آراء
قانون «مكافحة المخدرات» الجديد
يعتبر المرسوم بقانون اتحادي رقم (30) لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية نقلة تشريعية حقيقية تعكس مواكبة المشرع الإماراتي لنبض الشارع وحرصه على تلبية احتياجات المجتمع، والتوافق مع الاتجاهات العالمية للتشريع.
وبالنظر إلى أهم ما يميز القانون الجديد المقرر تطبيقه مع بداية العام الواحد والخمسين من عمر الدولة، نجد أنه وضع في اعتباره قناعة ومطالب الأطباء وعلماء النفس والاجتماع والمشتغلين بالقانون بعدم التعامل مع متعاطي المخدرات –على طول الخط- باعتباره مجرماً يجب زجه في السجون مع عتاة الإجرام، بل هو مريض يجب علاجه وإعادة دمجه مرة أخرى في المجتمع، لذا نص في مادته السابعة على: «إنشاء مراكز متخصصة لتنفيذ عقوبة الحبس في جرائم التعاطي والاستعمال الشخصي للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، ويخضع المحكوم عليهم فيها لبرامج العلاج والتأهيل والتدريب الرياضي والمهني، بالإضافة إلى برامج الدمج الأسري والوظيفي والاجتماعي».
على أن «يصدر مجلس الوزراء اللائحة التنظيمية لعمل هذه المراكز بناء على اقتراح من وزير الداخلية بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، ويعمل بها اعتباراً من التاريخ الذي تحدده اللائحة التنظيمية، وعلى الوزارات والهيئات توفير الخدمات والبرامج المنصوص عليها في الفقرة الأولى، كل حسب اختصاصه».
وهذه تمثل نقلة إنسانية واجتماعية بكل المقاييس، كفيلة بإنقاذ الشباب الذين يتورطون في فخ الإدمان، خصوصاً صغار السن المدفوعين بالفضول وحب التجربة أو المغرر بهم من قبل أصدقاء السوء.
ومن التعديلات البارزة في التشريع الجديد، خفض عقوبة المتعاطي من الحبس سنتين إلى ثلاثة أشهر وهي الفترة الكافية علمياً لانتهاء تأثير المخدر في جسم الإنسان، لتبدأ فترة تأهيله بعد ذلك وإنقاذه، كما منح المشرع المحكمة في القانون ذاته، حق استبدال عقوبة الحبس بإيداع المتهم إحدى دور العلاج.
ولا شك أن تعديل عقوبة الإبعاد وجعلها جوازية للقاضي، بدلاً من كونها وجوبية –حسب القانون السابق- يمثل نقلة بكل المقاييس، إذ صار لدى القاضي سلطة تقديرية لكل حالة أو قضية حسب ظروفها وحجم الجرم، فمن حق كل إنسان أن يحظى بفرصة ثانية لتصحيح أوضاعه، خصوصاً إذا لم تكن لديه سوابق جنائية أو أدين بالتعاطي من قبل.
وبالنظر إلى الواقع العملي، هناك أشخاص كانوا يعملون بجد ويعيلون أسرهم بكل انضباط جربوا المخدرات لمرة واحدة، لكنها كانت كفيلة بضبطهم وإدانتهم ومن ثم إبعادهم وجوبياً عن الدولة بحكم القانون السابق، لكن في ظل التشريع الجديد يختلف الوضع، وتتساوى الفرص بين الجميع، فالمقيمون بدولتنا الحبيبة لديهم ارتباط وجداني بها، ولا شك أن هذا لن يؤثر في الردع المتوقع من الأحكام، في ظل حكمة المشرع الإماراتي وعبقرية القانون.
حفظ الله الوطن.. قيادة وشعباً وأرضاً.
محامٍ
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news