امرأة تستفزّ زوجها وتقوده إلى المحكمة بـ «المحمول»
حسمت المحكمة الاتحادية العليا نزاعاً قضائياً طويلاً استلزم طعنين ضد حكم محكمة الاستئناف، وقضت بالعفو عن رجل (خليجي) أدين في جميع مراحل التقاضي بتهمتَي الاعتداء وسبّ زوجته، بعدما تبين أن الزوجة وبناتها قمن باستفزاز الرجل وخطف هاتفه المحمول وجذبه وشدّه من رقبته، في دعوى تُعد نادرة في مسارها ونهايتها.
واعتبرت المحكمة أن الاعتداء لم يكن من جانب الرجل فقط، ولكن كان متبادلاً بين الطرفين، كونه نتيجة خلاف عائلي، وأنه تعرض للاستفزاز والضرب بدوره من قبل المرأة وبناتها.
وتفصيلاً، بدأ النزاع القضائي بين الطرفين حين أحالت النيابة العامة المتهم إلى المحكمة الابتدائية بتهمة الاعتداء على سلامة المجني عليها (زوجته) بالضرب، متسبباً في تعرضها لإصابة تحتاج إلى علاج أكثر من 20 يوماً، وتهمة سبّها بألفاظ تخدش شرفها واعتبارها.
وفي الجلسة الأولى بتاريخ 11 نوفمبر الماضي قضت محكمة أول درجة بتغريم المتهم مبلغ 5000 ألف درهم عن التهمة الأولى و3000 درهم عن التهمة الثانية وحبسه لمدة شهر، واستأنف وكيل الدفاع عن المتهم، المحامي محمد العوامي المنصوري، ضد الحكم أمام محكمة الاستئناف التي قضت من جانبها بتأييد الحكم المستأنف مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً.
من جهته، طعن الدفاع كذلك ضد حكم محكمة الاستئناف أمام المحكمة الاتحادية العليا، كما قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه للبطلان.
وبعد النظر في طلب الطاعن والنيابة العامة، نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكم محكمة الاستئناف، وذكرت في حيثيات القرار أن الطاعن أفاد بأن حكم الاستئناف باطل لمخالفته القانون، نظراً لأن مسودة الحكم الابتدائي لم يتم توقيعها من طرف القاضي، كما ظهر في نسخة الحكم الأصلية أنه صدر بتاريخ 11 نوفمبر، فيما ورد في محضر النطق أنه صدر بتاريخ 18 نوفمبر، وهذه بيانات جوهرية لا يصح صدور حكم محكمة الاستئناف بدونها أو دون وضعها في الاعتبار، لكونها تلغي حكم المحكمة الابتدائية للبطلان، وبالتالي يبطل معها حكم الاستئناف.
وأكدت «الاتحادية العليا» في حيثيات حكمها الأول أن إجراءات التقاضي وإصدار الأحكام من النظام العام، ويجوز لأي طرف إثارته في أي مرحلة من مراحل التقاضي، حتى لو كان ذلك لأول مرة أمام المحكمة العليا، وأن المقرر قضاءً أن محضر الجلسة يعتبر المرجع الأساسي الذي يعتمد عليه في مراقبة تقيد الحكم بالقواعد العامة.
وفي المرحلة الأخيرة من التقاضي، وبعد نظرها في موضوع الدعوى قضت المحكمة الاتحادية العليا بإلغاء الحكم المستأنف بإدانة الطاعن وقضت بالعفو عنه.
وأفادت في حيثياتها بأن الحكم الملغي أورد أدلة استخلص منها إدانة المتهم، شملت أقوال المجني عليها وتقريراً طبياً يتضمن الإصابات التي تعرضت لها، وهي عبارة عن سحجات باليدين وأصابع اليد اليمنى.
لكن من جانبه قرر المتهم، بحسب مذكرة الدفاع، أن الإصابات التي لحقت بالمرأة وقعت نتيجة قيامه بدفعها بعيداً عنه، كونها وبناتها قمن باستفزازه بخطف هاتفه المحمول وجذبه وشده من رقبته، وتلقيه لكمات في وجهه، وقدم تقريراً طبياً يؤكد وجود آثار ضرب واحمرار على الرقبة، وآثار بالأنف وألم في منطقة الصدر.
وبناء على ذلك تستنتج المحكمة بأن العنف كان متبادلاً بين الطاعن والمجني عليها بناءً على ما هو مثبت بالتقريرين الطبيين، وذلك بسبب خلاف عائلي نشب بينهما، ومن ثم ترى تمتعه بالعفو عملاً بنص الفقرة 101 من المادة 96 من قانون العقوبات لتوافر مقتضياته بالواقعة، كون المتهم ليس له سوابق، وأنه كان في حالة استفزاز.