جريمة مدمّرة!
في ظل التقدم الهائل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتزايد المستمر في أعداد مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، ظهرت أنواع مختلفة من الجرائم الإلكترونية، لكن أبشعها على الإطلاق، وأكثرها فتكاً وتدميراً من الجانبين النفسي والمعنوي قبل المادي للضحايا، هي جريمة «الابتزاز الإلكتروني»، إذ يعتمد فيها الجاني على إخضاع ضحيته، سواء كان ذكراً أم أنثى، واستغلاله بأسوأ طريقة ممكنة.
وتبدأ هذه الجريمة عادة بما يعرف بالاستدراج، فيحاول الجاني إغواء المجني عليه بشتى الطرق حتى يوقعه في شباكه، ويستطيع الحصول على الأداة التي يستخدمها لاحقاً في ابتزازه، وتحذّر دراسات حديثة من سهولة وقوع المراهقين من المستخدمين الجدد لشبكات التواصل الاجتماعي في براثن هؤلاء المجرمين، في ظل عدم تمتعهم بدراية كافية عن عالم الإنترنت، فضلاً عن ضعف قدرتهم، بحكم حداثة أعمارهم، على التمييز بين الصالحين والطالحين في هذا المحيط الهائل من العلاقات الافتراضية غير الآمنة.
والإشكالية الكبرى، بحسب الخبراء، تتمثل في أن المجرم يختبئ غالباً خلف شاشته في ركن آخر من العالم، يمارس عملاً إجرامياً بالضغط على المجني عليه بالتهديد تارة والوعيد تارة أخرى، وذلك بنشر معلومات أو صور أو تسجيلات أو معلومات شخصية وحساسة عنه لا يرغب في إظهارها على الملأ.
والابتزاز قانوناً هو أسلوب من أساليب الضغط والإكراه، يمارسه الجاني على المجني عليه لتحقيق مقاصده الإجرامية، والوصول إلى هدفه الذي قد يكون مادياً أو معنوياً أو غير أخلاقي، وتتحقق جريمة الابتزاز طالما كان الفعل ضد إرادة المجني عليه.
وبحسب القضايا والدراسات، يتصدر الاستنزاف المادي قائمة الأهداف التي يسعى المبتز إلى تحقيقها، ويرتكب عادة من قبل أفراد أو عصابات تقيم خارج بلدان الضحايا، وتبتز الأشخاص بتهديدهم بنشر الصور والفيديوهات والمعلومات التي تحصلوا عليها بأي طريقة كانت، ومطالبتهم بدفع مبالغ مالية لعدم نشرها.
ونظراً للآثار الاجتماعية والنفسية السلبية لتلك الجريمة، حرص المشرّع الإماراتي على تشديد عقوباتها في ضوء ما ورد بالمادة (16) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم (5) لسنة 2012 وتعديلاته بالنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ابتز أو هدد شخصاً آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية المعلومات، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف والاعتبار».
في النهاية، يجب على الجميع أخذ الحيطة والحذر، والحرص على معلوماتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، والإلمام بالتقنيات الحديثة، وعدم قبول دعوات صداقة من أشخاص غير معروفين، وعدم الرضوخ للمبتز، وقطع سبل التواصل معه، وإبلاغ الجهات المختصة فور التعرض لأي نوع من أنواع الابتزاز.