اللحظات الأخيرة قبل سقوط زعيم «عصابة كامورا» في دبي
كشفت مصادر أمنية في شرطة دبي، أن رافاييل إمبريال، أحد أخطر زعماء المافيا الإيطالية، رئيس عصابة كامورا، كان بالغ الحرص وأحاط نفسه بدوائر أمنية، وأعدّ خططاً للهرب من دبي، إذا استشعر الخطر وانكشف أمره، لافتة إلى أنه حاز عدداً من الهويات وجوازات السفر بأسماء مختلفة، لاستخدامها في السفر فوراً، لكن سبقته شرطة دبي بخطوة، بعد أن اكتشفت هويته المزوّرة، واستطاع فريق من نخبة رجال التحريات والمباحث وتحليل البيانات الجنائية مراقبته بحذر وسرية على مدار أسبوع، قبل دهم منزله الذي اختاره بمعايير أمنية خاصة، والقبض عليه مع أبرز مساعديه.
وأكدت أن إمبريال، (47 عاماً)، مصنف لدى نصف الأجهزة الأمنية الأوروبية باعتباره أحد أخطر مهربي المخدرات، وتحديداً الكوكايين، من أميركا الجنوبية إلى أوروبا، لافتة إلى أنه انتقل إلى دبي منذ فترة بهوية مستعارة، وأدرج رسمياً على قائمة المطلوبين دولياً منذ عام 2016، وحكم عليه غيابياً بالسجن ثماني سنوات وأربعة أشهر في تهمة واحدة، ولاتزال التحقيقات جارية بشأن قائمة طويلة من الاتهامات الأخرى.
وأفادت المصادر بأن زعيم عصابة كامورا مهووس بالخصوصية، والحذر الزائد، وكان يتجنب الظهور في المناسبات العامة، ولا توجد له صور تذكر في وسائل الإعلام، وظل يعمل في الخفاء سنوات طويلة، وطوال فترة إقامته في دبي كان ينتقل من مكان إلى آخر بطريقة محسوبة، لضمان عدم اكتشاف هويته، لافتة إلى أن شخصيته لا تختلف عن طبيعة زعماء المافيا التقليديين، الذين لا يميلون إلى الاستعراض أو التباهي، رغم شغفه الكبير بالفنون واقتناء اللوحات العالمية. وكانت شرطة دبي أعلنت، أمس، القبض على رافاييل إمبريال، المطلوب دولياً في جرائم منظمة، شملت تهريب المخدرات وغسل الأموال وتجارة السلاح، فضلاً عن شراء وحيازة لوحات فنية عالمية مسروقة، تقدر أثمانها بملايين الدولارات، منها لوحتان للفنان العالمي فان جوخ، سرقتا من متحفه بأمستردام منذ قرابة 19 عاماً. وكشفت شرطة دبي أن إمبريال صدرت بحقه نشرة دولية حمراء، من مُنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، وتم ضبطه برفقته أحد أخطر المجرمين، رافاييل ماوريلو، ذراعه اليمنى، والمسؤول عن عمليات القتل والاغتيالات في العصابة، ومطلوب كذلك لدى «الإنتربول» والسلطات الإيطالية، بتهمة القتل العمد لأحد الأشخاص في موطنه، باستخدام سلاح ناري غير مرخص، إلى جانب تهم الانتماء إلى عصابة إجرامية. وقال القائد العام لشرطة دبي، الفريق عبدالله خليفة المري، إن فرق العمل تمكنت من الإطاحة بزعيم العصابة، وكشفت هويته الحقيقية، رغم تخفيه وانتحاله اسم «أنطونيو روكو»، إلى جانب استخدامه أساليب تمويه مختلفة، لعدم كشف أمره، وذلك من خلال تنقله اليومي في أكثر من سيارة، واختيار العيش في مقر سكن مُستقل، إضافة إلى عدم تسجيل عنوان واضح له في الدولة، حتى لا يتم الاستدلال عليه. وأوضحت شرطة دبي، أن رافاييل إمبريال، ولد ونشأ في مدينة نابولي الإيطالية، وانتمى إلى العصابة الإجرامية منذ صغره، ثم تدرج فيها إلى أن أصبح أحد الزعماء المعروفين في إيطاليا بتاريخه الإجرامي، مبينةً أنه يعتبر من أخطر وأهم تجار المخدرات على المستوى الدولي. وكشفت شرطة دبي أن فرق العمل وضعت إمبريال بعد كشف شخصيته تحت الرقابة اللصيقة، وتابعت كل تحركاته، ومحاولاته للتخفي والتنقل بطريقة مُضللة لمدة أسبوع كامل، وعلى مدار الساعة، عبر فرقها التخصصية، وتسخير أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى تحديد ساعة الصفر لإلقاء القبض عليه. وأضاف أن الفرق دهمت مقر سكن إمبريال بحرفية عالية، وفاجأته باكتشاف أمره، وهويته الحقيقية التي أخفاها عن العالم، وتنقل بها بين أكثر من دولة، مشيرة إلى أنها ضبطت في مسكن زعيم العصابة مبالغ مالية وساعات ومقتنيات ثمينة، من بينها لوحات فنية كان يحرص على جمعها. وأحالت شرطة دبي ملف إمبريال وبرفقته رافاييل ماوريلو، إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية القاضية بتسليمهما طبقاً للقوانين الدولية المُتبعة في هذا الشأن.
«عصابة كامورا».. تاريخ من الرعب
تعد عصابة كامورا، من أقدم المنظمات الإجرامية المنظمة في العالم، إذ تمتد جذورها إلى القرن الـ18، وبدأت قوتها تبرز في مدينة نابولي الإيطالية، ورفعت شعاراً من البداية هو «النهب وإحداث الشرور»، وتغلغلت في إيطاليا ودول أوروبية أخرى على مدار عقود.
وعلى الرغم من تعرضها لهزات وضربات قاسية، على فترات متباعدة، من قبل السلطات الإيطالية والأوروبية، آخرها ضربة قوية وجهتها السلطات الإسبانية لها في عام 2019، إلا أن تقارير أمنية تؤكد أنها لاتزال تمارس أنشطتها بقوة، وتعتمد على النساء بشكل متزايد، في ظل استهداف كثير من رجالها بالاعتقالات والاغتيالات، وتقدر أرباحها السنوية من جرائم الاتجار في البشر والمخدرات والاغتيالات وغسل الأموال وتجارة الجنس إلى نحو 4.9 مليارات دولار.
إمبريال صدر بحقه حكم غيابي بالسجن 8 سنوات، وتنتظره قائمة طويلة من المحاكمات.