آراء

التنمر المدرسي.. ما الكلفة؟

تنمر.. بلطجة.. تسلط.. استقواء.. وباللغة الإنجليزية «Bullying»، مسميات عدة لمشكلة واحدة، تؤرق الأسر والمدارس والمجتمعات. أطفال أرعبهم شبح التنمر في المدارس، فقرر العديد منهم الهروب بطريقته الخاصة، وبحسب دراسة أميركية يتغيب طالب واحد في المرحلة الثانوية أسبوعياً من المدرسة خوفاً من التنمر، ووصل الأمر بكثيرين إلى التفكير في الانتحار، لذا كيف نحمي أطفالنا من التنمر؟ وما الدعم الذي يمكن أن نقدمه للتنمر والمتنمرين؟

التنمر سلوك عدواني متعمد ومتكرر من طرف محدد، سواء كان فرداً أو جماعة، بهدف إلحاق الأذى النفسي أو الجسدي أو كليهما بالطرف الآخر، ويعتقد علماء النفس والباحثون أن التنمر ينجم عن عوامل عدة، مثل الاضطرابات النفسية، أو التعرض للعنف الأسري، والإهمال العاطفي من قبل الوالدين، ولا يمكن تجاهل إساءة استخدام التكنولوجيا الرقمية من قبل الأطفال والمراهقين، التي أفرزت ما يعرف بـ«التنمر الإلكتروني»، وهو من الأنواع الشائعة جداً.

وكشفت إحدى الدراسات على ما يقارب 31 ألف طالب في إمارة أبوظبي أن واحداً من كل ثلاثة طلاب تعرض للتنمر الإلكتروني في السنة التي أجريت فيها الدراسة.

وأوضح المتخصصون، مسترشدين بالأبحاث والدراسات، أن الأطفال أصحاب الهمم، والأطفال الذين ينتمون إلى أسر ذات أوضاع اقتصادية متدنية، وأولئك الذين ينتمون إلى أقليات أثنية أو عرقية أو لغوية، أكثر عرضة للتنمر من غيرهم.

ويعاني الضحية آثاراً عدة للتنمر، كعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، ممتدة إلى الفشل الدراسي، والاكتئاب، والقلق، وضعف تقدير الذات، وغيرها من الآثار النفسية والجسدية، كاضطرابات الأكل والنوم. وأثبتت بعض الدراسات أن كلاً من المتنمر والضحية على السواء قد يعانون آثاراً طويلة الأجل، تمتد سنوات عدة، ناجمة عن التنمر.

وهناك تبعات اقتصادية واجتماعية تنعكس على المجتمع بسبب التنمر، مثل تكاليف خدمات الرعاية الصحية، شاملة الرعاية النفسية المقدمة لضحايا التنمر والمتنمرين على حد سواء، إضافة إلى الآثار الاقتصادية بعيدة المدى، الناجمة عن التسرب المبكر من المدرسة، وغيرها من الآثار الناتجة عن السلوك الإجرامي، والسلوك المعادي للمجتمع نتيجة للتنمر.

ولوقاية أبنائنا من التنمر المدرسي، ودعمهم، يتوجب العمل ضمن استراتيجية تعزز التكامل في الأدوار بين الأفراد والجهات المعنية، وتفعل دور كل من الأطفال، والإدارة المدرسية، والمعلمين، وأولياء الأمور. ولا ننسى الدور الجوهري الذي يلعبه المتخصصون النفسيون والاجتماعيون في رفع وعي الطلبة حول التنمر، والعمل على وقايتهم، وتقديم الدعم اللازم، لذا ننادي من هذا المنبر بضرورة بناء القدرات، وتعزيز دور الكوادر المدرسية في مجال التنمر، من خلال توفير تدريب منهجي وإلزامي يمكِّنهم ليصبحوا محركات للتغيير الإيجابي.

ولعل إنشاء مرصد مدرسي للمشكلات السلوكية، ومنها التنمر، كفيل بتصميم وتوجيه البرامج الوقائية والتدخلات العلاجية المبكرة، التي تتناسب مع بيئتنا وثقافتنا، كما سيدعم إنشاء هذا المرصد الأبحاث المعنية بسلوك الطلبة على مستوى الدولة، بهدف الوقاية، ومواجهة التنمر بشتى أنواعه.

alhayyas@gmail.com

تويتر