«لصوص القلوب».. يستنزفون أموال فتيات مقابل أحلام الزواج
دفع حلم الزواج فتيات إلى إبداء موافقتهن على المشاركة في كلفة الزواج وتأسيس منزل الزوجية، ما عرّض العديد منهن لخسارة مئات الآلاف من الدراهم نتيجة وقوعهن ضحايا لمحتالين يقومون باصطيادهن عبر وعود زواج كاذبة. وأظهرت قضايا عدة تم تداولها أخيراً في المحاكم وجود تشابه كبير في طريقة وأسلوب الاحتيال على الفتيات والاستيلاء على أموالهن، عبر «اللعب بالمشاعر» والوعود الكاذبة بالزواج، والحاجة إلى المال لتأسيس منزل الزوجية أو إقامة مشروع يستطيعان من خلاله الزواج وتأمين احتياجاتهما.
فيما أرجع اختصاصيون نفسيون وقوع بعض الفتيات في مصيدة الاحتيال العاطفي، إلى رغبتهن في الزواج، بعد أن حققن طموحهن التعليمي والمهني، ولم يتبقَّ لهن غير تكوين أسرة وتحقيق حلم الأمومة، ما يجعلهن محط أطماع بعض الشباب المستهتر والمحتال.
فيما أشار محامون إلى وجود مؤشرات واضحة للاستغلال أو الاحتيال العاطفي، يجب أن تنتبه إليه الفتيات، منها ادعاء الحاجة، أو التعرض لخسارة تجارية، أو ظرف طارئ، ليتم ابتزاز الضحية عاطفياً والاستيلاء على أموالها.
وتفصيلاً، تضمنت القضايا التي نُظرت في المحاكم قضية فتاة طالبت بإلزام شاب بأن يؤدي لها مبلغ 848 ألف درهم، مع إلزامه بتعويضها بمبلغ 100 ألف درهم عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها، مشيرة إلى أنها كانت تربطها علاقة صداقة مع المدعى عليه، وقد أوهمها برغبته في الارتباط بها، وأقنعها بأن تقرضه بعض الأموال لتجهيز منزل الزوجية، فقامت على مدى ست سنوات بمنحه الأموال وتحويل مبالغ له، وقضت لها المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية 540 ألفاً و260 درهماً، مع إلزامه بتعويضها بمبلغ 40 ألف درهم.
وفي قضية مماثلة، أقامت فتاة أخرى، دعوى قضائية ضد شاب طالبت فيها بإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ 85 ألف درهم سلمته له لمساعدته إثر وعده بزواجهما وقد امتنع عن ردها، وقررت المحكمة رفض الدعوى لعدم وجود إثبات.
واتهمت فتاة ثالثة خطيبها بالحصول على مبلغ 350 ألف درهم، سلمته له بعد أن طلب منها مبلغاً من المال مقابل أن تكون شريكة له في مشروع ينوي إقامته، وأوهمها بوعود كاذبة ومضللة أنها ستكون زوجته، ما شجعها على الاقتراض من البنك، كما قامت بتسليمه مصاغها ليقوم ببيعه والاستفادة من ثمنه.
كما أقامت فتاة دعوى قضائية ضد شاب، طالبت في ختامها بإلزامه بأن يؤدي لها 35 ألف درهم، مشيرة إلى أن المدعى عليه أوهمها بأنه معجب بها ووعدها بالزواج وإعداد مسكن الزوجية، وعليه كان يطلب منها إقراضه مبالغ مالية وصل مجموعها لمبلغ المطالبة، مشيرة إلى أنها اكتشفت أنها وقعت ضحية لوعد زواج زائف، ولدى مطالبتها للمدعى عليه بالسداد ماطل ولم يقم بذلك، وألزمت المحكمة الشاب بردّ المبلغ.
فيما تضمنت دعوى خامسة اتهام فتاة لشاب بالاستيلاء على 100 ألف درهم اقترضها منها بوعود ارتباط كاذبة، وقد حررت إيصال أمانة بذلك، إلا أنه لم يلتزم برد المبلغ حسب الاتفاق.
كما طالبت فتاة في دعوى سادسة إلزام شاب وشقيقته بأن يؤديا لها 197 ألف درهم، بالإضافة إلى التعويض بمبلغ 10 آلاف درهم عن الأضرار التي لحقت بها وما فاتها من كسب، مشيرة إلى أن المدعى عليه اقترض منها 197 ألف درهم، بعد أن كان قد وعدها بالزواج.
