ثقــافة الردّ وليس السبّ
لو تفحصنا أكثر مواد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات استخداماً على الصعيد العملي من واقع القضايا نجد المادة (20) التي تنص مع عدم الاخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الاسلامية على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات».
فإذا وقع السب أو القذف في حق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة بمناسبة أو بسبب تأدية عمله عد ذلك ظرفاً مشدداً للجريمة.
والملاحظ أن معظم المدانين بنص هذه المادة هم من قاموا بالرد على رسالة أو تغريدة ولكن لم يحسبوا معيار هذا الرد فوقعوا في جريمة لم تكن على البال أو الخاطر، وربما يكون الجاني نفسه ضحية لغيرته على مجتمعة أو دينه أو وطنه، لذا يجب أن ننشر ثقافة الانتقاد بطريقة حضارية دون سب أو شتم أو ازدراء أو تشهير، ولا تأخذنا الحمية لأن نعالج الخطأ بخطأ وربما التريث واستشارة أهل الخبرة من المحامين أو القانونيين للوقوف على أي فصل وعما إذا كان يشكل جريمة من عدمه، ومن ثم فتح بلاغ جنائي للجهات المختصة بشأن الفعل المرتكب.
ولا أخفيكم قولاً أن فئة من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم «مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي» يستفزون المجتمع ببعض العبارات النابية التي لا تمس الدين أو الأدب بصلة أو بنشر بعض الفيديوهات التي تخالف عاداتنا وتقاليدنا وتمس النظام والآداب العامة.
لكن أكرر أنه يجب ألا تقابل هذه التصرفات بفعل مجرم قانوناً من خلال ردود متجاوزة تتضمن سباً أو قذفاً، والبديل هو تقييم تصرف هؤلاء المشاهير المزعومين واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، وعدم الوقوع في فخ الاستفزاز، لأن بعضهم يتعمد فعل ذلك حتى يستدرجوا الناس إلى ارتكاب الخطأ، ثم يحركون ضدهم دعاوى قضائية ويساومونهم للحصول على تعويضات.
إن القانون واضح وحاسم، ويحمي المجتمع والأفراد على السواء، لكن كما يقول المثل «أخذ الحق حرفة»، لذا يظل الانتباه مطلوباً، خصوصاً عند التعاطي مع شبكات التواصل الاجتماعي، فالكلمة تنطلق في أقل من ثانية وتخرج غالباً دون وعي متأثرة بانفعال وحماسة، وتوقع صاحبها تحت طائلة المساءلة لاحقاً.
وأكاد أجزم بأن كثيراً من الأشخاص لو راجعوا أنفسهم ثانية واحدة قبل نشر مثل هذه العبارات الخارجة عن القانون، فلن يفعلوا ذلك.. وانتبهوا لردودكم.
المحامي
فئة من هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم اسم «مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي» يستفزون المجتمع ببعض العبارات.