«أصدقــاء المصــادفة» يورطـون مراهقين في تعاطي مواد مخدرة
أكدت النيابة العامة في دبي أهمية دور الأسرة في حماية الأبناء من مخاطر تعاطي المخدرات، مشيرة إلى أنها تمثل خط الدفاع الأول ضد هذا التهديد، في ظل وجود مؤشرات يمكن من خلالها الاكتشاف المبكر للمشكلة، ما يزيد من احتمالات التعافي والتأهيل.
وحذر المحامي العام بنيابة ديرة، المستشار دكتور محمد حسين الحمادي، خلال ندوة نظمتها مجالس أحياء دبي، بالتعاون مع النيابة العامة، بمناسبة اليوم العالمي للقانون، مما يمكن وصفهم بأصدقاء المصادفة الذين قد يتعرف إليهم الابن خلال 10 دقائق عن طريق وسائل التواصل أو في أي مكان، ويقودونه إلى الإدمان.
فيما كشف رئيس نيابة مساعد بنيابة المخدرات المستشار عبدالله صالح الرئيسي، عن وجود حالات إهمال من جانب آباء، لدرجة أن بعضهم لا يكتشف القبض على ابنه من قبل أجهزة المكافحة، وإحالته إلى النيابة بسبب التعاطي، إلا بعد أيام من ضبطه.
وتفصيلاً، قال المحامي العام بنيابة ديرة، المستشار دكتور محمد حسين الحمادي، إنه من واقع ملفات وقضايا النيابة العامة يؤول مصير مدمني المخدرات إلى السجن أو الوفاة نتيجة جرعة زائدة.
وأضاف أن الرقابة أصبحت صعبة في ظل الظروف الحالية، وانفتاح الشباب والمراهقين على السوشيال ميديا، لذا يتحتم أن تبنى العلاقة بين الآباء والأبناء على الصداقة والثقة المتبادلة، والمتابعة والتثقيف بهذه المخاطر، حتى لا يلجأ الابن إلى أصدقاء السوء لتعويض غياب الأسرة.
وحذر مما وصفهم بأصدقاء المصادفة الذين قد يظهرون في حياة المراهق لمدة 10 دقائق، لكن تأثيرهم مدمر، إذ يمكن أن يلتقي أحدهم في جلسة أو تجمع خارجي، أو حتى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن تحصين الابن بالتوعية والرعاية يحميه من كل هذه المخاطر.
بدوره، قال رئيس نيابة مساعدة بنيابة المخدرات عبدالله صالح الرئيسي، إن الفئات الأكثر تعرضاً لخطر الإدمان هي المراهقون والشباب من سن 14 إلى 20 سنة، من واقع القضايا التي تنظرها النيابة العامة، ومن هنا تبرز أهمية دور الأسرة.
وأكد ضرورة الوعي بأسباب تعاطي المخدرات حتى ينتبه الآباء، وأبرزها الرغبة في التجربة، لافتاً إلى أن من النادر أن ينتهي الأمر عند المرة الأولى، إذ يتحول المتعاطي إلى مدمن مع مرور الوقت، لاعتقاده بأن للمخدرات تأثيراً نفسياً فيه، وتدريجياً تغزوه فسيولوجياً ويصعب إقلاعه عنها.
وأشار إلى أن من أبرز الأسباب كذلك الرغبة في إثبات الذات، والشعور بالاستقلالية، والفضول، وبالطبع أصدقاء السوء، الذين يسعون دائماً إلى جر غيرهم إلى فخ التعاطي، ويحاول كل منهم إثبات رجولته أمام الآخر، بالانخراط في تناول هذه السموم.
وتابع أن من أبرز القضايا التي تعامل معها، قضية لشاب جامعي كان يسير في الشارع بطريقة غير طبيعية، ويثير فوضى، فأبلغ عنه المارّة، وتم ضبطه من قبل دورية الشرطة، وضبط بحوزته نوع من المخدرات غير المألوفة، عبارة عن نبتة فطر أسود اللون.
وبسؤاله من قبل النيابة العامة، تبين أنه طالب جامعي متفوق، يدرس الفنون، وشاهد عبر إحدى منصات السوشيال ميديا فناناً مشهوراً يتحدث عن تأثير هذه المادة فيه بالإبداع في مجال الرسم، فسأل الشاب عنها أثناء وجوده في دولة أجنبية، واكتشف أنها تباع في صورة بذور، وأرشده البائع إلى كيفية زراعتها في ظروف بيئية معينة مرتبطة بالإضاءة والتهوية.
