إياك والخضوع!
«إياك والخضوع» هذه هي كلمة السر التي تمنح لضحايا جرائم التهديد والابتزاز الإلكتروني، لكن هل يلتزمون بها؟
هناك مظاهر وأشكال عدة لهذه الجريمة، وفي السابق كان أغلبية الضحايا من النساء، ويقعن فيها نتيجة التورط عاطفياً في علاقة بشخص دنيء يسيء استغلال ثقة الفتاة، وحين ينقلب عليها يهددها بما لديه من محتوى يخصها، سواء كان صوراً أو مقاطع فيديو، لكن مكافحة هذا النمط كانت أسهل كثيراً من جانب الأجهزة الأمنية، لأن الجاني معروف، وليس من الصعب ضبطه، ومسح ما لديه من محتوى ومعاقبته على جريمته.
لكن مع تطوّر وسائل التقنية والطفرة المرعبة لـ«سوشيال ميديا» تطورت أشكال الابتزاز الإلكتروني، حتى طالت الرجال والمراهقين بل والأطفال في أغلبية دول العالم، ولم يعد الجاني هذا الشخص المعروف الذي ينتقم أو يسعى لتحصيل مكسب قريب، بل ربما يكون شخصاً مضطرباً نفسياً يعيش في النصف الآخر من العالم، ما يصعب من عملية تعقبه كلياً، فلا يبقى أمام الأجهزة الأمنية والجهات الاجتماعية ذات الصلة إلا احتواء الضحية وتقديم كل مساعدة ممكنة لها، وأهمها توفير الدعم والمساندة ومسح أي محتوى يظهر على شبكة الإنترنت، وقبل كل ذلك التأكد من عدم الخضوع للجاني!
فالخضوع كما يجزم خبراء الأمن الإلكتروني وعلم النفس الجنائي، يحوّل الضحية إلى خاتم في إصبع المجرم، ومهما قدم إليه من وعود بأنه سيتوقف عن ابتزازه فور الاستجابة لأول طلب، سواء كان تحويل أموال أو القيام بفعل ما يطلبه المبتز، إلا أن الأخير يواصل ابتزازه لإدراكه أنه صار عجينة لينة في يده!
ولا شك إطلاقاً أن دولة الإمارات توفّر مراحل حماية تُعد الأفضل من نوعها في العالم ضد هذه الجرائم، إذ تتيح أكثر من وسيلة للتواصل السريع بجميع أجهزتها الأمنية، سواء عن طريق الهاتف أو الإنترنت، وتتدخل مباشرة لاحتواء الضحية وإنقاذه من فخ الابتزاز، فضلاً عن أن المشرع الإماراتي أوقع عقوبات صارمة بحق كل من تسول له نفسه التورط في هذه الجريمة.
ونصت المادة 16 من القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 بشأن جرائم تقنية المعلومات وتعديلاته على أنه «يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من هدد شخصاً آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف والاعتبار».
ولا يفوتنا في النهاية وبحكم ما نشهده من دعاوى، أن نحذر من عدم الانسياق في علاقات مع غرباء عبر منصات التواصل الاجتماعي، أو مشاركة صور شخصية أو أي محتوى يتخوف صاحبه من ظهوره للعلن، وفي حالة -لا قدر الله- وقع أحد في فخ هؤلاء المجرمين نكرر «إياك والخضوع».
مستشار قانوني أول