آراء

السحر حقيقة قائمة، وقد ذكره الله تعالى في محكم كتابه المجيد، وهو مما يُتعلم، وله آثار تقع به بقدرة الله تعالى وإذنه ومشيئته، والسحر حرام بإجماع علماء المسلمين،  ومن الكبائر الموبقات.

وأما الساحر الذي يباشر السحر بنفسه فكافر، ويقام عليه حد القتل من قبل ولي الأمر ما لم يتب، وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السِّحْرَ رِدَّةٌ وَأَنَّهُ يُسْتَتَابُ السَّاحِرُ إذَا أَظْهَرَ ذَلِكَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ.

وأما إتيان السحرة والمشعوذين والعرَّافين فحرام، ويجب على المسلم أن يدع هذه الأمور الجاهلية.

أما موقف القانون من السحر والشعوذة فللأسف، ومن وجهة نظري، سلبياً إزاء استفحال هذه الجريمة في مجتمعاتنا، ولجوء من ضعف إيمانه إلى السحرة، لعدم معرفتهم بأن ما يقومون به من السحر المحرم، حيث يستتر هؤلاء السحرة بعباءة الرقية الشرعية، وذلك خلافاً لموقف الشريعة الذي كان أكثر حزماً وصرامة، إذ إن قانون العقوبات الاتحادي لم يتضمن مادة صريحة تعاقب من يرتكب أعمال السحر والشعوذة، فتم إدراجها ضمن جريمة الاحتيال المعاقب عليها بنص المادة (399) من قانون العقوبات الاتحادي، التي تنص على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره، وذلك بالاستعانة بطريقه احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة، متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم». فالقانون لا يجرم السحر في حد ذاته وإنما يعتبره نوعاً من أنواع الاحتيال، التي يهدف القائم بها الحصول على نفع غير مشروع إضراراً بالآخرين، باعتبار أن جوهر الاحتيال هو الخداع، وبهذا يكون القانون نظر إلى الركن المادي فقط لهذه الأفعال باعتبارها طرقاً احتيالية تدخل ضمن نطاق جريمة النصب والاحتيال، وبالتالي فإن هذه الأحكام ضد هؤلاء السحرة لا تكون كافية للقضاء على تلك الجريمة، لأن حدها الأقصى هو ثلاث سنوات. ومن وجهة نظري ينبغي أن يتصدى المشرع لهذه الآفة بشيء من التشدد، خصوصاً في ظل تزايد هذه الجرائم أخيرا، ووصل حد التفريق بين المرء وزوجه، وقد رأينا أخيرا في سابقة خطيرة، لجوء بعض اللاعبين لهذه الأعمال، إما لزيادة غلتهم من التهديف، أو لفك النحس أمام المرمى، وغيرها من الأعذار الواهية، وإن في إفراد نص جديد يجرم أعمال السحر والشعوذة وكذلك من لجأ إليها وجعلها من جرائم الجنايات ذات العقوبات المغلظة، ضرورة ملحة لوأد هذه الآفة، وكباحث قانوني ومهتم بقضايا المجتمع، أطرح هذا الأمر أمام الرأي العام تمهيداً لقرع باب المشرع حتى يلتفت لهذه الآفة ويحصن المجتمع بإفراد نص يجرم أعمال السحر والشعوذة، وكل من يلجأ إليها، بشيء من التغليظ، والله من وراء القصد.

تويتر