ولفت إلى أن الشاب أحضر البذور وزرعها بالفعل، حتى خرجت النبتة، وتعاطاها حتى ساءت حالته، وتراجعت معدلاته الدراسية، ووصلت به الحال إلى حد عدم التصرف بوعي أثناء وجوده في مكان عام، وتم القبض عليه.
وأكد الرئيسي أنه حرص على سؤال هذا الشاب، إن كان للمخدر الذي كان يتعاطاه تأثير في درجة إبداعه وموهبته، فرد بأنه فقد تركيزه كلياً، وساءت حالته، وقل شغفه بالدراسة والعلم، بل بممارسة الفن الذي يحبه.
وحذر من مخاطر الدعاية السلبية، سواء من خلال السينما والدراما التي يظهر بعضها تجار المخدرات باعتبارهم أبطالاً، وتقدم رجال الشرطة باعتبارهم أشراراً، فضلاً عن التأثير السلبي لبعض منصات السوشيال ميديا التي تتيح فرصة ترويج هذه السموم عبر حسابات مشبوهة.
وقال الرئيسي إن التربية السليمة والتوجيه المستمر من جانب الأسرة هما خط الدفاع الأول لحماية الأبناء من خطر المخدرات، مطالباً بضرورة التقارب الأسري، ووجود حوار دائم مع الأبناء، حتى لا يضيعوا وسط غيبة الأهل وإهمالهم. وأضاف أن هناك حالات لمراهقين سقطوا في فخ التعاطي، بسبب غياب الرعاية والمتابعة، لافتاً إلى أن هذه الممارسات تقع غالباً أثناء الليل في أماكن تجمع أصدقاء السوء، وليس من الطبيعي ألّا يسأل الآباء عن أماكن وجود أبنائهم وماذا يفعلون.
وأكد أن الأجهزة الأمنية، ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي، لا تقصر في القيام بدورها، سواء بملاحقة المروجين والتجار، وكذلك المتعاطين، لكن ليس من المقبول أن يدرك بعض الآباء أن أبناءهم ضبطوا بسبب التعاطي بعد أيام من القبض عليهم.
وتابع أنه حقق بنفسه في إحدى هذه الحالات، وسأل الأب، أين كان منذ القبض على ابنه، فرد بأنه لم يكن يعرف ذلك، مبرراً ذلك بأنه كان يظن أن ابنه يبيت مع أحد أقاربه. وأوضح الرئيسي أن هذا سلوك غير مقبول من جانب هذه الفئة من الآباء، وربما تتم مساءلتهم وفق قانون «وديمة»، إذا كان الضحية طفلاً أو مراهقاً أقل من سن 18 عاماً، لأن هذا يمثل نوعاً من الإهمال.
• طالب متفوق يزرع مخدراً غريباً في منزله، بسبب فيديو على الـ«سوشيال ميديا».
عبدالله صالح الرئيسي:
• «الرغبة في إثبات الذات، والشعور بالاستقلالية، أبرز أسباب تعاطي المخدرات بين الشباب».
محمد الحمادي:
• «من واقع قضايا النيابة يؤول مصير مدمني المخدرات إلى السجن أو الوفاة بجرعة زائدة».
خيار العلاج والتأهيل
أكد رئيس نيابة مساعد بنيابة المخدرات عبدالله صالح الرئيسي، خلال ندوة نظمها مجالس أحياء دبي، بالتعاون مع النيابة العامة، أن الدولة لم تقصر في إتاحة الفرص، سواء من خلال سن تشريع حديث كالمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2021، في شأن مكافحة المخدرات، الذي يتيح للمتعاطي خيار العلاج والرعاية والتأهيل دون مساءلته قانوناً إذا تقدم طواعية قبل القبض عليه لإحدى الجهات المختصة، سواء الشرطة أو النيابة.
كما أن الدولة وفرت مراكز التعافي والتأهيل، وفي مقدمها مركز إرادة، الذي يوفر فرصة العلاج بكل سرية، كما أن هيئة تنمية المجتمع تلعب دوراً بالغ الأهمية، ولديها برامج متقدمة للتوعية والحماية من خطر الإدمان.