الإمارات تقود عملية شرطية عالمية لضبط أخطر المطلوبين بجرائم الاتجار بالبشر

أسفرت عملية دولية محكمة، قادتها دولة الإمارات ممثلة في وزارة الداخلية، بالتعاون مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية «الإنتربول» عن ضبط أحد أخطر المجرمين المطلوبين عالمياً وزعيم منظمة بالغة الخطورة في جرائم الاتجار بالبشر يدعى كيداني زكرياس هابتمريام (إريتري) في اليوم الأول من يناير الجاري بدولة السودان.

وقال الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، عبر حسابه على «تويتر»: «المهمة تمثل نجاحاً لعملية شرطية عالمية استمرت تسعة أشهر بقيادة الإمارات وبالشراكة مع الإنتربول، أسفرت عن القبض على أحد أخطر المطلوبين دولياً وللإمارات، كيداني زكرياس الهارب من السجن من إحدى الدول وزعيم منظمة إجرامية للاتجار في البشر، بالإضافة إلى أخيه هينوك زكرياس المطلوب بتهمة غسل الأموال»، منوهاً بجهود جميع الشركاء.

وأكد المتحدثون في مؤتمر صحافي عقدته وزارة الداخلية، أمس، أن «كيداني» مطلوب من قبل «الإنتربول» بنشرتين حمراوين صدرتا منذ عام 2021؛ لقيادته منظمة إجرامية نفذت على مدار سنوات عمليات اختطاف وإساءة معاملة وابتزاز مهاجرين من شرق إفريقيا بقصد تهريبهم إلى أوروبا، وتشير التقديرات إلى أنه منذ عام 2014، أصبح «كيداني» مسؤولاً عن الاتجار في آلاف الضحايا.

وأشاروا إلى أن اعتقال «كيداني» سيؤدي إلى تحييد طريق رئيس لتهريب الأشخاص نحو أوروبا ما يعزز أمن دولها واستقرارها، إلى جانب حماية آلاف من الذين كانوا معرضين لخطر الاستغلال، موضحين أن هذه العملية الدولية التي قادتها الإمارات جرت وفق معلومات مبدئية قدمها «الإنتربول» العام الماضي، حيث أجرت الإمارات تحقيقاً شاملاً، أفضى إلى الكشف عن ممثلين لعصابة «كيداني» بمن فيهم شقيقه الذي يقوم بعملية غسل أموال نيابة عن الشبكة الإجرامية، كما تتبعت قوى إنفاذ القانون الإماراتية شبكة تحويل الأموال الخاصة بهذه العصابة الإجرامية، الأمر الذي أدى إلى تحديد موقعه في جمهورية السودان الشقيقة حيث تم إلقاء القبض عليه.

وقال مدير الإدارة العامة الاتحادية لمكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، العميد سعيد عبدالله السويدي، إن الإمارات قادت عملية القبض على كيداني بفضل التعاون الرائع مع جميع الأطراف المشاركين في العملية، وفي مقدمتهم الإنتربول، وذلك بعد إجراء تحقيقات موسعة استمرت نحو تسعة أشهر، وشملت عمليات غسل أموال ينفذها شقيق المتهم الذي قبض عليه بدوره.

وأضاف أن العملية الاستخبارية المحكمة التي قادتها وزارة الداخلية، أسهمت في تحديد موقعه، وانتقل فريق عمل من الإمارات إلى جمهورية السودان، وحظي بتعاون استثنائي رائع، إذ وصل في يوم 31 من ديسمبر الماضي، وجرى استصدار مذكرة ضبط وتفتيش فوراً من قبل الجانب السوداني، وتم تشكيل فريق ومداهمة موقعه والقبض عليه، ونقله وفق الإجراءات القانونية إلى الإمارات، منوهاً بجهود الشرطة السودانية التي لعبت دوراً بارزاً في القبض على المجرم الدولي.

وأشار إلى أن المتهم سيحاكم في الإمارات بتهمة غسل الأموال، وتم الانتهاء فعلياً من لائحة الدعوى، المسجلة باسمه و10 متهمين آخرين ألقي القبض عليهم في العملية، موضحاً أن المحاكمة ستبدأ خلال أشهر. وأكد أن التعاون الدولي يعد أقوى سلاح في مواجهة هذه الشبكات الإجرامية بالغة الخطورة التي تعمل عبر الحدود وتستغل حاجة البشر لاستغلالهم والاتجار بهم، بصور بالغة القسوة والوحشية، معتبراً أن العملية تمثل ضربة قوية إلى هذه الشبكات ومن شأنها أن تحبط عمليات أخرى لاحقة، وتعزز حقوق الضحايا.

وتابع أن «تهريب البشر والاتجار بهم جريمة مروعة، وبفضل هذه العملية، أغلقنا إحدى أهم طرق التهريب إلى أوروبا، التي نقلت بشكل غير قانوني مئات المهاجرين من إريتريا وإثيوبيا والصومال والسودان إلى أوروبا، ونوجه بها رسالة حازمة للمهربين حول العالم مفادها أنهم لن يعودوا قادرين على الاختباء»، مؤكداً أن الإمارات ودول العالم وبالعمل والتنسيق المشترك ستواصل نشر قدراتها التشغيلية الكاملة لحماية المجتمعات من هذا الاستغلال المروع.

