أسلوب جديد

على التوعية أن تكون في إطار يستوعبه العقل والمنطق، وإلا ظلت محاولات فاشلة في التحذير والوعيد، وفقدت قدرتها على الوصول إلى شباب يستخدمون تقنيات «الآي باد» و«الآي فون»، ويتواصلون مع ما يجري من حولهم في كل بقاع العالم، ويجدون الأجوبة عن أسئلتهم في فيديوهات «يوتيوب» قبل أن يوجهوها إلى آبائهم.

هذا الجيل مختلف، لا يشبه الجيل السابق في تعاطيه مع المسائل الحياتية، إلا أن رسائلنا في التوعية لاتزال تأتي على شاكلة المثل الخليجي «بغى يكحلها عماها»، إذ تأتي مُصاحبة للتحذير في الرسالة، كأن تقول إن عقوبة تعاطي مؤثر عقلي تصل إلى الحبس لمدة تراوح بين سنة وثلاث سنوات، وما إلى ذلك، بينما يحتاج شباب اليوم إلى وسائل توعية تُحاكي عقولهم ومستوى وعيهم، عن كيفية تأثير التعاطي في الصحة والشباب والحيوية، فضلاً عن تأثيره السيئ في مستقبلهم، لو أنهم بدأوا بالتجربة فقط، لأنه سيؤدي إلى الاعتياد، ثم الإصابة بالتشنجات والشدّ العضلي وفقدان الرجولة والتقيؤ المستمر والهلوسة، حتى يجد المرء نفسه مثاراً لشفقة من حوله، وضع جانباً الأرق الذي سيلازمه، وبشاعة منظره حينما يُدمن العقارات المخدرة.

والأهم من نوعية رسائل التوعية، نحن نفتقر إلى دراسات علمية نستند إليها لتبيان أسباب لجوء الشباب لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية في مجتمعاتنا، فالمتوافر لدينا منها دراسات منسوخة من مجتمعات تختلف عنّا من جميع النواحي، وذلك كي تُعدّ الجهات المسؤولة الخُطط للقضاء عليها أو حتى الحدّ منها، هل هو الفراغ أم المشكلات الأسرية، أم خيبات الأمل، أم الرفاهية، أم هناك أسباب لا نعلم عنها؟

ما معنى أن تعدّ حملة توعية ضخمة، تستغرق الكثير من الدراهم والجهد والوقت، من دون أن تصوّب السهم على الهدف الذي حصلت عليه وفق دراسات علمية دقيقة وحديثة.

الغريب في ظاهرة تعاطي «الترامادول»، تأكيد طبيبة لي أن فتيات في مدارس وجامعات في دبي يتعاطين هذه الأقراص، وهو أمر لا يظهر للعيان، ومشكلة خطيرة لا تنفع معها التوعية على استحياء، وإلا ستتوسع في الانتشار يوماً بعد يوم، وسيكون الثمن باهظاً يؤثر في استقرار مجتمع بأكمله.

لذا، فالمسألة لا تنتهي بوضع قانون تتجلى فيه العقوبات، وخطوة «جمارك دبي» في إطلاق حملة «ترامادول قاتل.. من دون وصفة طبية»، لتوعية الطلبة في المدارس والجامعات وأسرهم من مخاطر تعاطي عقار «الترامادول» المخدّر، بالتعاون مع هيئة الصحة ومؤسسة دبي للإعلام هي خطوة صائبة مع استفحال الظاهرة، ننتظر أن نلمس أثرها قريباً، وأن تعمل المؤسسات على تنظيم المزيد من الحملات بعيداً عن التلويح بالعصا، فهذا الجيل لم يعد يجدي معه الترهيب نفعاً، خذوهم بالعقل.

صفحة محاكم إعداد: بشاير المطيري

للتواصل مع معد الصفحة :

mahakem@emaratalyoum.com

الأكثر مشاركة