خبراء الجريمة يتتبعون «خيط دم» لـ 3 كيلومترات
أسهم خبراء إدارة مسرح الجريمة بالإدارة العامة للأدلة الجنائية في شرطة دبي في حل غموض جرائم معقدة من خلال رصد آثار دقيقة، من بينها جريمة قتل رجل أعمال آسيوي وزوجته داخل فيلتهما بأحد المجمعات السكنية، بعد تتبع آثار خيط من الدماء، يصعب رؤيته بالعين المجردة، على مسافة تصل إلى ثلاثة كيلومترات، حتى توصلوا إلى السلاح المستخدم في الجريمة، وتمكنوا من تحديد مرتكبها.
وقال مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون البحث الجنائي، اللواء خليل إبراهيم المنصوري، لـ«الإمارات اليوم»، إن إدارة مسرح الجريمة تُعد من الأسس المتينة التي يعتمد عليها في رفع الآثار وتوثيق الأدلة، ولديها كوادر عالمية حصلوا على تدريبات رفيعة المستوى على يد المباحث الفيدرالية الأميركية «إف بي آي» وأجهزة شرطية عالمية رفيعة المستوى، حتى صار لدى شرطة دبي خبراء معتمدون دولياً في هذا المجال الحساس.
وأضاف أن «دور خبراء مسرح الجريمة لا ينفصل عن دور رجال البحث الجنائي، في التعامل مع مختلف أنواع الجرائم، وهو ما يسهم في انعدام القضايا المجهولة على مستوى الإمارة، وهذا في حد ذاته يمثل ردعاً للمجرمين، ويعزز مؤشر الأمان الذي تتمتع به دولة الإمارات العربية بشكل عام ودبي على وجه الخصوص».
وأشار إلى أن القائد العام لشرطة دبي، الفريق عبدالله خليفة المري، يولي هذه الإدارات المتخصصة اهتماماً كبيراً «لذا يخضع كوادرها لدورات متقدمة وتوفير أفضل التقنيات لهم، وتالياً تجد خبراء مسرح الجريمة يتحركون دائماً بحماسة ولديهم جاهزية دائمة لتلقي البلاغات، ويحرصون على اختزال المؤشر الزمني للاستجابة، لإدراكهم بأنه كلما كان الانتقال سريعاً إلى موقع البلاغ، كانت النتيجة أفضل في كشف الجريمة، والتوصل إلى مرتكبيها».
من جهته، قال مدير إدارة مسرح الجريمة العقيد مكي سلمان أحمد سلمان، إن «خبراء مسرح الجريمة أسهموا في حل قضايا معقدة، من بينها جريمة قتل رجل أعمال آسيوي وزوجته داخل مجمع سكني، إذ نجحوا في التوصل إلى سلاح الجريمة على الرغم من التحديات الصعبة التي واجهوها».
وشرح أن «فريق مسرح الجريمة المتخصص رصد آثار دماء على أحد جدران المنزل، ورجح أن تكون للمجرم، فتتبع الأثر حتى وصل إلى شارع داخل المجمع السكني، ثم انقطعت الآثار فجأة».
وأشار إلى أن «الفريق تابع البحث حتى عثر على آثار الدماء مجدداً فتعقبها لمسافة كبيرة على الرغم من ضعفها، إلى أن وصل إلى حاجز حديدي على شارع الشيخ محمد بن زايد، ثم وجد نقاط دم على الحاجز. وواصل الفريق البحث إلى أن كوفئ على جهده بالعثور على سلاح الجريمة (سكين) على بعد خطوات من محطة موجودة على الطريق».
وتابع أن «فريق العمل حدد مصدر بيع السكين المستخدم في الجريمة، ومن خلاله تم تحديد هوية القاتل والقبض عليه في زمن قياسي، بفضل فريق لم ييأس أو يكل، على الرغم مما واجهه من صعوبات».
يُذكر أن القاتل كان أحد العمال الذين ارتادوا الفيلا سابقاً، وبعد شهور طويلة قرر استهدافها بالسرقة. وبعد دخوله إلى المكان استيقظ صاحب الفيلا، فقتله هو وزوجته بسكين كان بحوزته، كما طعن إحدى ابنتيه أثناء هروبه.
وأكد سليمان أن هناك قضايا عدة معقدة شارك خبراء مسرح الجريمة في كشفها من خلال رصد آثار دقيقة، مثل عملية سرقة ارتكبها أحد اللصوص، وأنكر كلياً قيامه بها، فتمكن فريق العمل من مضاهاة شذرات نحاس عثرت على ملابسه مع الخزنة المسروقة، وبمواجهته بهذا الدليل انهار واعترف بجريمته.
حادث دهس يتحوّل إلى جريمة قتل
قال مدير إدارة مسرح الجريمة، العقيد مكي سلمان، إن خبير مسرح الجريمة في شرطة دبي يتمتع بحدس قوي، فضلاً عن تجهيزه وتأهيله بدورات متخصصة، وصقله بخبرات ميدانية بالتعامل مع حوادث معقدة، من بينها قضية بدأت ببلاغ عن حادث دهس في منطقة البراري، فانتقل الفريق المتخصص في أنماط الدماء والرفات الآدمية إضافة إلى الطبيب الشرعي.
وأظهر التحليل الأولي أن المجني عليه تعرض للصدم، ما أدى إلى تهشم في جمجمته، لكن التشريح أكد أنه تعرض لاعتداء بآلة حادة في مقدمة الرأس.
وأضاف أن فريق مسرح الجريمة طوق المكان وبدأ في جمع الاستدلالات والآثار الدقيقة، وتمكن خبراء رشات الدم من تتبع آثار امتدت نحو 600 متر لتصل إلى سيارة مغبرة في مكان قريب، تأكد أن لها علاقة بالحادث، فتم فحصها بدقة، ليتبين أنها لم تكن أداة للدهس، ومن خلالها قبض على صاحبها.
وبمواجهة صاحب السيارة اعترف بأنه دهس المجني عليه في إمارة أخرى ونقله إلى هذه المنطقة للتمويه، لكن روايته لم تتسق مع الأدلة التي جمعها فريق مسرح الجريمة.
وبعد التضييق عليه اعترف بأنه اعتدى على المجني عليه مستخدماً آلة حادة، ثم نقله إلى هذا المكان وأجرى عملية تمويه حتى تظهر الجريمة باعتبارها حادث دهس.
صفر أخطاء
أكد العقيد مكي سلمان أن فريق مسرح الجريمة لم يسجل على مدار السنوات الماضية أي خطأ في جمع أو توثيق أدلة، لافتاً إلى أن الإدارة تتكون من ثلاثة أقسام رئيسة هي رفع الآثار المادية وإعادة بناء مسرح الجريمة وقسم فحوص الحوادث المرورية.
وكانت شرطة دبي أعلنت في أبريل الماضي عن تعيين أول قائد لفريق مسرح الجريمة من العنصر النسائي، وهي الملازم خديجة البلوشي، التي تعمل كضابط مناوب في نظام الورديات وقائدة لفريق مسرح الجريمة بالإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، لتشكل بذلك إضافة لنجاحات العنصر النسائي من خلال قيادتها للفريق وانتقالها إلى بلاغات الجرائم بمختلف أنواعها.
إدارة مسرح الجريمة من الأسس التي يعتمد عليها في رفع الآثار وتوثيق الأدلة.
الإدارات المتخصصة تحظى باهتمام كبير ويخضع كوادرها لدورات متقدمة.