آثار عقد الزواج بين الشريعة والتشريع
يقصد بآثار عقد الزواج الحقوق التي تترتب على هذا العقد لكلا الطرفين، أو لأحدهما على الآخر، فإذا انعقد الزواج، وتمت أركانه، وكان صحيحاً نافذاً لازماً، فإن آثاره تترتب عليه في الحال، ومن هذه الحقوق ما هو مشترك بين الزوجين، وما هو للزوجة على زوجها، وأخيراً حقوق للزوج على زوجته، وبناءً على ذلك فالحقوق المشتركة بين الزوجين هي أولاً: حل الاستمتاع والمعاشرة بين الزوجين، لأن عقد الزواج يحل ما كان محرماً، لقوله تعالى: «نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم»، ثانياً: ثبوت النسب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش»، ثالثاً: حرمة المصاهرة، كالزواج بأصول الزوج، وإن علوا، أو بأصول الزوجة، وإن علوا، رابعاً: إثبات حق التوارث بين الزوجين. وأخيراً من الحقوق المشتركة: حسن تربية الأولاد، والقيام على شؤونهم، باعتبارهم ثمرة الزواج.
«إذا كانت الشريعة الإسلامية قد عظّمت من حقوق الزوجة، ونبهت الزوج إلى حسن معاملتها، ومصاحبتها بالمعروف، فإنها أعلت من حق الزوج على زوجته». |
أما عن حقوق الزوجة على زوجها، فهي أولاً: المهر، وهو المال الذي تستحقه الزوجة على زوجها بالعقد عليها، وحكمه هو الوجوب على الزوج، وذلك لقوله تعالى: «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة»، ثانياً: النفقة، وهي اسم لما يصرفه الزوج على زوجته وعياله من طعام وكسوة ومسكن وخدمة، وهي واجبة للزوجة على زوجها بمقتضى العقد، سواء أكانت غنية أم فقيرة، مسلمة أو كتابية، متى سلمت نفسها للزوج وتمكن من الاستمتاع بها. وأيضاً لها حقوق أخرى، منها عدم منعها من إكمال تعليمها، وعدم منعها من زيارة أصولها وفروعها، وإخوتها، واستزارتهم بالمعروف، وعدم التعرض لأموالها الخاصة، وعدم الإضرار بها، مادياً ومعنوياً، وأخيراً العدل بينها وبين بقية الزوجات، إذا كان للزوج أكثر من زوجة. ومن هنا نرى أن الشرع، بما أوجبه من هذه الحقوق، قد أمر بالمعاشرة بالمعروف، وأن يحفظ الزوج لزوجته حقوقها الأدبية والإنسانية، ولا يظهر لها الكراهة، ولا يسبب لها أذى، مادياً أو معنوياً.
وإذا كانت الشريعة الإسلامية قد عظّمت من حقوق الزوجة، ونبهت الزوج إلى حسن معاملتها ومصاحبتها بالمعروف، فإنها أعلت من حق الزوج على زوجته، بل جعلت له القوامة على شؤون الأسرة، باعتباره اليد العليا التي تكتسب وتنفق، فكان حقه عليها أعظم. ومن حقوقه، أولاً: الطاعة، وهو حق يجب على الزوجة بمقتضى عقد الزواج، بنص القرآن الكريم: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم»، ثانياً: حق القرار في البيت، فلا يجوز لها أن تخرج من المنزل إلا بإذنه.
وأخيراً، إذا التزمنا بشرعنا الحنيف، سيؤدي ذلك إلى تقليل حالات الطلاق الذي انتشر في المحاكم، وذلك بأن يعرف كل من الزوج والزوجة حقوقه وواجباته، ولا يتعنت في استخدامها.