وأرجع اختصاصيون نفسيون، أحمد السيد، ونجلاء عبدالله، ومريم مسعد، وقوع بعض الفتيات في مصيدة الاحتيال العاطفي، إلى رغبتهن في الزواج، بعد أن حققن طموحهن التعليمي والمهني، ولم يتبقَّ لهن غير تكوين أسرة وتحقيق حلم الأمومة، ما يجعلهن محط أطماع بعض الشباب المستهتر والمحتال، الذين يستغلون رغبتهن في الزواج وتأسيس أسرة للوصول إلى قلوبهن، ومع الوقت يختلقون الأكاذيب حول ضيق اليد أو تراكم الديون، أو الرغبة في إنشاء مشروع لتأمين مستقبلهما معاً، وأن هذا الأمر هو ما يحول بينهم وبين الزواج من الضحية التي لا تتوانى في المبادرة بالمساعدة في حل تلك المشكلات وتسديد هذه الديون أو إقراضه مبلغاً مالياً لتأسيس منزل الزوجية أو إقامة مشروع، مشيرين إلى أن معظم الفتيات اللاتي يقعن ضحايا لهؤلاء المحتالين يشغلن وظائف جيدة ولهن دخل ثابت.
فيما أشار المحامون، بدر خميس، ولطفي السيد، عماد فريد، إلى أن قضايا الاحتيال العاطفي التي تصل للمحاكم أقل من النصف من حالات الاحتيال، وذلك نظراً لطبيعة المجتمع الإماراتي والعربي المحافظ، وهو ما يجعل وصول هذه الحالات والقضايا إلى الجهات المعنية أمراً صعباً، نظراً للإحراج الذي قد تقع فيه الضحية أمام أسرتها ومعارفها.
وأشاروا إلى أنه وعلى الرغم من السرية التي تتخذها الجهات المختصة في التحقيق في مثل هذه القضايا حفاظاً على خصوصية الضحية إلا أن قرار الضحية بفتح بلاغ وإقامة دعوى لمواجهة عملية الاحتيال يحتاج إلى شجاعة من الضحية.
ولفتوا إلى وجود مؤشرات واضحة للاستغلال أو الاحتيال العاطفي، يجب أن تنتبه إليها الفتيات، منها ادّعاء الحاجة، أو التعرض لخسارة تجارية، أو ظرف طارئ، ليتم ابتزاز الضحية عاطفياً والاستيلاء على أموالها.
• أخصائيون نفسيون: وقوع فتيات في مصيدة الاحتيال العاطفي لرغبتهن في الزواج، بعد تحقيق طموحهن التعليمي والمهني.
• محامون: طبيعة المجتمع العربي المحافظ تجعل وصول قضايا الاحتيال العاطفي إلى الجهات المعنية أمراً صعباً.
الوعد بعقد الزواج
قال المحامي سالم سعيد الحيقي، إن «الاحتيال العاطفي الذي يتضمن التظاهر بنوايا عاطفية تجاه الضحية وكسب مودتها، ثم استخدام تلك النية الحسنة لدفع الضحية إلى إرسال الأموال إلى المحتال تحت مسمّى الحب أو الوعد بالزواج، يدخل في أحكام الوعد بعقد الزواج الذي لم يتم، وإذا ترتبت على ذلك أضرار نفسية أو أسرية أو اجتماعية فإن من حق من وقعت تحت هذا الوعد الكاذب أن تطالب بالتعويض عن هذا الضرر، ولها في إثبات هذا الوعد الكاذب كل طرق الإثبات، مثل المراسلات والشهود وتوجيه اليمين الحاسمة، وغيرها من طرق الإثبات».
وأشار إلى أن الاحتيال كمفهوم قانوني هو أي فعل يهدف عمداً إلى تضليل شخص آخر من أجل الحصول على منفعة، ومنها أكاذيب الوعود بالارتباط أو التلاعب بالمشاعر أو غيرها من وسائل اللعب على العواطف من أجل الحصول على الأموال أو غيرها من المنافع، هي طرق ووسائل لجريمة الاحتيال، فالقانون يعاقب على هذه الأفعال كركن من أركان جريمة الاحتيال بغض النظر عن المسمّى، احتيال عاطفي أو غيره من ألوان الاحتيال.
ولفت الحيقي إلى أنه لا توجد عقوبة محددة خاصة للاحتيال العاطفي، فالاستغلال العاطفي كوسيلة للحصول على الأموال هو إحدى صور وأدوات جريمة الاحتيال، ويعاقب من يرتكب جريمة الاحتيال للحصول على الأموال بالعقوبة المقررة بالمادة 399 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 المعدل بالقانون بمرسوم بقانون اتحادي رقم 36 لسنة 2022، وتكون العقوبة الحبس أو الغرامة.