آراء
«الإعسار الجديد» يحقق الشفافية
توافقاً مع أحكام الشريعة أعطي قانون المعاملات المدنية الإماراتي -كالقوانين الأخرى- سلطة للقاضي بمنح المدين المتعسر مهلة للسداد مشروطة بعدم إضرار تلك المهلة بجسامة للدائن، ولكن لما كانت التشريعات الحالية بوضعها الحالي أدت إلى انخفاض معدلات استرداد حقوق الدائنين، وفي الوقت نفسه وضعت المدينين تحت ضغوط شديدة، فكان لابد من البحث عن وسيلة لانتشال المتعثرين من صعوباتهم المالية بشكل عادل ومتوزان يحقق مصلحة أطراف العلاقة ولا يضر بالدائنين.
وجاء القانون 19 لسنة 2018 بشأن الإعسار ليحقق ذلك الأثر بمنح المتعثر الفرصة للعمل والإنتاجية وتوفيق أوضاعه المالية دون الاضطرار للهروب؛ فنفى لذلك الصفة الجزائية عن شيكاته بشكل حوَّل دينه كقرض شخصي -مع حفظ الفارق- يسدد على دفعات مدارة بواسطة خبراء منتدبين من المحكمة وبتنسيق بين المدين والدائن بخطة لا تزيد على ثلاث سنوات.
وهذا القانون خاص بالأشخاص الطبيعيين -وليسوا التجار- الذين لا يقومون بنشاط اقتصادي، وهذا ما يميزه عن قانون الإفلاس الخاص بالتجار، ومنح المدين وسيلتين: إمكانية تسوية التزاماته بخطة، وإلا اللجوء للإعسار وتصفية الأموال، وذلك عن طريق يقدم للمحكمة يذكر فيه المدين وضعه المالي ومصادر دخله وأسماء وعناوين الدائنين وبياناً تفصيلياً بأمواله، واستثني من الخضوع لإجراءات التسوية: معاش المدين التقاعدي أو ما يماثله، وأموال المدين اللازمة لسد الحاجات الضرورية لمعيشته أو معيشة من يعولهم.
وإذا كان للحكم بإشهار الإعسار وتصفية الأموال آثار إيجابية تتمثل في وقف الإجراءات الجزائية في قضايا إصدار شيك من دون رصيد؛ فإنّ له آثاراً قد يراها المدين سلبية تمنعه من الحصول على قرض أو تمويل جديد لمدة ثلاث سنوات، كما يُمنَع من الدخول في التزامات بعوض أو من دون عوض لمدة ثلاث سنوات -باستثناء ما يلزم لقضاء حاجاته الضرورية أو من يعولهم- كما يدرج اسمه في السجل الخاص بذلك؛ ولا يعود للمدين رد اعتباره إلا بعد انقضاء ثلاث سنوات -كأصل- من تاريخ انتهاء إجراءات إشهار إعساره وتصفية أمواله أو حال توصله لتسوية مع دائنيه.
ويواجه القانون بحزم من يقوم بأي تصرف لإخفاء أمواله أو إتلافها، أو من يقدم بيانات كاذبة عن ديونه وحقوقه وأمواله؛ وذلك عن طريق الحكم برفض طلب التسوية أو القضاء ببطلانها. بل يصل الأمر إلى الحبس والغرامة لكل دائن تقدم بمطالبة وهمية أو صورية ضد المدين أو باتفاق معه، أو زاد من ديونه على المدين بطريق غير قانوني، أو عقد مع المدين بعد صدور قرار المحكمة اتفاقاً يكسبه مزايا إضراراً بباقي الدائنين.
كما يصل الأمر إلى حبس المدين إذا سدد مديونية أحد المدينين إضراراً بالباقين، أو إذا تصرف بأمواله بسوء نية بأقل من سعرها في السوق أو لجأ لوسائل ضارة للإضرار بدائنيه -بشروط- أو سدد أي مديونية أو تصرف بأي أموال مع علمه بمخالفتها لشروط خطة التسوية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news