استثناء قانوني
تتحرك وتيرة التغيير في كل مناحي حياتنا بسرعة رهيبة في ظل التقنيات الحديثة، ما يستلزم - بالضرورة - تحديثاً مستمراً لمنظومة التشريعات.
ولاشك في أن منظومة القوانين التي عُدّلت أخيراً - خصوصاً في الشق الجزائي - تناولت جوانب بالغة الأهمية، وراعت البعد الإنساني في كثير من الحالات والمواقف، ومنحت فرصاً ثانية لمتهمين في قضايا بعينها، بالنظر إلى طبيعة الواقعة والسجل الجنائي لهم، مثل حالات تعاطي المخدرات لأول مرة، وجعل الإبعاد جوازياً حسب تقدير المحكمة، وليس وجوبياً كما كانت تنص عليه القوانين السابقة، وأحكام الشيكات وغيرها من جملة تعديلات شاملة تناولت جميع جوانب الحياة.
ولم تقتصر الاستفادة من القوانين الجديدة على المتهمين الذين حُوكموا بعد تطبيقها فقط، وإنما شملت متهمين عوقبوا بقوانين سابقة، لكن فتحت لهم التشريعات المعدّلة نافذة أمل جديدة.
وهنا نوضح مبدأ قانونياً مهماً وهو عدم تطبيق القوانين الجزائية بأثر رجعي إلا في حالة واحدة فقط، وهي صدور «قانون أصلح للمتهم، يُنشئ له مركزاً أفضل مما طُبق عليه وفق القانون القديم، سواء برفع الصفة الإجرامية عن الفعل الذي قام به، أو تخفيف العقوبة التي حصل عليها، ومن ثم يكون من حقه المطالبة بتطبيق التشريع الجديد. ويتحتّم على الشخص المحكوم في قضية ما، بقانون قديم، أن يقدّم طلباً إلى المحكمة أو تتولى النيابة ذلك، لإعادة النظر في العقوبة التي حصل عليها، ومن ثم تعيد المحكمة النظر في القضية مجدداً، في ضوء التشريع الجديد باعتباره أصلح للمتهم.
وتنص المادة 14 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31، بشأن قانون الجرائم والعقوبات، على أنه إذا صدر - بعد وقوع الجريمة وقبل الفصل فيها بحكم بات - قانون أصلح للمتهم، فهو الذي يطبق دون غيره، وإذا صدر - بعد صيرورة الحكم باتاً - قانون يجعل الفعل أو الترك الذي حكم على المتهم من أجله غير معاقب عليه، يوقف تنفيذ الحكم وتنتهي آثاره الجزائية، ما لم ينص القانون الجديد على خلاف ذلك.
فإذا كان القانون الجديد مخفّفاً للعقوبة فقط، فإنه يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم البات - بناء على طلب النيابة العامة أو المحكوم عليه - طلب إعادة النظر في العقوبة المحكوم بها، في ضوء القانون الجديد.
*محكم ومستشار قانوني