تعديلات «الأحوال الشخصية» تمنع الطلاق لأسباب واهية
أفاد قانونيون، بعد مرور سنة على تعديلات قانون الأحوال الشخصية، بأن تعديل المادتين (118) و(120) من القانون، أعطت الصلاحية للقاضي برفض دعوى الطلاق القائمة على أسباب واهية، إذا لم تتمكن الزوجة من إثبات الضرر الجاد الواقع عليها من الزوج، ما أدى إلى انخفاض حالات الطلاق لأسباب بسيطة أو لحظية.
وتوقعوا زيادة عدد القضايا الجزائية التي تتقدم بها زوجات لإثبات ضرر واقع عليهن، وانخفاض شهادات طلاق بسبب صعوبة الحصول عليه، لافتين إلى أن إمارة الفجيرة سجلت 199 حالة طلاق العام الماضي، بحسب مركز الفجيرة للإحصاء من خلال الكتاب الإحصائي السنوي.
ويرى قانونيون ضرورة تسهيل إجراءات الخُلع للزوجات اللاتي تم رفض دعاوى طلاقهن للضرر، من خلال جعل إجراء الخُلع لا يتوقف على موافقة الزوج، مع تقييد مطالبات الزوجة بنفقة الأبناء وتوفير المسكن بما يتناسب مع راتب الزوج دون أن ترهقه، ليحصل الأبناء على حياة أسرية خالية من المشكلات التي قد تؤثر سلباً في تربيتهم، هو الحل الأمثل.
وقال محامٍ ومستشار قانوني، حميد درويش، إن أهم بنود التعديل جاءت في إتاحة رفض القاضي لدعوى الطلاق إذا لم يثبت له أي ضرر حقيقي واقع على الزوجة، فإذا استمر الخلاف بين الزوجين، ورفع أحد الزوجين دعوى طلاق للمرة الثانية، يعيّن القاضي حكمين لنظر النزاع، ومحاولة الإصلاح أو الحكم فيه.
وأشار إلى أن رفض دعوى الطلاق للضرر، قد يفاقم المشكلات بين الأزواج، خصوصاً إذا استمر الزوج في إلحاق الضرر بالزوجة، ما يجعلها ترفع مزيداً من القضايا ضده للحصول على الطلاق.
وأوضح درويش، أنه تم تعديل بنود في قانون الأحوال الشخصية، خلال العام الماضي، لخفض عدد حالات الطلاق لأسباب واهية، وحددت المادة (118) حالات دعاوى الضرر، إذ نصت على أنه «إذا لم يثبت الضرر ترفض الدعوى، وإن استمر الشقاق بين الزوجين، فللمتضرر منهما أن يرفع دعوى جديدة، فإن تعذر على لجنة التوجه الأسري والقاضي الإصلاح بينهما، عيّن القاضي بحكم، حكمين من أهليهما إن أمكن، بعد أن يكلف كلاً من الزوجين تسمية حكم أهله قدر الإمكان في الجلسة التالية على الأكثر، وإلا عين من يتوسم فيه الخبرة والقدرة على الإصلاح، وإذا تقاعس أحد الزوجين عن تسمية حكمه، أو تخلف عن حضور هذه الجلسة، يكون هذا الحكم غير قابل للطعن فيه».
وأشار درويش إلى أنه في حال استمر الشقاق بين الزوجين، ورفعت الزوجة دعوى للمرة الثانية، فإنها تحال إلى الحكمين لإيقاع الطلاق بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن المادة (122) تنص على «في دعوى التطليق للإضرار يثبت الضرر بطرق الإثبات الشرعية، وبالأحكام القضائية الصادرة على أحد الزوجين، وتقبل الشهادة بالتسامع إذا فسر الشاهد أو فهم من كلامه الإضرار في محيط حياة الزوجين حسبما تقرره المحكمة، ولا تقبل الشهادة بالتسامع على نفي الضرر، وتقبل شهادة الشاهد ذكراً كان أو أنثى، عدا الأصل للفرع والفرع للأصل، متى توافرت في الشاهد شروط الشهادة شرعاً».
