آراء

الغائب في قانون الأحوال الشخصية

طارق النقبي رئيس نيابة مساعد في النيابة المدنية

يُعرّف الغائب في اللغة بمعنى الغيب، بفتح الغين، أي كل من غاب عنك، وأيضاً ما غاب عن العيون، وغاب الرجل غيباً ومغيباً وتغيّب، أي سافر، عكس الحاضر الشاهد «لسان العرب».

أما في الاصطلاح القانوني، فعرفته الفقرة الأولى من المادة 233 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28 لسنة 2005«هو الشخص الذي لا يعرف موطنه ولا محل إقامته». وأضافت المذكرة الإيضاحية للقانون أن المراد بكلمة الشخص، الواردة في تعريف الغائب، هو من اكتملت أهليته قبل الغياب، إذ لو كان فاقد الأهلية في الأصل، كالصغير غير المميز، أو المعتوه، أو ذي الغفلة، ممن يشملهم اسم القاصر، لكان حكمه، بموجب المواد التي سبقت تعريف الغائب، الخاصة بالقاصرين، ولا يحتاج أن يفرد لها المشرّع أحكاماً خاصة.

الغائب هو من لا يُعرف موطنه ولا محل إقامته الفعلي، سواء أكانت حياته معروفة أم غير معروفة.

أما عن الشروط التي ذكرها القانون في مفهوم الغائب، فهي أن يكون موطنه ومحل إقامته غير معروفين.

والمراد بالموطن في التعريف، هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة، وإقامته فيه على وجه الاستقرار، ويأوي إليه بشكل معتاد، ويكون للشخص الواحد أكثر من موطن، وهو ما نصت عليه المادة 81 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي. أما محل الإقامة فهو مكان وجود الشخص وجوداً فعلياً.

فنخلص إلى أن الغائب هو من لا يُعرف موطنه ولا محل إقامته الفعلي، سواء أكانت حياته معروفة أم غير معروفة، وهو ما يختلف فيه عن تعريف المفقود، الذي عرفته الفقرة الثانية من المادة ذاتها رقم 233 سالفة البيان، على أنه هو الغائب الذي لا تعرف حياته ولا وفاته.

ولا تتم معرفة الغيبة إلا بعد اتخاذ كل الوسائل للبحث والتحري عن الشخص المطلوب إثبات غيبته، للتأكد والتثبت من عدم وجود أي موطن ومحل إقامة معروفين له.

وفي واقعة، تقدم مدعٍ في دعوى أحيلت للنيابة المدنية لإبداء رأيها - كون من بين أطرافها قاصر- بطلبه للحكم بإثبات غيبة زوجته وابنته منها، مدعياً بطلبه أن زوجته وابنته تغيبتا عن المنزل منذ ما يقارب أربع سنوات، ولم يستدل على أي عنوان لهما، فرأت النيابة، متمثلة بالنيابة المدنية، مخاطبة الإدارات المعنية بالإمارة لإجراء التحري عن المطلوب إثبات غيبتهما، فتبين أنهما غادرتا الدولة منذ فترة قصيرة، ما يستتبع احتمال عودتهما إلى الدولة في أي وقت قريب لاحق، فعرضت النيابة المدنية على المحكمة الناظرة في الدعوى الحكم برفض طلب إثبات الغيبة لعدم توافر شروط الغيبة المقررة قانوناً، فصدر حكم نهائي برفض تلك الدعوى أخذاً بالرأي ذاته.

* رئيس نيابة مساعد في النيابة المدنية في دبي

تويتر