آراء
جواز سفر المحضون.. بين الولي والحاضنة
تصبح النزاعات الأسرية أكثر تعقيداً حين تنتقل إلى ساحات القضاء، فخصوم اليوم كانوا أحباء الأمس، والمودة التي كانت تربط بينهم تتحول غالباً إلى عداوة وبغضاء، ويمكن القول، بكل أسف، أن ما كان شخصياً خفياً لا يتجاوز حدود المنزل، يصير مستباحاً، وربما أداة لليّ الذراع أو الضغط بشكل أو بآخر على أحد طرفي الدعوى!
ومع وجود عشرات الجنسيات على أرض دولة الإمارات الحبيبة، تطرأ مشكلات معينة ذات صلة بهذا التنوع، مثل تعنت الولي في تسليم جوازات السفر للحاضنة حتى يمكنها السفر بالأطفال، ربما لخوفه من ألا تعود بهم مجدداً، أو لأسباب أخرى مرتبطة بشكل رئيس بطبيعة الخلاف الدائر بينهما، ومن هنا حرص المشرع الإماراتي بكل حكمة على كبح هذا التعنت، ومنع أي من الطرفين من التغول على حقوق الآخر، خصوصاً في ظل حرصه على تغليب مصلحة المحضون وجعلها فوق الجميع.
وفي ظل تلقي استفسارات عديدة حول إشكالية عناد الولي ورفضه منح جواز سفر الأطفال للحاضنة، من الضروري أن يعي الجميع أن هناك حالات حددها المشرع تتيح للحاضنة الاحتفاظ بجواز سفر المحضون، فبحسب المادة 157 من قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 وتعديلاته، يكون للولي حق الاحتفاظ بجواز المحضون إلا في حالة الحاجة إلى السفر، فيمنح الجواز للحاضنة.
وللقاضي أن يأمر بإبقاء الجواز في حوزة الحاضنة إذا رأى تعنتاً من الولي في تسليمها إياه وقت الحاجة، وهذا استثناء مرن ومهم، يبين بما لا يدع مجالاً للشك أنه، وإن كان للولي حق الاحتفاظ بالجواز، إلا أنه ليس مطلقاً، بل مقيد في جانب منه بتصرفاته.
وبحسب ما ورد بالمذكرة الإيضاحية، فإن جواز السفر وثيقة شخصية، الغرض منه مباشرة حامله حق التنقل والسفر خارج الدولة، ولإثبات شخصيته، وأثره عدم حرمان الشخص من السفر والانتفاع بالجواز في الغرض الذي أعد من أجله إلا بموجب أمر قضائي، ما مفاده أنه وإن كان الأصل هو احتفاظ الولي بجواز سفر المحضون، إلا أن ذلك مقيد بوجود المحضون والولي في بلد واحد، فإن كانا في بلدين مختلفين، لزم أن يكون جواز السفر بيد حاضنته في البلد الذي تقيم فيه بالمحضون.
ومن ضمن الحالات التي يستثنى فيها المبدأ القانوني، أن يقيم ولي الأمر والحاضنة في بلد واحد، لكن يكون الولي متعدد السفر للخارج لفترات طويلة، ففي هذه الحالة يحق للحاضنة الاحتفاظ بجواز السفر أيضاً.
وبشكل عام، ومن واقع القضايا ذات الصلة المنظورة أمام محاكم الأحوال الشخصية، فإن حرمان المحضونين من جوازات سفرهم، أو التعنت في منحهم إياه، سلوك متكرر، مرده بشكل أساسي إلى العناد، ورغبة أحد الطرفين في الانتقام من الآخر، وهو بلا شك تصرف بغيض، يتناقض مع كل القيم الإنسانية والدينية، لأن الأبناء هم الذين يدفعون الثمن غالباً!
محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news