المحتالون يطورون من أساليبهم باستمرار ويوظفون التكنولوجيا في خداع ضحاياهم. أرشيفية

محتالون إلكترونيون يتلاعبون بضحاياهم نفسياً عبر «رسائل رسمية».. (2-2)

يقف الضحية مرتبكاً حين يتلقى رسالة من الشرطة، فيما يتواجد معه على الهاتف في الوقت ذاته متصل يدعي أنه ضابط أو مسؤول في جهة رسمية يطلب منه تزويده ببياناته الشخصية والبنكية، لاستكمال بياناته لدى الدولة، أو لإنقاذ حسابه البنكي من التجميد، أو إيهامه بأن هناك خطراً على بياناته، ويطلب منه منحه كلمة سر أرسلت إليه عبر هاتفه.

وكشف أشخاص استهدفوا بهذا الأسلوب الاحتيالي لـ«الإمارات اليوم» أن المحتالين الذين اتصلوا بهم لديهم قدرة كبيرة على الإقناع، إذ تعمدوا حصارهم بعدد كبير من الأسئلة والاستفسارات بهدف التلاعب نفسياً بهم، لافتين إلى أنهم يشعرون بنوع من الارتباك حين يتلقون رسائل من جهات رسمية وفي التوقيت نفسه يتلقون اتصالاً من شخص يدعي أنه من الشرطة، ما يضفي نوعاً من المصداقية على حديث المحتال الذي يبلغهم بأن الرسالة سترد إليهم قبل وصولها بالفعل.

وأكد نائب مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، الرائد عبدالله الشحي، أن المواقع والخدمات الإلكترونية الحكومية مؤمنة كلياً، لافتاً إلى أن أول عبارة ترد في الرسائل التي يستغلها هؤلاء المحتالون تنص بوضوح على أن «الجهة الرسمية لا يمكن أن تطلب أي بيانات شخصية من العميل هاتفياً»، لذا رجاءً لا تشارك كلمة السر الواحدة أو بياناتك مع أي شخص هاتفياً.

وتفصيلاً، قال منصور محمد لـ«الإمارات اليوم»، إن لديه معرفة سابقة بهذه الأساليب الاحتيالية بحكم عمله، ومتابعته التقارير الصحافية وحملات التوعية التي تنفذها شرطة دبي حول مخاطر وأساليب الجرائم الإلكترونية، إلا أنه ارتبك حين تلقى اتصالاً من شخص ادعى أنه ملازم شرطة، وأن هناك نقصاً في بياناته، ثم أبلغه بالأرقام الأولى في بطاقة هويته، ما دفعه إلى الاستمرار في المكالمة معه، لخوفه من أن يكون مسؤولاً بالفعل.

وأضاف أن المحتال طلب منه إخباره ببقية أرقام بطاقة هويته، فسأله عن السبب، ولماذا يريد ذلك إذا كانت لديه بيانات البطاقة بالفعل، فرد عليه بأنه يريد بقية الأرقام حتى يتأكد من هويته، لكنه لم يرتح لكلامه، فطلب منه منحه مهلة 10 دقائق لإحضار بطاقة الهوية من السيارة، وأغلق الخط.

وتابع محمد أن المحتال لم يمنحه فرصة، واتصل به فوراً من خط آخر يحمل كود دولة أجنبية وحذره من إغلاق الخط، وأخبره بأنه سيتلقى رسالة من الشرطة، وعليه إبلاغه بالرقم الذي سيرسل إليه، لافتاً إلى أن الرسالة وردت، وكاد يخضع للمحتال، لكنه تدارك الموقف في نهاية الأمر وأغلق الخط، ورفض الرد على جميع اتصالاته، وأبلغ الشرطة بما حدث فتأكد من أنها عملية احتيال.

كما تفادى أحمد علاء الفخ ذاته في اللحظات الأخيرة، بعد أن تسربت لديه شكوك في صحة المكالمة التي وردت إليه من شخص ادعى أنه ضابط بإحدى الجهات الشرطية، واستخدم معه الأسلوب ذاته، مؤكداً أن المحتال كان لديه إلحاح غريب، وتعمد التعامل بنوع من النفوذ لإدخال الخوف في نفسه، لكنه لم يستسلم له، وحجب كل الأرقام التي كان يحاول الاتصال به منها، وذلك بعد أن أرسل إليه رسالة مشابهة منسوبة إلى الشرطة.

من جهتها، لم تكن الأوروبية «تيمنا» أكثر حرصاً حين تعرضت للاحتيال الإلكتروني بالطريقة ذاتها، إذ اصطادها المحتالون في ساعة مبكرة، وأجرى أحدهم مكالمة استمرت ساعة كاملة أقنعها بمنحه بياناتها البنكية السرية واستولى منها على مبلغ 45 ألف درهم، بعد أن تلقت رسالة نصية مماثلة منسوبة للشرطة.

وكانت تيمنا ذكرت لـ«الإمارات اليوم» أن المحتالين استولوا منها على مبلغ 45 ألف درهم ادخره لها والدها قبل وفاته، مشيرة إلى أنهم سحبوه خلال دقيقتين وسط حالة صدمة وذهول سيطرت عليها.

