أم تلزم ابنها بحقوق زوجته.. وأخرى تمنعه من الطلاق
ساحات القضاء تكشف المعدن الطيب لـ «الحموات»
قال رئيس قسم التوجيه الأسري في محكمة الأحوال الشخصية في دبي، أحمد عبدالكريم، إن الصورة الذهنية السلبية الشائعة عن «الحماة»، سواء كانت أم الزوج أو أم الزوجة، لا تطابق الواقع في أغلبية الحالات، معتبراً أنه «من الجور تحميلها المسؤولية دوماً عن تعقيد الحياة الزوجية للابن أو الابنة، بسبب تحفزها الدائم للتدخل في شؤونهما».
وكشف لـ«الإمارات اليوم» عن تدخلات إيجابية أسهمت في احتواء خلافات زوجية عنيفة، مثل حالة أم تبنت موقف زوجة ابنها، وأجبرته على منحها حقوقها بالكامل، وأم أخرى تدخلت لمنع ابنها من الانفصال عن زوجته، وأخبرته بأنه سيفقدها هي نفسها إذا أصرّ على موقفه.
وسرد عبدالكريم واقعة لأب تدخل لإقناع ابنته بالعفو عن زوجها، على الرغم من إساءته الشديدة لها.
وقال إن تدخل الآباء في الحياة الزوجية للأبناء بشكل مطلق، ليس أمراً مستحباً، ويؤدي إلى وقوع كثير من الخلافات، خصوصاً في ظل اقتناع بعض الأمهات بأن من حقهن التدخل في أدق التفاصيل، وإبداء رأيهن في كل شيء متعلق بالابن، بما في ذلك طعامه وشرابه وملابسه وطريقة تعامل زوجته معه.
وأضاف أن «وجود هذا النوع من التدخلات لا يعني أن هذه هي الصورة الوحيدة للحماة، فهناك في المقابل تدخلات إيجابية تسمح للحماة بالكشف عن أصالة معدنها، وتتجلى عند وقوع خلاف بين الزوجين».
وقال عبدالكريم إن «هذا النوع من التدخلات الحميدة يساعد على احتواء المشكلة، مهمها بلغت حدتها».
وأفاد بأن القسم تعامل مع حالات كثيرة. وإحداها لرجل قصد المحكمة لتطليق زوجته، وكان واضحاً أنه لا يريد منحها حقوقها.
وأضاف: «حاولنا إقناعه بالعدول عن موقفه وإعادة النظر في قراره، لكن محاولاتنا اصطدمت بجدار صلب من الرفض والعناد. واستمرّ ذلك إلى أن تلقينا اتصالاً من والدته، قالت فيه بوضوح إنها لن تسمح لابنها بحرمان زوجته حقوقها».
وأكدت أنها لن تكون راضية عنه إذا أصرّ على موقفه، مستخدمة عبارة «لا يمكن أن نظلم بنت الناس».
وأكد أن هذا السلوك المستحب من الأم أو «الحماة» ليس استثنائياً، بل تحرص عليه أمهات كثيرات اللاتي يعتبرن زوجة الابن بمثابة الابنة، لافتاً إلى حالة أخرى لرجل أصرّ على تطليق زوجته كذلك، ولجأ إلى المحكمة، إلا أنه فوجئ بسدّ منيع يقف في وجهه، هو أمه التي أخبرته بلغة واضحة، أنها لن تسمح له بدخول بيتها إذا طلق زوجته، وطالبته بالعدول عن فكرته «لأن الزواج ليس لعبة أو علاقة تافهة وسطحية يمكن التخلص منها عند أول مشكلة أو خلاف»، واستجاب الابن بالفعل واستمرت حياته الزوجية.
