آراء
ثقة في غير محلها
عَرّف شرّاع القانون الوكالة بأنها: عقد يقيم الموكل بمقتضاه شخصاً آخر مقام نفسه في تصرف جائز معلوم.
وهنا أنا لا أٌقصد تعريف الوكالة بالشكل القانوني، ولكن المسؤولية الناتجة عن الوكالة، وخطورتها في بعض التصرفات والصلاحيات المذكورة فيها، لاسيما أن أول ما يتبادر إلى الذهن في الوكالة هي الثقة التي يعطيها الموكل للوكيل، ولكن بعد مرور فترة من الزمن يتضح للموكل أنه وقع في مأزق الديون أو البيع أو المسؤوليات الإدارية أو حتى القضايا، ومنها مثلاً الوكالات العامة المطلقة الممنوحة من الكفيل في الرخصة التجارية إلى أحد الشركاء الأجانب، ثم نفاجأ لاحقاً بأنها تخوله فتح الحسابات، وأخذ القروض، وتوقيع الشيكات باسم الموكل، وفي بعض الوكالات شاهدنا صلاحيات أخذ القروض مقابل الرهن، أي أن الوكيل يقترض باسم الموكل، ويرهن ما لديه من ممتلكات دون علمه أو طلب توقيعه، ويكتشف الموكل بعد فترة أنه مطلوب للمحاكمة ليسدد قرضاً عليه لم يستفد منه.
أنا لا أهوّل من موضوع الوكالة، ولكن يجب أن يعلم كل شخص الصلاحيات الخطرة في نموذج الوكالة، وأن يقيد الوكالة بصلاحيات لا تضعه تحت طائلة المسؤولية، ويجب أن تكون الوكالة بين الأشخاص محددة بتاريخ انتهاء، وتجدد بعد ذلك إن استدعى الأمر، أو أن يتم إلغاء الوكالة مباشرة بعد الانتهاء من الغرض الذي أعدت له، خصوصاً الزوجات اللاتي يمنحن وكالات مطلقة لأزواجهن، تحت طائلة الضغط النفسي أو الثقة العمياء، لتجد الزوجة نفسها في بعض الأحيان مطالبة بتسديد ديون لا تعرف لها طريقاً، ويصل الأمر في النهاية إلى الطلاق الذي نتج عن الوكالة.
ويجب على أي شخص قراءة محتوى الوكالة كلمة كلمة، والسؤال عن معناها عند المتخصصين القانونيين، ومعرفة المسؤوليات التي تنتج عنها، ولا يقوم بالتوقيع نتيجة الحرج أو الضغط النفسي أو الثقة، فقد تكون النهاية خلف القضبان الحديدية.
وأنا شخصياً تعاملت مع قضايا عدة، لضحايا وكالات عامة قاموا بالتوقيع عليها بثقة مفرطة، دون النظر في محتواها، ربما لثقة مفرطة بالطرف الآخر.
وحين أتحدث عن الزوجة تحديداً، ألفت النظر إلى أن الحياة الزوجية عرضة للمد والجزر، وربما تقع المرأة فريسة لزوج لا يراعي الله فيها، وبعد أن يستغلها في الحصول على قروض، وربما إنفاقها في أمور بعيدة كلياً عن بيته وعن زوجته، تضطر هي إلى سداد تلك الفواتير.
وهناك قضية نظرت أخيراً في أبوظبي، لامرأة آسيوية وقّعت وكالة لشقيقها الذي كان يتولى إدارة شركات الأسرة، ثم تورط في قضايا مالية، وسافر إلى بلاده دون أن يخبر شقيقته بذلك، لتدفع هي فاتورة ثقتها به العمياء، وهذا حال أخ مع أخته، فما بالنا بوكالة بين غريبين.
• يجب على أي شخص قراءة محتوى الوكالة والسؤال عن معناها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news