القضاء اليوم
المحاماة: أما آن لهذه المهنة أن تُوطّن؟
عرف موقع ويكيبيديا المحامي بأنه لقب يطلق على من أُجيز له مزاولة مهنة المحاماة بناء على القوانين المعمول بها، تتمثل المهمة الأساسية له في التمثيل والدفاع والمساعدة القانونية لمن يطلب ذلك مقابل مبلغ مالي أو تطوعاً، وقد تكلف المحاكم الجنائية محامياً للدفاع في الحالة التي لا يستطيع فيها المتهم دفع أتعاب المحامي. لم تكن هذه المهنة موجودة في النظام القضائي في العالم الإسلامي وما قبله، إذ كانت أطراف الخلاف تجتمع لدى القاضي، وتتولى الدفاع وعرض البيّنات بأنفسها، إلا أن الشريعة الإسلامية لم تخالف هذه المهنة، لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «إذا وجدتم للمؤمن مخرجاً فخلوا سبيله»، ففي هذا إشارة إلى مهنة المحاماة، والمحامي هو أقدر الناس على إيجاد هذا المخرج، لدراسته القانونية، والإدراك السريع، سواء بالفطرة أو بالمكتسب من دراسته. وفي القرون الوسطى ظهر المحامي في المحاكم الأوروبية بسبب الفارق بين القضاة والخصوم في المستوى الثقافي، ونوعاً من البرجوازية.
إن مربع العدالة يتشكل بالقضاء والنيابة والشرطة والمحاماة، ولن نحصل على نظام قضائي متميز ويكمل المنظومة السابقة إلا إذا كان هناك نظام محاماة متين الأركان، لأن معظم الناس لن يكونوا قضاة، إنما الكثيرون سيكونون محامين، فهذه المهنة هي الموكل إليها مزاولة الدفاع عن الناس حتى يعينوهم على الوصول أو المحافظة على حقوقهم، ولعل من الأسئلة التي يسألها المستثمر الأجنبي: هل هناك محامون أكفاء؟ فهذا السؤال لا ينفصل عن سؤال: هل هناك نظام قضائي مستقل ورصين؟
هذه المهنة يتعين أن تعامل ضمن المهن السيادية في الإمارات، كما هو معمولٌ به في معظم دول العالم المتقدم والمتطور، ولا أعتقد أننا نقل عن تلك الدول. إن توطين هذه المهنة يتعين أن يكون من الأولويات، ويجب ألا توضع أمامها العراقيل والأنظمة التي من شأنها أن تبطئ من عجلة التوطين، وفي اعتقادي أنه من يسعَ نحو وضع تلك القيود فإنه يتعين أن يراجع وطنيته.
إن ما يُثار حول عدم كفاءة المحامي المواطن اليوم كان يُثار عن عدم كفاءة المواطن في الوظائف الإدارية سابقاً، لكن المحامي المواطن تجاوز هذه المرحلة وأصبح نموذجاً يُحتذى في سلوكه وكفاءته، ودعكم من الحالات الاستثنائية، لأن من المشككين من يضع المجهر على المثالب، وهذا ما يحصل في شأن الزملاء المحامين، وبفضل دعم القيادة الرشيدة ـ حفظها الله ـ تمكنت المرأة، ومهن كثيرة، من خوض غمار المهن كافة، ومنها القضاء، وبدعم القيادة ستحتل مهنة المحاماة بمواطنيها الصفوف الأولى، ليكتمل مربع العدالة النموذجي.
*مدير معهد دبي القضائي
صفحة محاكم إعداد: بشاير المطيري
للتواصل مع معد الصفحة :
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news