التداول في الوهم
استثمار مربح ومضمون.. هكذا أكد له صديقه، فقرر ضخ نحو 300 ألف درهم في التداول بعملة رقمية لا يعرف عنها شيئاً، لكن أدرك بعد فوات الأوان أنه استثمار في الوهم.
إعلانات التداول المضللة في الأسهم والمعادن والعملات الرقمية تعد الأكثر انتشاراً على منصات التواصل الاجتماعي في الوقت الراهن، ويروج بعضها لشراء أسهم تابعة لدوائر وشركات ذات مصداقية عالية.
وحسناً فعلت شركة «سالك» أخيراً، حين أطلقت تحذيراً للمتعاملين، خصوصاً رواد التواصل الاجتماعي، من حسابات ومواقع تنتحل اسمها وصفتها، وتستدرج ضحاياها عبر تلك المنصات أو البريد الإلكتروني، مستغلة الثقة الكبيرة التي تتمتع بها.
وهذا يعكس أهمية التوعية المستمرة من مخاطر هذه الدعاية المضللة، لاسيما أن المحتالين يستغلون منصات كبرى مثل «غوغل» و«فيس بوك» و«إنستغرام»، وغيرها.
ويظن كثيرون أنه من الصعب الانخداع بهذا الأسلوب في ظل وجود موقع رسمي وبيانات اتصال معتمدة لشركة أو لجهة رائدة يمكن الرجوع إليها للتأكد من حقيقة الإعلان الذي يستخدم اسمها قبل التداول، لكن الحقيقة أن هناك من يقع في الفخ مدفوعاً بطمع في مكسب سريع، أو لقلة خبرة بهذا النوع من الأنشطة، فيهدر أمواله في الوهم.
ويكفي أن نعرف أن الاحتيال عبر ما يُعرف بـ«الاستثمار الوهمي»، خصوصاً في العملات الرقمية المشفرة، يعد الأكثر انتشاراً عالمياً في الوقت الراهن، وتجاوزت خسائره في عام 2022 نحو 3.8 مليارات دولار.
ويستخدم المحتالون العملات المشفرة لأنها لا تتمتع بالحماية القانونية ذاتها التي تتمتع بها البطاقات البنكية، ويصعب استرداد الأموال بعد تحويلها من المحفظة الإلكترونية.
تتمتع دولة الإمارات العربية المتحدة ببنية تشريعية رقمية مهمة توفر الحماية من مختلف الجرائم الإلكترونية، ويتم تحديثها باستمرار لتواكب تلك الأنشطة الإجرامية، كما تملك كوادر أمنية محترفة في رصد ومكافحة هذه الأساليب، لكن الواقع أن الضحايا يطلبون المساعدة بعد قيامهم بمنح أموالهم طواعية لأولئك المحتالين، وكم من قضايا لأشخاص خسروا مدخراتهم بتحويلها إلى محتالين يقيمون بالخارج، ويستقرون في دول يصعب تعقبهم بها، لذا يظل الوعي والوقاية هما خط الدفاع الأول من هذا الشَرَك.