يجيد السباحة.
تعود تفاصيل الدعوى إلى أن المتهم الأول (المدير) تربطه علاقة صداقة وجوار قديمة بالمجني عليه في موطنهما، إلا أنها اعترتها خلافات، تمثلت في مرافقة المجني عليه صديقة المتهم الأول، ما دعاه إلى تكليفه بأعمال ليست ضمن عمله، ما دعا المجني عليه إلى رفضها ونتج عنه قيام العمال والموظفين بالسخرية من المدير وعدم طاعته، فعزم على التخلص منه قبل أكثر من أسبوعين لواقعة مقتله.
وأشارت تفاصيل القضية إلى أن المتهم رتب للخروج مع المجني عليه في رحلة لصيد الأسماك، لعلمه المسبق بأن المجني عليه لا يجيد السباحة، وقام مسبقاً بمعاينة المكان محل الجريمة ووجد به منطقة منحدرة يمكن استغلالها في التخلص من المجني عليه.
وقام المتهم الأول (المدير)، باصطحاب موظفين (المتهمان الثاني والثالث) مع المجني عليه خلال الرحلة، لإبعاد الشبهة عن نفسه، إلا أنه فوجئ بأشخاص آخرين في المكان وفشل في تنفيذ جريمته، ثم قام بتكرار المحاولة مرة أخرى، مصمماً على تنفيذ قراره بقتل المجني عليه، وفي يوم الواقعة اصطحب معه الأشخاص أنفسهم إلى المكان ذاته، لشرب الخمر وصيد الأسماك، وتحمل نفقات النزهة كافة ليتيسر تنفيذ خطته.
وأوضحت التحقيقات أن المتهم جعل المجني عليه يغيب عن الوعي نتيجة تناول كميات كبيرة من الخمور، ليتمكن من قتله، ولا يستطيع مقاومته أثناء دفعه في الماء لإغراقه، وطلب من المتهم الثاني والمجني عليه مرافقته داخل البحر لصيد السمك، حيث استدرج المتهم المجني عليه إلى المنحدر، ثم قام بدفعه بكل قوة، فسقط إلى المنحدر المائي ولم يستطع السباحة وغرق مباشرة.
وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم الأول ظل واقفاً في مكانه لخمس دقائق للتأكد من غرق المجني عليه وموته، ثم قام بالصياح لطلب المساعدة، فيما خرج المتهم الثاني للشاطئ، بعد أن طلب منه المتهم الأول (المدير) عدم إخبار أحد بما حدث.
واعترف المتهم الأول بالواقعة في تحقيقات النيابة العامة، كما اعترف المتهم الثاني بتفاصيل الواقعة، ومشاهدته للمتهم الأول وهو يدفع المجني عليه بقوة داخل المياه، ما جعله يسقط في حفرة مائية، مشيراً إلى أنه أخبر الشرطة بغرق المجني عليه، ولم يخبرهم وقتها بالحقيقة لخوفه من المتهم الأول، معللاً الامتناع عن إنقاذ المجني عليه بخوفه من المتهم الأول، وعدم إجادته السباحة في المناطق العميقة.
فيما اعترف المتهم الثالث خلال التحقيقات بشرب الخمر وأنكر جريمة القتل، مشيراً إلى أنه لم ينزل مع المتهمين إلى المياه، وظل نائماً إلى أن أيقظه المتهم الثاني من نومه، وأخبره بأن المجني عليه غرق في البحر ومات.
من جانبه، أكد الشاهد الأول خلال التحقيقات أن تحرياته السرية أسفرت عن وجود خلافات سابقة على الواقعة في العمل بين المتهم الأول والمجني عليه، تطورت إلى مشادة كلامية وكانت تتكرر بصورة يومية، ما جعل المتهم الأول لكونه رئيس المجني عليه في العمل، يضمر له الشر وقرر التخلص منه، وأخبر المتهم الثاني برغبته في التخلص من المجني عليه، قبل أسبوع من وقوع الجريمة.
وأوضح تقرير الطب الشرعي خلو عموم جسد المجني عليه من أية آثار لإصابات حديثة، قد تشير لحدوث عنف جنائي أو تماسك، وأن الإصابات الموصوفة برأس وأعلى ظهر المتوفى عبارة عن إصابات رضية حيوية نتجت عن المصادمة والاحتكاك بجسم أو أجسام صلبة راضة خشنة السطح، أياً كان نوعها كالأرض أو ما في حكمها، ولا يعد أي منها سبباً للوفاة.
وأشار تقرير مختبر الطب الشرعي إلى أن المتوفى كان في حالة سكر بيِّن وقت الوفاة، والتي حدثت بسبب توقف التنفس والقلب، نتيجة «لاسفكسيا» الغرق، كما تم العثور على الكحول الإثيلي في عينة الدم الخاصة بالمتوفى، وقدرت نسبته بـ189% مليغرام.
وكانت محكمة أول درجة قد قضت بإعدام المتهمين الأول والثاني لارتكابهما جناية القتل العمد غيلة مع سبق الإصرار، وتغريم المتهمين الثلاثة 10 آلاف درهم لكل منهم، لارتكابهم جريمتي الخمر وتحسين المعصية، بالإضافة إلى إلزامهم بالرسوم القضائية بالتضامن في ما بينهم.
واستأنف المحكوم عليهم الحكم الابتدائي، وقضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف، وتعديل الحكم بسجن المتهم الأول 10 سنوات، لتنازل أولياء الدم عن القصاص وإلزامه بأداء الدية الشرعية المقررة 200 ألف درهم لأولياء الدم، وتأييد الحكم في ما عدا ذلك، وإبعاد المستأنف من الدولة بعد تنفيذ العقوبة وإلزامه بالرسوم القضائية.
كما قضت بتغيير القيد والوصف بشأن المتهم الثاني من قتل غيلة إلى جريمة عدم الإبلاغ بوقوع جناية والحكم عليه بالحبس مدة سنة، وتأييد الحكم المستأنف في ما عدا ذلك، وإبعاد المستأنف من الدولة بعد تنفيذ العقوبة وإلزامه بالرسوم القضائية.
وطعن المتهمون على الحكم، ونظرت محكمة النقض القضية ورأت أن الطعن غير سديد وعلى غير أساس، ومتعين رفضه.