تواصل «مُحتال» بغطاء اجتماعي
جميل ما أحدثته التطورات التكنولوجية المتلاحقة والمتسارعة، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، من تلاقٍ للأفكار وتبادل للمعلومات القيمة، لكن هذا الجمال ليس كاملاً، فهناك وجه قبيح مُحتال يقف خلف الستار، وينتظر عتمة الليل ليعتدي على الناس.
لا يمكننا أن نتوقع دائماً حقيقة من نخاطبه على جهاز الحاسب الآلي أو الهاتف، لكننا يجب أن نكون حذرين، ففي نهاية المطاف لا قانون يوقفه إذا ارتكب جريمة بحقنا.
محتالون يتمترسون خلف الأجهزة الذكية، لإيقاع الناس في الفخاخ التي ينصبونها، فلا يوجد شخص لم يتلقَّ رسالة نصب بعضها يدغدغ المشاعر الإنسانية ليسقط رهاف القلوب في شباكه، ويطلب منهم المال، فيقدمونه طوعاً بغباء أو جهل منهم.
«هذا الجمال ليس كاملاً، فهناك وجه قبيح مُحتال يقف خلف الستار، وينتظر عتمة الليل ليعتدي على الناس». |
لذلك كله، نقول دائماً إن عبارة «القانون لا يحمي المغفلين» مازالت حقيقية، ولا أحد يستطيع الوقوف في مواجهتها، وحتى المحامي أو رجل الشرطة قد يعجز عن إعادة الحقوق إلى «المغفل» إذا تعرض للنصب، ولكن قبل أن تسقط في الفخ، لما لا تقول لنفسك: «لماذا أكون من المغفلين؟».
جاءنا في مكاتب المحاماة أشخاص كثر يُبلغون عن تعرضهم للنصب، ويشتكون أنهم يتوجهون إلى مراكز الشرطة لكن من دون فائدة، فمنفذ الجريمة لا شيء يدينه أو يُستدل على عنوانه.
وأذكر هنا أن رجلاً اشتكى أنه تلقى اتصالاً من شخص ادعى أنه مدير في شركة اتصالات، وأبلغه أنه فاز بمبلغ مالي كبير.
وأشار هذا الرجل إلى أن «المدير الوهمي» طلب منه أن يشتري مجموعة من بطاقات شحن الهواتف، ويُملي عليها أرقامها، وعندما انتهى من إرسال الأرقام، سأله عن المال فرد عليه أنه نصب عليه، ثم أغلق الهاتف في وجهه، وهو يضحك.
وهناك فتاة فوجئت بصورها منشورة على مواقع التواصل، بعد أن حصل عليها شخص بطريقة ما، إما بقرصنة أو بغيرها، وأخذ يبتزها من أجل الحصول على المال، وهناك رجال تعرضوا لعمليات نصب من محتالين أوهموهم بمقدرتهم على الكسب السريع.
هذا «الداء»، وهو «الاحتيال»، لا بد له من دواء، ولكن قبل الدواء هناك الوقاية، وتتمثل في أخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع الآخرين، وعدم تصديق كل ما يقال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمال المجاني، أو الفرصة الذهبية التي تبرق دماراً.
ولهذا كله نقول إن المحتال ليس أذكى منك، وإنما أنت من جعلت نفسك هدفاً سهلاً، وطُعماً لسهامه السامة التي تلوث المجتمع، فكن حريصاً وتوخَ الحذر عند تعاملك مع الغرباء، ولا تجعل من نفسك أضحوكة.