ويرى أنه بتعديل قانون الأحوال الشخصية أصبح الحكم بالطلاق منصفاً أكثر، خصوصاً أنه خلال الأعوام السابقة كان بعض الزوجات يرفع دعوى طلاق بضرر لأسباب قد تصنف بأنها بسيطة، وتكاد تكون تافهة، مشيراً إلى أن الإجراءات الجديدة يتم من خلالها تحديد الأسباب الحقيقية من غيرها، موضحاً أن التعديلات صعّبت حصول الزوجين على الطلاق حال كانت الأسباب غير مقنعة.
وتابع درويش أن بعض النساء يفتعل المشكلات من أجل اعتداء الزوج عليها، لإثبات الضرر بتقارير طبية أو الحصول على شهود، مطالباً بضرورة أن ينظر في تعديلات القانون من جميع جوانبه، وإعادة النظر في موضوع الخلع من دون تقييد، أي دون موافقة الزوج، خصوصاً في حالات نفور الزوجة عن زوجها، فصعوبة قرار الطلاق بضرر لابد أن تقابلها تسهيلات في الخلع، ليتمكن الأبناء من الحصول على حياة أسرية خالية من المشكلات التي قد تؤثر سلباً في تربيتهم.
من جانبه، عزا المحامي والمستشار القانوني، راشد الحفيتي، ارتفاع عدد القضايا المرفوعة من زوجات إلى قانون الأحوال الجديد، الذي يجعل الزوجة تكرر الدعوى من أجل إثبات ضررها، وحصولها على الطلاق إذا رفضت الدعوى الأولى، مشيراً إلى أن الزوجة أصبحت ترفع أكثر من قضيتين، لإثبات الضرر في المحاكم الجزائية أو غيرها، تماشياً مع القانون الجديد، بينما كانت سابقاً ترفع دعوى طلاق واحدة.
وأضاف أن بعض الحالات يتم فيها رفض دعوى الطلاق لعدم ثبوت الضرر، وتؤدي إلى شقاق بين الزوجين، حتى إن زوجات يرفضن الدخول في طاعة الزوج، ما يجعل الزوج يرفع دعوى نشوز ليسقط حقوق الزوجة.
وأشار الحفيتي إلى أن القانون يهدف إلى تقليل حالات الطلاق للضرر، واستقرار الأسر، ولم يكن المراد منه زيادة الإجراءات المتبعة من أجل الحصول على الطلاق، مثل رفع أكثر من قضية بين الزوجين، وفضح أسرار الأسرة، سواء من الزوج أو الزوجة، وإثباتها في قضايا جزائية أو غيرها.
وطالب المحامي والمستشار القانوني، سعود محمد، بتسهيل إجراءات الخلع للزوجات اللاتي تم رفض دعاوى طلاقهن للضرر، مع تقييد مطالبات الزوجة بنفقة الأبناء وتوفير المسكن بما يتناسب مع راتب الزوج، موضحاً أن تعديلات قانون الأحوال الشخصية، أعطت الصلاحية للقاضي برفض دعوى الطلاق، إذا لم تتمكن الزوجة من إثبات الضرر الواقع عليها من الزوج، ما دفع زوجات إلى رفع قضايا جزائية، وفضح حياتهن الأسرية، من أجل الحصول على الطلاق. وأشار إلى أنه في حال رفض دعوى الطلاق الأولى، يكون الخيار مفتوحاً أمام الزوجين، ويكون ذلك درساً قاسياً وتنبيهاً بأن حياتهما بحاجة إلى دراسة أسباب هذه المشكلات القائمة بينهما، خصوصاً أن دعوى الطلاق تمر بإجراءات، أولها الإصلاح الأسري، والإحالة إلى المحكمة، وثالثاً أمام الحكمين، وأخيراً أمام القاضي بعد إنجاز تقرير الحكمين.
