براءة الاختراع في الزراعة

من المتصور أن يبتكر عالم طريقة جديدة في إنتاج الطماطم أو البلح من النخل، بحيث يترتب عليها غزارة في الإنتاج أو اقتصاد في التكلفة، أو حتى استمرار الشجرة أو النبتة لفترات أطول في الإنتاج؛ ولكن هل ذلك يخضع لقانون براءة الاختراع؟ الاختراع هو فكرة يتوصل إليها المخترع ينتج عنها حل لمشكلة معينة في مجال التقنية. وبراءة الاختراع هي وثيقة حماية استئثارية تُمنح لمن توصل إلى اختراع. يشترط في الاختراع أن يكون جديداً، ومنطوياً على خطوة ابتكارية، وقابلاً للتطبيق الصناعي. ووفقاً للمادة 4 من القانون الاتحادي رقم 44 لسنة 1992 في شأن تنظيم وحماية الملكية الصناعية لبراءات الاختراع والرسوم والنماذج الصناعية، فإنه يعتبر الاختراع قابلاً للتطبيق الصناعي إذا أمكن تطبيقه أو استعماله في أي نوع من الصناعة بمعناها الواسع، بما في ذلك الزراعة والصيد والحرف اليدوية والخدمات. ومن ناحية أخرى فإن براءة الاختراع لا تُمنح، وفقاً للمادة 6 من القانون سالف الذكر، للأبحاث النباتية أو الحيوانية أو الطرق البيولوجية لإنتاج النبات أو الحيوان، ويستثنى من ذلك طرق علم الأحياء الدقيقة ومنتجاتها. نحن أمام نصوص متداخلة ودقيقة وغامضة ــ في أحيان أخرى ــ في موضوع حيوي متعلق بالزراعة والغذاء، «قد تملكون النقود.. لكنكم قد لا تجدون الغذاء المناسب الكافي»، هذا ما قاله بان كي مون سكرتير عام الأمم المتحدة في مؤتمر الغذاء الذي عقدته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) في روما. أما تلك النصوص القانونية المتعلقة ببراءات الاختراع، التي تضع قيوداً أمام الابتكارات الزراعية، بينما لا نجد تلك القيود في الابتكارات التكنولوجية أو الصناعية الأخرى. ماذا لو استطاع عالم أن يبتكر ــ بعد سلسلة من الأبحاث ــ طريقة علمية جديدة تضاعف من الإنتاج الزراعي، وهو يريد أن يحفظ حقه القانوني في ابتكاره أسوة بزميله العالم الذي ابتكر جهازاً جديداً أو طريقة صناعية جديدة في البناء أو التكنولوجيا، لكنه لا يستطيع ذلك لأن نصوص القانون لم توضّح ذلك بشكل دقيق ومفصّل.

إن موضوع براءة الاختراع المرتبط بالزراعة بحاجة إلى دراسة جدية وإعادة النظر في بعض النصوص، بما يتواكب مع التحديات الجديدة، ويا حبذا لو قامت مؤسسة بتبنّي ذلك في صورة مؤتمر علمي قانوني.

نقطة ومن أول السطر: الجميل في بلادنا الحبيبة أنها تشجع على الابتكار.. والأجمل أنها تحميه.

مدير معهد دبي القضائي