وقال عبدالكريم إن «الدور الإيجابي لا يقتصر على الأمهات، إذ يمكن للآباء أن يلعبوا دوراً فاعلاً في احتواء الخلافات الزوجية، خصوصاً والد الزوجة، لأن الابنة ترتبط بأبيها عاطفياً، وتعتبره الظهر والسند حتى بعد زواجها، لذا إما يتدخل سلباً بالمبالغة في حمايتها، كأنها غير متزوجة، أو إيجاباً بتعزيز صورة زوجها لديها، وتوعيتها بأهمية احتوائه ورعايته».
وأضاف أن من الحالات التي سجلها القسم، زوجة تعرضت للإهمال والخيانة والمعاملة السيئة من زوجها، فقررت الانفصال عنه، ولجأت إلى المحكمة، مشيراً إلى أن الزوج أقرّ بخطئه واعتذر، لكنها رفضت مسامحته.
وأشار عبدالكريم إلى أنه اضطر للرجوع إلى والدها، فتحدث معه بهدوء وطلب الأب فرصة للتفكير والرجوع إليها. وفي اليوم التالي، أخبره بأنه أقنع ابنته بالعودة إلى زوجها بشرط توقيع الأخير على اتفاقية تلزمه بحسن معاملتها.
ومن الحالات، أيضاً، رجل أتى إلى القسم للطلاق، وأنهى جميع الإجراءات ثم اختفى، فاتصل به لمعرفة التطورات والاستفسار عن سبب غيابه، وردّ الرجل بأن والديه أرغماه على العدول عن قراره، وقالا له بصرامة: «لو طلقتها لا تعرفنا ولا نعرفك».
وأكد عبدالكريم أن الأهل هم خط الدفاع الأول عن أبنائهم، فإما يكونون ضمانة لحماية الزواج، أو سبباً في الخلاف والطلاق.
احتواء الخلافات الزوجية
أكد رئيس قسم التوجيه الأسري بمحكمة الأحوال الشخصية في دبي، أحمد عبدالكريم، أن الزوج يتحمل مسؤولية وضع قواعد واضحة في التعامل بين زوجته وأسرته، ناصحاً الأهل الذين يقيم ابنهم المتزوج معهم في المنزل بالتعامل بحكمة وعدم التدخل في كل صغيرة وكبيرة، لأن تدخل الأهل في شؤون الزوجين من أبرز أسباب الخلافات والطلاق، خصوصاً دخول الأم على الزوجين دون استئذان، وإبداء ملاحظات على كل شيء تراه.
وأوضح أن الزوج يجب أن يكون حكيماً لأنه إذا إنحاز إلى أحدهما سواء أمه أو عائلته كطرف أو زوجته كطرف آخر، تتفاقم المشكلات، لكن عليه الموازنة بين الطرفين، لافتاً إلى أن زوجاً تحدث إليه أخيراً بسبب تفاقم الخلاف بين زوجته وشقيقاته، فطلب منه ألا يتدخل ويتجاهلهن بعض الوقت، وحين تحدث إليه في اليوم التالي ردّ عليه ضاحكاً «إنهن في السوق معاً».
وأشار إلى أن على الزوجة في المقابل أن تكون صبورة ولا تتوقف عند كل تعليق، محاولة تأليب زوجها ضد أهله، فالمنغصات الصغيرة موجودة في كل منزل ويجب التجاوز عن الأمور التافهة وعدم تحويل الحياة إلى حرب مستمرة.
وأشار إلى أنه يحرص دائماً على تشجيع التجارب الإيجابية لأمهات أو آباء يستخدمون خبراتهم الحياتية والزوجية في توعية أبنائهم من الأزواج الجدد، خصوصاً أن قدسية الزواج سابقاً كانت راسخة وقوية أكثر من الوقت الراهن، لذا يحتاج الأبناء إلى النصح والإرشاد، بدلاً من إذكاء الخلافات وتصعيدها بتدخلان غير صحية.
- أب ينقذ زواج ابنته بـ«الحكمة».. والزوج يتعهد بحسن معاملتها خطياً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news