جريمة السب وعقوباتها
قد يتورط بعض الأشخاص في قضايا جنائية، نتيجة ارتكابهم جرائم سب وقذف لآخرين بصورة علنية وهو ما يعرف بالسب العلني، وتكون عقوبة الجريمة أشد وطأة، حينما ترتكب عبر مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، بسبب فهم خاطئ لمبدأ حرية التعبير، وما قد يتوقعه الجاني بأنه في عالم افتراضي بعيد عن المسؤولية.
ونجد أن المشرع الاماراتي - خيراً فعل - حينما تصدى لجريمة السب العلني ضمن نص الفقرة الأولى من المادة (373) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987 وتعديلاته، والتي ورد بها أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز 10 آلاف درهم، من رمى غيره بإحدى طرق العلانية بما يخدش شرفه أو اعتباره، دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة».
والسب في اللغة هو الشتم، سواء بإطلاق اللفظ الصريح أو باستعمال تعاريف توحي إليه وهو المعنى المقصود في اصطلاح القانون، باعتبار السب كل إلصاق معيب أو تعبير يحط من قدر الشخص أو يحد من سمعته لدى غيره. إذاً لا يشترط لقيام الجريمة أن يقع السب في مواجهة المجني عليه، فإن علة العقاب ليست سماع ما يتأذى منه المرء بقدر ما يصاب به من جراء سماع ما قيل عنه بما يسيء له في شرفه أو اعتباره، والسب والشتم لم يحصرا بألفاظ معينة وكذلك الإيماءات التي تصدر من الجاني لم يحدد شكلها سلفاً في القانون، بما يعني أن المرجع في تعرف حقيقة ألفاظ السب أو الإيماءات الرامية لهذه الجريمة إلي العرف وما يطمئن إليه القاضي في تحصيله لفهم الواقع، من خلال ما هو مطروح عليه من أوراق ومرافعة الدفاع.
أما جرائم السب باستخدام الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات، فقد تصدت عليها الفقرة الأولى من المادة (20) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حينما نصت على معاقبة كل من سب الغير، بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، بما يعني أن المشرع قد شدد عقوبة السب المرتكبة عن طريق الشبكة المعلوماتية، وذلك لأن ارتكاب الفعل الإجرامي حينئذ سيكون أسهل من نظيره من حيث التنفيذ، فجرائم السب والإساءة للآخرين تنتشر على الشبكة المعلوماتية كالنار في الهشيم وقد تصل لملايين من البشر في لحظات. وإذا كانت جريمة السب العلني بالطريقة التقليدية تبدأ وتنتهي في مكان وزمان معينين، فإن السب والإساءة عبر الشبكة العنكبوتية تنتقل عبر القارات وتستمر في إساءتها للشخص المجني عليه حتى قيام الساعة، والمشرع الإماراتي كان موفقاً حينما تشدد في عقوبة هذه الجريمة عند توافر أركانها، وذلك حماية لسمعة الأشخاص ومنع العبث بمصالحهم.
ونذكر أنه لاعتبارات تغلب عليها مصلحة الخصوم، لتعلق الدعوى بأشخاصهم وعلاقاتهم أكثر من تعلقها بالحق العام الذي تحميه النيابة العامة، فإن المشرع قيد سلطة النيابة العامة واشترط أن يتم تقديم شكوى خطية أو شفوية من المجني عليه أو ممن يقوم مقامه قانوناً، قبل مباشرة ورفع الدعوى الجزائية في هذه الجريمة.