المخالفات المرورية.. مقاس واحد لا يناسب الجميع
تزامناً مع احتفالات اليوم الوطني الـ46، أعلنت قيادات الشرطة في الإمارات المختلفة في الدولة خفض قيمة المخالفات المرورية وبدل حجز المركبات بنسبة 50%، في خطوة رحبت بها فئات المجتمع كافة. وأعتقد أن هذه الفرصة مناسبة للنظر في نظام المخالفات المرورية، وضرورة إعادة هيكلته.
في سويسرا يتم تحديد المخالفات المرورية بناءً على دخل الفرد. |
في دولة الإمارات، تتناسب قيمة المخالفات المرورية طردياً مع السرعة الزائدة. فعلى سبيل، لو كانت السرعة المحددة المقرر لشارع ما 100 كلم في الساعة، فإن الرادار سيضبط السائقين الذين تزيد سرعتهم 20 كيلومتراً في الساعة أو أكثر فوق السرعة المقررة.
وبشكل عام، تعتبر مخالفات السرعة الزائدة رادعاً كافياً بالنسبة لمعظم سكان الدولة، إلا أن سياسة المقاس الواحد لا تلزم الجميع بمراعاة القوانين المرورية، فبالنسبة لبعض الأفراد من ذوي الدخل المرتفع، قد لا تشكل المخالفات المرورية عبئاً مادياً ورادعاً كافياً بالنسبة لهم، فيرتكب بعضهم المخالفات المرورية، الواحدة تلو الأخرى، غير مكترثين بدفع المخالفات، ويعرضون حياتهم وحياة الآخرين للخطر.
وعليه، أرى أن الحل لهذه الفئة من السائقين يكمن في تغليظ قيمة المخالفات، بما يتناسب مع دخلهم الفردي.
ففي بعض الدول الأوروبية، مثل سويسرا، يتم تحديد المخالفات المرورية بناءً على الدخل الفردي، ويحوّل المخالفون إلى المحكمة في حال زادت السرعة 16 كلم في الساعة على السرعة المقررة في المناطق السكنية، و21 كلم في الساعة خارج المناطق السكنية، وأكثر من 25 كلم في الساعة في الطرق الخارجية. وتأخذ المحكمة في الحسبان موقع ارتكاب المخالفة، وقدر السرعة الزائدة، إضافة إلى الإمكانات المادية للمخالفين. وبناءً على المعطيات الآنفة الذكر، يتم احتساب قيمة المخالفة، التي قد تصل قيمتها إلى ما نسبته 30% من الدخل الشهري للسائق، علماً بأن العقوبة قد تشمل الحبس أيضاً، تبعاً لخطورة المخالفة.
كما يجب أن يؤخذ في الحسبان عند تحديد قيمة المخالفة، إن كان الفرد يخرق الأنظمة المرورية بشكل متكرر أم لا، وبناءً على ذلك تتحدد قيمة المخالفة.
لا شك أن المخالفات المرورية أسهمت، عبر السنوات الماضية، في الحدّ من الوفيات على شوارع الدولة، ومع ذلك لاتزال نسبة الوفيات مرتفعة مقارنة بعدد السكان، لذا أنادي الجهات المعنية في الدولة بتطبيق نظام للمخالفات مشابه للمعمول به في سويسرا، لنحدّ من عدد وفيات الحوادث المرورية إلى أدنى حدٍ ممكن، بإذن الله.
مؤسس ورئيس مجلس إدارة كلداري محامون ومستشارون قانونيون