آراء
الجمع بين الدية والتعويض
وقائع قضيتنا، اليوم، تدور حول دعوى أقامها الورثة يطلبون فيها من المحكمة إلزام شركة التأمين بتعويضهم مادياً، بعد فقدهم مورثهم في حادث مروري، وذلك تأسيساً علي أن قائد المركبة والمؤمن عليها لدى الشركة تسبب بخطئه في وفاة مورثهم، وصدر حكم جزائي بإدانته.
وأسسوا دعواهم على إصابتهم بأضرار مادية وأدبية جراء الحادث، باعتبار أن مورثهم هو العائل لأرملته وأولادهما القصر، والقائم على شؤون حياتهم، ومصدر دخلهم، وبوفاته تضاعفت أعباؤهم المعيشية، فيما تمثلت الأضرار الأدبية في حزنهم وشعورهم بالأسى والحسرة واللوعـة، نتيجة فراق الزوج وحرمان الأولاد القصر عطف وحنان الأبوة.
وقضت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للورثة مبلغاً مالياً كتعويض، إضافة لمبلغ الدية، وأيدت محكمة التمييز المحكمة، وأرست مبدأ قانونياً، مفاده أنه ليس هناك ما يحول قانوناً دون حق ورثة المتوفى في المطالبة بالتعويض عما لحق بهم من أضرار مادية أو أدبية، نتيجة وفاة مورثهم، بالإضافة إلى حقهم في استيفاء قيمة الدية الشرعية المستحقة لهم قانوناً، والمقضي بها على مرتكب الفعل الضار الذي ترتبت عليه وفاة المورث.
القضية تثير مسألة الجمع بين الدية والتعويض، إذ نصت المادة (299)، من قانون المعاملات المدنية، على أنه يلزم التعويض عن الإيذاء الذي يقع على النفس، على أنه في الحالات التي تستحق فيها الدية أو الأرش، لا يجوز الجمع بين أيٍّ منهما وبين التعويض، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، والأرش هو جزء الدية الذي يستحق في إيذاء ما دون النفس.
وأوردت محكمة التمييز، في أحكامها، التفسير الصحيح للمادة المذكورة آنفاً، فأبانت أن المقصود من الحظر هو الجمع بين الدية الشرعية أو الأرش وبين التعويض عما يلحق بشخص المضرور، نتيجة الإيذاء الواقع عليه، أما التعويض المستحق لورثته عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب فقدانهم لمورثهم، فإنه يخرج عن نطاق التعويض الذي عناه المشرع بحظر الجمع بينه وبين الدية أو الأرش، وبالتالي فإنه يجوز للقاضي الجمع بين الدية المستحقة لورثة المتوفى، وما يكون قد لحق أشخاصهم من أضرار أدبية.
وجاء في المادة (293) من القانون ذاته أن حق الضمان يتناول الضرر الأدبي، الذي يشمل التعدي على الغير في حريته، أو في عرضه، أو في شرفه، أو سمعته أو مركزه الاجتماعي أو اعتباره المالي، ويجوز أن يقضي بالضمان للأزواج وللأقربين من الأسرة عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب موت المصاب، فالتعويض المحظور الجمع بينه وبين الدية بموجب المادة 299، إنما هو التعويض عن الضرر المادي، الذي يلحق بشخص المجني عليه نتيجة الإيذاء الذي يقع على نفسه، وينتقل إلى ورثته بوفاته، أما ذلك الذي يستحق للورثة مادياً كان أو أدبياً، نتيجة ما أصاب أشخاصهم من أضرار بسبب وفاة مورثهم، فيخرج عن التعويض الذي عني به المشرع حظر الجمع بينه وبين الدية.
محامٍ
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news