من جهته، قال المدير التنفيذي للخدمات الشرطية بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، ستيفن كافانا، إن السلطات الإماراتية لعبت دوراً قيادياً استثنائياً في هذه العملية، ولولا جهودها ما جرت في الإطار الزمني الذي وضع لها، منوهاً بجهود جميع الدول الأعضاء التي لعبت دوراً حاسماً في العملية، لاسيما إثيوبيا وهولندا والسودان.

وأضاف: «إننا نشهد اليوم وجود مجرم مدان في أيدي العدالة وبات مصيره بيد القضاء الذي يحاكمه على الأذى الذي تسبب فيه لعدد لا يحصى من الضحايا»، مؤكداً أن العملية تعكس نتائج الجهد الذي يمكن أن نقوم به معاً.

وأشار إلى أن المعلومات التي سيتم الحصول عليها ستسهم في ملاحقة هؤلاء المجرمين بصورة أكثر فعالية، وتعقب أرصدتهم البنكية التي تمثل رافداً مهماً لجرائمهم، وكذلك حساباتهم بالعملات المشفرة، وتساعدهم على الاستمرار في الإساءة والاتجار بالبشر وتجعلهم أثرياء، وأقوياء وترسخ لديهم قناعة بأنهم فوق القانون.

وكشف أنه في السابق كانت الدول تحتفظ بالمعلومات التي تتوصل إليها بخصوص هؤلاء المجرمين، لكن الآن يتم مشاركة هذه المعلومات، ما يمثل كابوساً لهم، ويوفر كثيراً من الحماية للضحايا.

وأوضح أن «آخرين سيتولون زعامة هذه المنظمة بدلاً منه، لكننا نتبع الروابط وخطوط التهريب، وستساعدنا العملية في الحصول على معلومات مهمة، بحق متهمين آخرين، يوفرون الشاحنات التي يحتجز بها الضحايا والأماكن التي يحتجزون بها».

وأكد أن هناك فرقاً كبيراً بين شخص يفكر في الهجرة غير الشرعية للبحث عن فرصة أفضل، وآخر يتم استدراجه لهذا الغرض واختطافه ونقله إلى مكان مختلف، واستغلاله بصور قاسية.

إلى ذلك، قال مساعد المفوض العام في الشرطة الإثيوبية، وزيليم مينغويستا، إن المتهم ملاحق منذ أعوام عدة، ومطلوب للسلطات الإثيوبية والإريترية والصومالية، وقبض عليه مع آخرين في عام 2020 لكنه استطاع الفرار من سجنه بإثيوبيا في عام 2021، وتم تشكيل فريق للتحقيق في الواقعة، إلى أن ضبط بفضل قيادة دولة الإمارات للعملية وجهود الدول المشاركة.

وأضاف أن السلطات الإثيوبية شاركت بفريق لديه خبرة في ملاحقة هذا المتهم، لكن ما كان ليتحقق القبض عليه دون مساعدة بقية أعضاء الفريق.

• «كيداني» متورط في اختطاف وابتزاز آلاف الضحايا والعملية تسقط شقيقه و9 آخرين.

جرائم الابتزاز والاتجار في البشر

قال ستيفن شرادر، من الشرطة الهولندية، إن «هناك وحدة متخصصة بالاستخبارات الشرطية، تركز على مكافحة جرائم الاتجار بالبشر وبدأت في ملاحقة وتعقب المجرم دولياً منذ عام 2017 وتأكد ضلوعه في جرائم الابتزاز والاتجار في البشر، من خلال الحصول على إفادات أكثر من 150 ضحية تعرضوا لأفظع وأقسى أنواع الجرائم على يد عصابته، ومن ثم تم إصدار أمر بالقبض عليه ووضعه على قائمة أخطر المطلوبين، وتم اعتقاله في إثيوبيا لكنه هرب، فواصلنا التحقيقات مجدداً تحت مظلة الإنتربول وبقيادة إماراتية رائعة شاركنا في تعقبه بالعملية التي استمرت تسعة أشهر».

وأوضح أن كيداني لا يعمل على تهريب المهاجرين من إفريقيا إلى أوروبا لكن منظمته تنفذ عمليات الهجرة الشرعية من شرق آسيا إلى إفريقيا أيضاً، بما يعكس جشعه وقسوته.

عملية جديدة

قال مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات الاتحادية في وزارة الداخلية، العميد سعيد السويدي، إن وزارة الداخلية الإماراتية لن تألو جهداً في ملاحقة هؤلاء المجرمين الذين يهددون حياة البشر، وبدأت فعلياً مع الإنتربول في التخطيط لعملية جديدة تستهدف منظمة كبرى في الاتجار بالبشر، وسوف نسقطهم واحداً تلو الآخر.

هويات مزيفة

أفاد المدير التنفيذي للخدمات الشرطية بالإنتربول، ستيفن كافانا، بأن كيداني كان يتسم بالحذر والتسلط منذ هروبه من سجنه في إثيوبيا وينتقل بين الحدود مشرفاً على عمليات التهريب بهويات مزيفة تفادياً للقبض عليه، وكان واثقاً أنه فوق القانون إلى أن تم إسقاطه والقبض عليه بقيادة إماراتية.

وأكد أنه يعد من أشرس المجرمين، ووصل به الغرور لدرجة كبيرة، مؤكداً أن إلقاء القبض عليه يمثل ضربة قوية لجميع المجرمين أمثاله.