وأكد محمد أن بعض الأزواج، حين ترفض دعوى الطلاق، تتفاقم مشكلاتهم، على الرغم من أنهم مروا بالإصلاح الأسري، مؤكداً أنه كلما طال أمد النزاع بين الزوجين، زادت القضايا بينهما، لافتاً إلى أن التعديلات القانونية لن يؤدي إلى انخفاض حالات الطلاق، رغم تشديد النصوص فيها.
وقالت المستشارة القانونية، المحامية أساور المنصوري، إن الأسرة نواة المجتمع، يصلح بصلاحها ويفسد بفسادها، وعنت الشريعة الإسلامية بالعلاقة الزوجية عناية فائقة، لأن الزوجين هما دعامة كل أسرة، والأصل الذي تتفرع منه الفروع، فإذا حفظ كل منهما حق الآخر تحققت النعمة المرجوة من الزواج.
وأكدت أن تعديلات قانون الأحوال الشخصية أسهمت في منع الطلاق لأسباب لحظية واهية، مثل الغضب الذي قد ينهي زواجاً دام أعواماً عدة، مطالبة بتكثيف الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج، لتأهيلهم وتثقيفهم بالحقوق والواجبات، وتقديم الدعم النفسي، تأهباً لدخول حياة جديدة، تسهم في الحد من الطلاق، مشيدةً بما تقوم به الدولة من إجبار المقبلين على الزواج على حضور دورات تدريبية، تعرفهم بحقوقهم من الناحية النفسية والجسدية والاقتصادية، إلا أن بعضهم يستهين بهذه الدورات التي تفتح مداركه على الحياة الجديدة.
ورفضت محاكم الدولة عدداً من دعوى قضائية تطلب فيها الزوجات الطلاق لأسباب بسيطة، مثل خليجية ترغب في الطلاق لعدم جلوس زوجها في المنزل والتفرغ لها، وقضاء وقته في العمل ومع أصدقائه.
وبسؤال الهيئة القضائية لها عن الضرر الذي يسببه الزوج لها، قالت: «لم يجلس في المنزل، ولا نراه أنا وأبناؤه إلا في أوقات بسيطة، وهي في حاجة لوجوده لمساعدتها في تربية الأولاد».
إثبات الضرر
قالت المواطنة «أم فهد» لـ«الإمارات اليوم» إنها اضطرت إلى رفع قضية جزائية، بعد أن رفضت المحكمة دعوى قدمتها لطلب الطلاق للضرر، نتيجة عدم استطاعتها إحضار شهود على الضرر الواقع عليها من زوجها، وألزمتها المحكمة بالدخول في طاعة زوجها.
وأشارت إلى أنها قدمت للمحكمة الجزائية صوراً لمحادثات عبر «واتس أب»، تثبت فيها ضررها المستمر من زوجها، عبر شتمها وإهانتها، ونعته لها بألفاظ بذيئة تقلل من احترامها، مؤكدةً أنها حصلت على حكم جزائي ضد زوجها، قدمته كدليل في دعوى طلاق للضرر رفعتها للمرة الثانية من أجل الحصول على الطلاق.
وأفادت خليجية بأن زوجها كان يغلب عليه الشك والظنون السيئة، ويتهمها طوال الوقت بأنها امرأة غير شريفة، وحين رفعت دعوى طلاق للضرر، رُفضت، إلا أنها تمكنت من الحصول على الطلاق، بعد أن رفع زوجها ضدها قضية جزائية، يتهمها فيها بخيانة الحياة الزوجية، عبر مكالمات هاتفية، وحصلت على حكم البراءة.
وأوضحت أنها أثبتت ضررها من خلال حكم البراءة، وأنها تعاني طوال الوقت من شكه وتشويه سمعتها أمام أبنائها من خلال اتهامها بالخيانة الزوجية.
199
حالة طلاق سجلتها إمارة الفجيرة خلال العام الماضي.
- زوجات يفتعلن مشكلات لدفع أزواجهن إلى الاعتداء عليهن لإثبات الضرر في محضر رسمي.