وأفادت بأنها لم تستطع استرداد الأموال، لأن عملية الاحتيال نفذت من خارج الدولة، مشيرة إلى أنها كانت على دراية نسبية بهذه الأساليب الاحتيالية لكن المحتال الذي تواصل معها كان خبيراً بما يفعل، فتحدث معها بلباقة وأدخلها في دوامة من التفاصيل، حول تعديل النظام البنكي وشحنة بريد ستصل إليها ببطاقة خصم جديدة، ثم أرسل إليها رسالة تحمل شعار الشرطة، ما طمأنها وجعلها تفصح عن بياناتها له.

وتوضيحاً لهذا الأسلوب، أفاد نائب مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، الرائد عبدالله الشحي، بأن تفادي مثل هذه الأساليب الاحتيالية وتجنب الوقوع فيها بأي شكل من الأشكال يتمثل في إدراك حقيقة بسيطة، هي أنه لا توجد جهة في الدولة سواء كانت حكومية مثل الشرطة أو البريد أو أي جهة، وكذلك لا يوجد بنك سيتصل بالمتعامل للحصول على بيانات شخصية منه، سواء كانت معلومات بنكية أو أي تفاصيل أخرى.

وأكد أن المواقع الإلكترونية الحكومية مؤمنة تماماً، ولا يمكن اختراقها أو إرسال أي رسائل منها لمتعامل، وإذا ركز الشخص في الرسالة التي ترد إليه من الجهة التي يدعي المحتال الانتماء إليها، فسيجد عبارة واضحة في أولها: «الشرطة أو الجهة لن تطلب منك الإدلاء بأي بيانات عبر الهاتف».

وأشار إلى أن الوعي تزايد إلى حد كبير بهذه الأساليب الاحتيالية، لذا تجد كثيراً من البلاغات التي ترد إلى منصة «إي كرايم» التي توفرها الشرطة تتعلق بمحاولات احتيال مماثلة، مؤكداً أن هؤلاء المجرمين يطورون أساليبهم باستمرار، لكن تتقدم عليهم الأجهزة الأمنية في الدولة دائماً بخطوة، وتظل مسؤولية أفراد المجتمع الانتباه والحذر والحفاظ على بياناتهم الشخصية، وعدم الإدلاء بها لأي شخص.

جرائم الاختراق الإلكتروني

 

أكد المحكم والمستشار القانوني، محمد نجيب، أن القانون الأخير الصادر وفق المرسوم رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، تناول الأساليب الإجرامية للاحتيال الإلكتروني في أكثر من مادة، ما يعكس حرص المشرع على ردعها بالسبل كافة.

وقال إن المادة الثانية من القانون تناولت جرائم الاختراق الإلكتروني، ونصت على أنه يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على 300 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اخترق موقعاً أو نظام معلومات إلكترونياً أو شبكة معلومات، أو وسيلة تقنية معلومات.

وأضاف أن المادة السادسة تطرقت بشكل مفصل لجريمة الاعتداء على البيانات والمعلومات الشخصية، ونصت على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وغرامة لا تقل عن 20 ألف درهم، ولا تزيد على 100 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حصل أو استحوذ أو عدل أو أتلف أو أفشى أو سرب أو ألغى أو حذف أو نسخ أو نشر أو أعاد نشر بغير تصريح بيانات أو معلومات شخصية إلكترونية، باستخدام تقنية المعلومات أو وسيلة تقنية المعلومات، لافتاً إلى أن البند الثاني من هذه المادة اعتبر اختراق الحسابات المصرفية أو بيانات ومعلومات وسائل الدفع الإلكترونية ظرفاً مشدداً.

وأشار إلى أن القانون الجديد الذي بدأ سريانه مطلع العام الجاري دمج مادتين بالقانون السابق متعلقتين بالاستيلاء على بيانات البطاقات والحسابات البنكية وتزويرها في مادة واحدة رقم 15، وتنص على أنه يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليوني درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من زور أو قلد أو نسخ بطاقة ائتمانية أو بطاقة مدينة أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني، أو استولى على بياناتها أو معلوماتها باستخدام وسائل تقنية المعلومات أو نظام معلوماتي.

ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من صنع أو صمم أي وسيلة من وسائل تقنية المعلومات، أو برنامج معلوماتي، بقصد تسهيل أي من الأفعال المنصوص عليها سابقاً، وكل من استخدم بدون تصريح بطاقة ائتمانية أو بطاقة مدينة أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني أو أياً من بياناتها أو معلوماتها، بقصد الحصول لنفسه أو لغيره على أموال أو أملاك الغير أو الاستفادة مما تتيحه من خدمات يقدمها الغير، وكذلك كل من قبل التعامل بهذه البطاقات المزورة أو المقلدة أو المنسوخة، أو غيرها من وسائل الدفع الإلكتروني، أو بيانات وسائل الدفع الإلكتروني المستولى عليها بطريقة غير مشروعة مع علمه بعدم مشروعيتها، لافتاً إلى أن هذه الجرائم جميعاً تعد صوراً متكررة للاحتيال الإلكتروني.

الأكثر مشاركة