أب يطالب بوقف نفقة أولاده
أقام أب لستة أطفال دعوى قضائية، مطالبا الحكم له بوقف النفقة المحكوم بها عليه، للأولاد المحكوم به بحكم سابق، والبالغة عشرين ألف درهم شهرياً.
وقال المدعي إن "المدعى عليها كانت زوجته، وطلقها وحكم للأولاد بالنفقة المحكوم بها عليه، ومنذ صدور الحكم حتى تاريخه، فإن مطلقته لم تنفذ الحكم ولم تستلم الأولاد منه ملتمسا ًوقف النفقة عنها".
وقضت المحكمة الابتدائية بوقف النفقة المحكوم بها للمدعي عليها على المدعي والمحددة بالحكم، والبالغة عشرين ألف درهم شهرياً وإلزام المدعي عليها برد أي مبالغ تسلمتها بموجب الحكم المذكور، وأيدتها محكمة الاستئناف.
ولم يرتض الأب بهذا الحكم فطعن عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا، موضحا أن "الحكم خالف القانون والثابت بالأوراق، حين أهدر حجية شهادة الشهود واجتزأ إقراره واحتسب وقف النفقة من تاريخ غير صدور الحكم السابق خلافاً لما أكده الشهود وسطره في صدر لائحة الدعوى وقضى بإهدار حقة في نفقة لا تستحقها المدعي عليها".
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن الأب، موضحة أن من المقرر في أحكام الشريعة الإسلامية الغراء والقانون على السواء أن الإقرار هو الاعتراف بالمدّعى بهِ، وهو اعتراف المقر بحقٍ عليه لآخر في صيغةٍ تفيد ثبوت الحق المقرر به على سبيل الجزم واليقين وإخبار الإنسان عن حقٍ عليه لآخر.
وأشارت المحكمة في الحيثيات أن المدعي قد تمسك بشهادة الشهود الذين اطمأنت لهم محكمة البداية والاستئناف على السواء ، وبتقريره الذي سطره منذ فجر الخصومة في لائحة الدعوى وهو أن المدعي عليها لم تستلم الأولاد منه البتة وأن الأولاد في حضانته منذ صدور الحكم السابق، وقبل ذلك أيضاً ولا تستحق أي نفقة من هذا التاريخ بحسب شهادة الشهود الذين لم تطعن فيهم المدعي عليها إلا أن حكم الاستئناف، ومن قبله الحكم الابتدائي قد تجاهل شهادة الشهود وبتقريره الذي سطره بلائحة دعواه وخلص إلى نتيجة غير متوافقة مع الدليل القانوني بشأن وقف النفقات لاسيما وأن الإقرار يجب أن يصدر من شخص مكلف يعي مرمى إقراره وإلزام نفسه بهِ وخالياً من عيوب الإرادة مخالفاً بذلك الدليل المتمثل في شهادة الشهود وبتقريره الذي سطره في لائحة الدعوى وهو أن الأولاد في حضانته منذ صدور الحكم السابق وأن مطلقته لم تستلم الأولاد منه بعد صدور الحكم لصالحها مما شاب حكم الاستئناف بالقصور وأخطأ في فهم الواقع وتقدير الأدلة والذي جره إلى مخالفة القانون مما يوجب نقضه بشأن النفقات مع التصدي .
وأكدت المحكمة أن سلطة محكمة الموضوع في تفسير الإقرار وتكييفه سواء كان إقرار قضائياً أو إقراراً غير قضائي ولها التأكد من صحة الإقرار وعدم صُدوره معيباً بعيبٍ من عيوب الإرادة والتأكد من أهلية المقر وذلك أن الإقرار يجب أن يصدر من شخص مكلف يعي مرمى إقراره وإلزام نفسه بهِ طالما لم يكن أثره متعدياً إلى الغير، وكان خالياً من عيوب الإرادة ، وسواء كان الإقرار بسيطاً أو موصوفاً أو مركباً، صريحاً أو ضمنياً، كما أن الإثبات بشهادة الشهود مشروع.
وأشارت إلى أن قانون الإثبات الإماراتي حدد قواعد الاثبات الخاصة بشهادة الشهود وشروط قبولها وكيفية سماعها والحالات التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود، باعتبار أن الشهادة هي وسيلة للإثبات القضائي، وهي إخبار شخص من غير أطراف الخصومة أمام القضاء بصدور واقعة من غيرهِ تثبت حقاً لشخصٍ آخر أو تنشئ التزاما على الغير، والشهادة حجّةٌ على الغير إذا اقتنعت بها المحكمة، وعليه فإن القاضي يتمتع بسلطة واسعة في تقديرها فلا يلتزم القاضي بها إلا إذا اطمئن إليها، وقد نصت المادة 38 من قانون الإثبات الإماراتي على أن تكون الشهادة عن مشاهدة ومعاينة، ومع ذلك تُقبل الشهادة بالتسامع ، والقول بعدم الأخذ بالشهادة بالتسامع يؤدي إلى وجود الحرج بين الناس في الحالات المذكورة. ولذا تنوعت الشهادة إلى شهادة مباشرة كالمشاهدة والمعاينة للواقعة القانونية وشهادة غير مباشرة ، ولذا يجب أن يكون موضوع الشهادة واقعة قانونيّة معينة ، وأن لا تخرج المحكمة على مدلول الشهادة، وأن لا تطرح المحكمة أقوال الشاهد بدون مبرر.