محاكمة 3 أطباء بتهمة ارتكاب خطأ جسيم أدخل طفلاً في غيبوبة وموت سريري
أحالت النيابة العامة في دبي، ثلاثة أطباء إلى محكمة الجنح، بتهمة ارتكاب خطأ طبي جسيم، أدى إلى تدهور حالة طفل عربي الجنسية، وموته سريرياً، ولايزال في غيبوبة منذ نحو ثلاث سنوات.
وأفادت تحقيقات النيابة العامة بأن الأطباء المتهمين ارتكبوا خطأ جسيماً، شمل عدم إعطاء العلاج المناسب للطفل، نتيجة الإهمال والتقصير، بحسب المعايير الطبية المعتمدة، ما أدى إلى تدهور حالة الطفل، ودخوله في غيبوبة طويلة استمرت حتى الوقت الراهن، بحسب تقرير هيئة الصحة.
وبحسب التحقيقات، فإن الطفل أحيل إلى المستشفى الحكومي الذي شهد الواقعة، نتيجة معاناته أعراضاً عادية، منها الصداع، وقال والده إنهم حاولوا علاجه في عدد من العيادات الخاصة، لكن دون جدوى، فقرر نقله إلى المستشفى، حيث تم استقباله في وحدة الطوارئ في عام 2014.
وأضاف أن طبيبة الأطفال المعنية في المستشفى، (عربية)، استقبلت الطفل، وأمرت بإجراء فحوص عدة له، لاشتباهها في إصابته بالتهاب السحايا، وأكدت عدم وجود أي أعراض جانبية لتلك الفحوص، وأنها إجراء اعتيادي، لكن لاحظ الأب نقطة من سائل أصفر اللون، تبدو خليطاً من دماء وشيء آخر على فراش الطفل، وحين سأل الممرضة، أكدت أن هذا طبيعي، وعليه ألا يقلق.
وأشار إلى أن الطبيبة عادت بعد نحو ساعتين، وذكرت أن نتيجة الاختبار هي ارتفاع في مؤشر التهاب السحايا، وقررت إدخاله إلى غرفة العزل، وكان يوجد آنذاك طبيب آخر، لكنه غادر دون فحص الطفل، مكتفياً بتقرير طبيبة الطوارئ، لافتاً إلى أن ابنه كان يتناول طعامه بنفسه، ويتحرك في الغرفة، وبعد إعطائه أدوية مرض التهاب السحايا بدأ يتشنج ويصرخ من شدة الألم، وتم إدخاله بعد نحو 14 ساعة إلى غرفة العناية الفائقة للأمراض الباطنية للكبار، لعدم وجود غرفة للأطفال، ولم يمر أي طبيب عليه، أو يحاول فحصه وتخفيف آلامه، وحين توجه الأب إلى طبيب كان موجوداً آنذاك، صرف له «باندول» حتى صباح اليوم التالي، الذي ازدادت فيه الحالة سوءاً، وتم استدعاء طبيب أعصاب الأطفال، وتم وضع ابنه على جهاز التنفس، وبعد ذلك ارتفع ضغط الدم ودقات قلبه، وحاولت الممرضات البحث عن طبيب، لكن لم يجدن أحداً، وتدخل أطباء التخدير لإنعاش قلب الطفل، وتغيير جهاز التنفس، لكن بعد فترة دخل الطفل في غيبوبة، وأُبلغت أسرته بأنه ميت سريرياً، وتقدم الأب بشكوى لدى إدارة المستشفى، ثم هيئة الصحة، وتوجه لاحقاً إلى النيابة العامة.
من جهتها، قالت المتهمة الأولى، طبيبة الأطفال، في إفادتها بمحضر استدلال الشرطة، إن أم الطفل عربية الجنسية أحضرته إلى المستشفى، وكان يبلغ وقتها (ثماني سنوات)، ويشكو من صداع متكرر، وحمى، وربما القيء، وبعد إجراء الفحص الروتيني والسؤال عن تاريخه المرضي، ساور الطبيبة شك في إصابته، وبأنه ربما يعاني التهاب السحايا، وهو مرض خطر، لذا كانت هناك حاجة لأخذ عينة من السائل الشوكي الجذعي له، وعرضت الأمر على الأم، التي اتصلت بدورها بوالد الطفل، فشرحت لها المتهمة الأولى طبيعة الإجراءات، وأنه لا يوجد إجراء طبي مضمون 100%، فوافق الأب على إجراء الفحوص، وتم أخذ عينة من الطفل، وأحيلت إلى المختبر، وبدأ العلاج فوراً بإدخاله إلى غرفة العزل.
وأضافت الطبيبة أن الطفل كان في حالة جيدة حين خضع للفحص، وبعد ورود النتائج من المختبر، تأكدنا أنه يعاني فعلاً هذا المرض الخطر، فأخبرت والدة الطفل بذلك، حتى يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لعلاج الطفل في المستشفى، لافتة إلى أن دورها انتهى عند هذه المرحلة، وأخبرت لاحقاً أن الطفل توفي سريرياً، وموجود على أجهزة الإنعاش، ثم اتهمتها الأسرة بالتسبب في ذلك، وحاولت من جانبها التواصل مع الأم، لكن صدتها الأخيرة، فابتعدت عنهم حتى فوجئت بشكوى ضدها، مؤكدة أنها التزمت بالإجراءات المعتمدة في مثل هذه الحالات، رافضة اتهامها بالتسبب في خطأ طبي بعدم إجراء أشعة مقطعية للطفل، مشيرة إلى أن هذا إجراء غير ملزم أو معتمد من قبل المستشفى.
وأكدت المتهمة أن المرض الذي يعانيه الطفل خطر جداً، وكانت حالة الطفل متأخرة، لذا فإن ما حدث له يعد أمراً متوقعاً، كما أنها لم تعرف ما حدث له لاحقاً، لأن حالته كانت جيدة في آخر مرة فحصته. من جهته، قال المتهم الثاني، طبيب أورام أطفال، (أوروبي)، إن الطفل كان موجوداً في قسم العزل، وأعطي الأدوية والمضادات الحيوية اللازمة، واقتصر دوره على المرور على قسم العزل، إذ طلب من هيئة التمريض إعطاءه العلاج نفسه، مشيراً إلى تواصله مع طبيب العناية، الذي أبلغه بأن الصبي تعرض لارتفاع في ضغط الدم، وهو أمر شائع في حالته، واتخذت كل الإجراءات اللازمة، حيث تم إعطاؤه المسكنات، وانتهى دوره عند هذه المرحلة، لأن الحالة ليست من اختصاصه، وقد مرّ على الطفل لوجود نقص في الأطباء آنذاك، لكنه لم يتدخل في علاجه، أو يكتب له أي أدوية. فيما لم يتم الحصول على إفادة الطبيبة المتهمة الثالثة، لأنها هاربة.