تسجيل المكالمات الهاتفية
في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وظهور أجهزة الاتصال الهاتفي النقالة التي تعتمد الاتصال اللاسلكي وما رافقها من تقدم تقني في تسجيل المكالمات الصادرة منها والواردة إليها، والتي لا يكاد شخص الآن يفتقر إليها؛ فأصبحت الأحاديث الشخصية عامة والهاتفية خاصة عُرضة للالتقاط والتسجيل والإفشاء، حيث أصبح من اليسير تسجيلها وحفظ تفاصيلها دون أن يشعر المتحدث مع الطرف الآخر، وتتمثل الاشكالية في الإجابة على السؤال: هل يعد تسجيل المكالمات الهاتفية جريمة؟ وماذا لو تم بث محتوى المكالمة على شبكة الإنترنت وكانت تتضمن ألفاظاً أو عبارات يعاقب عليها القانون؟ وهل تصلح أن تكون دليلاً يعتد به أمام المحاكم ضد المتحدث فيها لو احتوت على إقرار أو اعتراف بواقعة معينة؟
في البداية نوضح أن الدستور الإماراتي كفل سرية المراسلات البريدية والبرقية وغيرها من وسائل الاتصال في ضوء ما ورد بالمادة (31) منه.
وما عنت به المادة (378/أ) من قانون العقوبات الاتحادي رقم 3 لسنة 1987 بمعاقبة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد بالحبس والغرامة لكل من استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق أي جهاز من الأجهزة محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضا المجني عليه.
وبظهور وسائل التقنية الحديثة عني بها المشرع الإماراتي بالنص عليها في المادة (21/1) من القانون رقم (5) لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، بمعاقبة كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظام معلومات إلكترونياً أو إحدى وسائل تقنية المعلومات في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن مائة وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استرق السمع أو اعترض أو سجل أو نقل أو بث أو أفشى محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية.
وهنا يلاحظ أن عبارة بغير رضا المجني عليه الواردة في القانون هي مناط التجريم فإن رضي الأخير زالت السرية ولم يعد هناك حق معتدى عليه، ولابد من توافر علم المتهم بالصفة الخاصة للحديث، وأن من شأن الجهاز الذي يستعمله أن ينقل الحديث أو يسجله، ويجب أن تتجه إرادته إلى الفعل ونتيجته، أما فى حال احتوت تلك المكالمات على إقرار أو اعتراف بواقعة قانونية معينة فينعدم هذا الدليل كونه قد ولد منعدماً يعتريه البطلان.
وإجمالاً تسجيل المكالمات الهاتفية دون تصريح أو رضا لأي سبب كان وبأي وسيلة كانت فعل يعاقب عليه القانون حتى وإن لم يتم نشر محتواها.
- الدستور الإماراتي كفل سرية المراسلات البريدية والبرقية وغيرها من وسائل الاتصال.