يوم بلا حوادث مرورية
يبدو حلماً صعب المنال، بل أعجوبة من الأعاجيب التي لا يتوقع حدوثها، أن يمرّ علينا يوم كامل من دون بلاغ من هذا النوع!
ربما يتحقق الحلم في حالة واحدة، إذا كنا نعيش في جزيرة محاطة بالماء من كل أطرافها، لا يوجد بها طرق سريعة ناعمة مثل الحرير، ولا نشاهد فيها تلك الشاحنات المحملة بمنتجات مختلفة، أو إشارات مرور، أو مارّة يعبرون الطريق من غير الأماكن المخصصة لهم، وأطفال يعدون في الشوارع دون رقيب، أو سيارات رياضية فارهة تخطف العيون، وتسير بسرعة كبيرة، بسبب عدم قدرة سائقيها على تحمل إغرائها، فيتجاوزون غيرهم مثل البرق الخاطف، أو حافلات مدرسية تقلّ آلاف الطلبة صباحاً حين الذهاب، ومساء في العودة، أو مركبات نقل عمال، أو سيارات أجرة، ولا دراجات نارية متفاوتة القيمة من فارهة محببة للنفس، لتلك المخصصة لتوصيل الطلبات إلى المنازل بما تمثله من خطورة كبيرة، وتهور أحياناً من سائقيها الذين يريدون التفوق في سرقة التوصيل.
الحلم الذي نتحدث عنه هنا، ويعتبره كثيرون أعجوبة أو أحد المستحيلات، هو أن يمر علينا «يوم واحد بلا حوادث مرورية»، في مدينة مثل دبي تسير على طرقها ملايين المركبات من مختلف الأنواع.
هل هذا يعدّ فعلاً نوعاً من المستحيل؟ أم أن الحلم قابل للتطبيق في ظل أنه ربما ينحصر بين يدي وعيني سائق السيارة الذي يمكن أن يجعل من المركبة وسيلة آمنة للنقل والمواصلات، وليس بساطاً لركوب الريح، يطلق له العنان دون أن يأبه لضوابط الطريق وأنظمته وقوانينه؟
عندما كنت أقدم البرنامج التلفزيوني «999» عبر قناة دبي الفضائية، قمت بجولة جوية فوق سماء دبي، لإعداد تقرير تلفزيوني، ورصد الحركة المرورية لأخطر الشوارع في دبي، التي وقعت عليها حوادث مرورية كثيرة، واختلفت حينها مع الزملاء على هذا المسمى الجائر، الذي يتهم أجمل الشوارع في دبي، ويصفها بـ«الأخطر»، وأرى أنه لا يوجد ما يعرف بـ«أخطر الشوارع»، وإنما السائقون هم من يحولون تلك الشوارع الجميلة إلى خطرة، بتهورهم، وعدم احترامهم الأنظمة والقوانين المرورية، وليست الشوارع هي السبب.
«يوم بلا حوادث»، حملة أطلقتها شرطة دبي قبل أسبوع تقريباً، فيها الكثير من التحدي، بأن يمر يوم بلا حوادث مرورية، فعلياً يمكن أن يتحقق ذلك التحدي، ولكن بشرط أن يشارك جميع أفراد المجتمع لإنجاحه وتحقيق أهدافه. لنقبل التحدي، ويمر اليوم بلا حوادث، ونثبت للهاجس الكامن في عقولنا أننا نستطيع تحقيق ذلك الحلم، ولو ليوم واحد على الأقل.
ربما يكون الأمر صعباً، لكن ليس مستحيلاً، من وجهة نظري، إذا التزم كل منا بآداب السير، وحافظ على تركيزه واهتمامه أثناء القيادة، فلنجرب القيادة الآمنة يوماً واحداً فقط، نلتقط أنفاسنا بعمق، ونستمتع بهذه الطرق الرائعة، ونلتزم بالسرعات المحددة، ونتذكر أن هناك من ينتظرنا وتهمه سلامتنا، وكذلك هناك إلى جوارنا على الطريق أشخاص أبرياء، ربما تكون بينهم أسر كاملة، فيجب عدم تهديد سلامتها أو إلحاق أذى بها.
لدينا طرق ممتازة، وسيارات تتمتع بكفاءة وحداثة، يلزمنا أن يتحمل العنصر البشري مسؤوليته فحسب، حتى نحقق الحلم.
مدير الإعلام الأمني في شرطة دبي