حلم الثراء السريع بين الاحتيال وخيانة الأمانة
حلم الثراء في حد ذاته هو طموح مشروع، وهو ما يحفز على الجد والاجتهاد في العمل لبلوغه، بيد أن اقترانه بالرغبة في تحقيقه بأسرع وقت وبأي طريقة مشروعة كانت أم غير مشروعة هو ما يوقع في المحظور، وترتد نعمة تدفق المال الى نقمة تدفع بصاحبها الى السجن والى رد ما استولى عليه، بل ودفع أضعافه مقابل تغطية مصروفات التقاضي. فلنرَ كيف تفتّق ذهن أبطال قضيتنا عن أسلوب غير مشروع للاستيلاء على مال الغير.
هم مجموعة تشاركوا في عمل كان يدر عليهم رزقاً حلالاً، إلا أن الطمع أعمى أعينهم وأصمّ آذانهم عن الإصغاء لصوت العقل واتباع القانون والوسائل المشروعة لجمع المال، فأجمعوا أمرهم على الاستيلاء على مال صاحب العمل دون وجه حق بدلاً من الاكتفاء براتبهم، وأسسوا شركة وتواصلوا مع عملاء شركتهم الأصلية، وطلبوا منهم أن يودعوا الأموال المستحقة للشركة الأصلية في حساب شركتهم الجديدة بدعوى أنه حساب جديد.
وانطلت الحيلة لبعض الوقت على بعض العملاء، غير أن الرقابة الداخلية تفطنت للأمر، وتابع صاحب العمل المعلومات التى أثبتت ما كان يجري، دون أن يُشعر المجرمين بعلمه بما يفعلون، فسارع إلى إبلاغ السلطات الرسمية التي أوقفت جميع المتورطين باحترافية عالية وباغتتهم فحالت بينهم وبين مغادرة الدولة، وأحالتهم للنيابة والمحكمة فكان جزاؤهم السجن والإلزام بردّ كل ما استولوا عليه والإبعاد عن الدولة بعد ثبوت إدانتهم بتهمة خيانة الأمانة، فَفقدوا عملهم وإقامتهم النظامية، وأضاعوا حاضرهم ومستقبلهم.
هناك مسألة قانونية مهمة تخلق نوعاً من الخلط في أذهان البعض يتعين توضيحها، ألا وهي الفرق بين جريمتي خيانة الأمانة والاحتيال، فكلتاهما تقعان على المال وتؤديان إلى الاستيلاء عليه، لكن متى يعتبر ذلك الاستيلاء احتيالاً ومتى يعتبر خيانة للأمانة؟ هناك اختلافات جوهرية بين الجريمتين بحسب القانون، فعلى الرغم من قيام المجني عليه بتسليم ماله للجاني إلا أن السبب والدافع لذلك التسليم يختلف كلية في الجريمتين، ففي جريمة خيانة الأمانة يكون المبلغ المستولى عليه مسلّماً للجاني بعقد من عقود الأمانة وديعة كانت أو ايجارة أو رهناً أو عارية الاستعمال أو الوكالة، بينما الأمر مختلف في جريمة الاحتيال، حيث يلجأ الجاني الى استخدام طريقة احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة تؤدي الى خداع المجني عليه وتحمله حملاً على تسليم ماله للجاني.
على أي حال، تنتهي كل محاولات الثراء غير المشروع والمخالف للقانون بمصير مظلم واحد وهو الندم والحسرة والخسران المبين.
محامٍ
- كل محاولات الثراء غير المشروع والمخالف للقانون تنتهي بمصير مظلم واحد هو الندم.