المحامي علي مصبح

ليسوا مجرمين بالصدفة

إن جريمة التزوير ليست حديثة العهد، وهي من أصعب الجرائم إحاطةً وضبطاً، لما يكتنفها من الغموض والتشابك، نتيجة تطور الوسائل الحديثة، حيث أصبحت تعتمد على تفكير المجرمين أكثر من اعتمادهم على قواهم الجسدية، ما يجعل لهذه الجريمة أشخاصاً معينين فلا هم مجرمون بالصدفة ولا هم مندفعون فيرتكبون الجريمة بطريق الخطأ، وهي من الجرائم التي يرتكبها فاعلها بقصد مباشر، هوتحريف الحقيقة، إما أن يكون بالقول أو الفعل وهو تغيير حقيقة الشيء أوالواقعة أو الأمر، بإضافة أوإنقاص بقصد إيهام الغير بصحة ما وقع فيه، وينقسم التزوير إلى ثلاثة أنواع:

أولاً: هو تغيير الحقيقة في الكتابة والأختام والإمضاءات وبإحدى الطرق التي نص عليها القانون، تغييراً من شأنه إحداث الضرر، ويجب أن يكون مقترناً باستعمال هذا المحرر المزور للغرض الذي أعد له.

ثانياً: التقليد، أي تقليد المحرر الأصلي.

«الاشتراك في جريمة التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال عليها، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد كونت عقيدتها من ظروف الدعوى».

ثالثاً: الاصطناع، أي اصطناع المحرر.

وجريمة التزوير تختلف بين أمرين، الأول هو اصطناع المحرر، والثاني استعمال المحرر المزور، فلكل منهما عقوبة مستقلة، إذ من المتصور أن يكون مرتكب الفعل واحداًَ في الجريمتين، أو أن يقوم شخص بالتزوير والآخر باستعمال المحرر المزور.

وأيضاً قد فرق المشرّع بين المحرر الرسمي والعرفي، فتزوير الأول يكون أكبر خطورة، كونه يزعزع الثقة بالورقة الرسمية، كونها صادرة عن جهة حكومية وتعد أغراضها لاستعمالات رسمية، بخلاف المحرر العرفي.

ولقد أحسن المشرّع عندما جرّم التزوير في صورة المحرر الرسمي واستعمالها، وذلك في نص المادة 217 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 وتعديله لسنة 2005.

أما بخصوص الضرر في جريمة التزوير، سواء كان الضرر محققاً أواحتمالياً، وسواء كان الضرر مادياً أو أدبياً، والمقرر أن الضرر مفترض في المحررات الرسمية ومجرد تغيير الحقيقة في محرر عرفي بإحدى الطرق المنصوص عليها في القانون يكفي لجريمة التزوير متى كان من الممكن أن يترتب عليه الضرر لأي شخص آخر، ولو كان هذا الضرر محتملاً.. وتقدير ذلك لمحكمة الموضوع متى كان سائغاً، وهو لا يحتاج إلى دليل خاص.

والاشتراك في جريمة التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال عليها، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد كونت عقيدتها من ظروف الدعوى.

والتزوير المعنوي لا يكون بإحداث تغيير مادي في الورق، لكنه يقع من مرتكبها تغيير الحقيقة الواجب إثباتها، كأن يذكر تاريخاً غير صحيح للمحرر.

وأخير القصد الجنائي في التزوير ينحصر في أمرين: الأول علم الجاني بأنه يرتكب الجريمة بجميع أركانها مع علمه بتغيير الحقيقة، والثاني اقتران هذا العلم بنيه استعمال المحرر.

 

 

 

الأكثر مشاركة